لأنه من قلب هذا الشعب، بل إنه روحه الأصيلة، ولم يتخلَّ يوما عن إيمانه به وبأنه سينتصر فى النهاية؛ قال المناضل العظيم والراحل نصير الفقراء عمنا نجم وشخّص وأشار كأن الشعب يشير إلى هؤلاء المرضى المنفصلين عن الناس والآكلين على كل الموائد والذين كل عملهم فى كل العصور (ثورجية) كأنما هى وظيفة وليست حالة استثنائية فى ظرف استثنائى يجب أن تعود بعده الحياة لمسارها الطبيعى، يصف «أبو النجوم» هؤلاء فى حكمة بليغة: «الثورى النورى الكلامنجى هلاب الدين الشفطانجى قاعد فى الصف الأكلانجى شكلاتة وكرامللة»، إنهم كذلك يا مولانا.. تأخذنى الذكريات لمظاهرات الطعام 1977، وكنت طالبا فى كلية الطب، تظاهرنا أمام قسم شبرا نهتف هتافات تلقائية نابعة من القلب والموقف: «يشربوا ويسكى وياكلوا فراخ والشعب من الجوع أهو داخ».. والجميع فى حالة حماسة واشتعال فجأة صعد على الأكتاف أحد الذين وصفتهم فى العنوان وبدأ يهتف هتافا مقعرا عن الأيديولوجية والفقراء ملح الأرض وكلام من هذا القبيل فصرخ فيه أحدهم (عايز تقول إيه؟) فعاود المناضل المتقعر الهتاف مرة ثانية فلم يهتف وراءه أحد، بل الغريب أنهم أنزلوه بل ضربوه، وهذه هى نكبة النخب المصرية المتحجرة التى لم تستطع الوصول أبدا للناس، بل استطاع اليمين المتطرف المتأسلم هزيمتهم المرة تلو الأخرى لأنهم يلعبون على عقول البسطاء باسم الدين، وعلى بطونهم بالطعام، ولم يُنهِ هذه المأساة إلا الشعب ذاته فى «30 / 6» عندما اكتشف خواء وخيانة هذا التيار، وبعد أن استكانت تلك النخبة المتقعرة طوال سنة كاملة تخطاهم فيها الشعب وشباب «تمرد» حتى انتصر، ولكنه فى انتصاره وكما كشف الجماعة وأتباعها اكتشف الكلامنجية، بل ضرب بعضهم فى الشوارع. إن اعتراض هؤلاء الكلامنجية ومهاجمتهم لقامة عظيمة مثل د.حسام عيسى بسبب قانون التظاهر ليس له علاقة بالديمقراطية كما يزعمون ولا بالوطنية، بمفهوم الوطن وأولوياته وليس دولاراته، فأنت عندما تنفصل عن ناسك وشعبك لا تصبح منهم ولا تعنيك مصالحهم قدر مصلحتك الذاتية ولا تنظر إليهم بل فوقهم إما تعالياً أو وصولا لخارجهم حيث من يدفع ويوجه ويأمر.. القادة من هؤلاء الكلامنجية لهم أجندات ومهما عارض البعض نظرية المؤامرة فأنا مؤمن بها (وهل هناك فى السياسة والمصالح إلا المؤامرات؟!).. أما المخدوعون فهم الشباب المتحمس لأى جديد حتى لو كان رديئا، وإلا فلتقل لى «هل كل من جاهد فى أفغانستان كان يعلم أنهم جميعا -المجاهدين- صنيعة الCIA؟»، بالطبع لا، ولكن القادة كانوا يعلمون ويقبضون وأولهم «بن لادن»، وللمخابرات طريقتها فى سبر أغوار النفس وتجنيد هؤلاء: هذا يريد القيادة وهذا مصاب بالفصام... إلخ، ومشكلة الخلايا العنقودية فى أى تنظيم أنها لا تتيح كشف كل شىء لكل الأعضاء.. تظن أنك تجاهد ضد إسرائيل مثلا وأنت تعمل لصالحها دون أن تدرى، بل تموت وأنت مطمئن أنك شهيد والحقيقة أنك مغرر بك ومخدوع. والكلامنجية يملأون الأن الفضائيات ويطرحون سؤالا يظنون به أنه السؤال العبقرى الذى يهزم كل الحجج، وهو: «هل تريدون قانون تظاهر مثل سويسرا؟ كن مثلها أولا».. والإجابة أيها المتذاكون أصحاب النية السيئة أو الأغبياء أصحاب النية الحسنة أن كل شىء يبدأ بالنظام وينتهى إلى النظام، وإذا أردت أن تكون مثل سويسرا يجب أن تستقر وتعمل وتنتج ولا تتظاهر -عمّال على بطال- والاستقرار يأتى بالاستثمار والسياحة وفرص العمل، أما الفوضى فهى مطلبكم وليست مطلب الشعب الذى لا تعرفونه، والذى كرهكم وأصبح لا يطيق وجوهكم التى ظهرت فجأة فأصبحتم نجوما تقبضون الملايين ولا تريدون التخلى عن مكاسبكم حتى لو جاءت على جثة الوطن.. الوطن الذى قدمتموه إلى الإخوان على طبق من ذهب بشقاقكم وخلافاتكم الغبية والصراع الذى لا ينتهى بينكم على القيادة والزعامة.. الوطن الذى باعه بعضكم فى اجتماع «فيرمونت» الشهير وكأنه ليلة العشاء الأخير.. الوطن الذى نسيتموه وأنتم تهتفون هتاف الإخوان (يسقط يسقط حكم العسكر)، وحاولنا مرارا وتكرارا أن ننبهكم إلى أن تلك الجملة الحقيرة ضد الوطن والجيش الذى هو ظهير الشعب الوحيد ولكن بلا فائدة.. الجيش الذى قال عنه سيدكم ومولاكم والذى هو أكثر وطنية ونضالاً وشرفا منكم آلاف المرات عمنا نجم (بيادة العسكرى المصرى فوق راسى).. ولأنكم -سواء خبيث النية أو الغبى حسن النية- لم تتعلموا الدرس فها أنتم تعودون لنفس الطريق وتنقلبون على الشعب وانتصاره فى «30 / 6» بلا أى وطنية متناسين أولويات المرحلة عن قصد وتنضمون إلى أعداء الوطن وهو ما لن ينساه الشعب مهما طال الزمن.. ما يعزينا أن الشعب قد عرفكم ووضعكم فى حجمكم الطبيعى الذى هو: خواء، فراغ، لا شىء.. لقد أسقط عنكم الأقنعة فظهر الثورى النورى والكلامنجى.