مشاهد متناقضة، لا تليق بشهر رمضان الكريم أو ببيت من بيوت الله، لا سيما وأن به مقام المشيرة الكريمة «السيدة زينب»، عجوز يجلس يقرأ القرآن وبجواره شباب وأطفال نائمون على أرضية المسجد.. المصلون يتوافدون للصلاة والاحتماء من أشعة الشمس، لا تنقطع الضوضاء عن آذان هؤلاء، اشتباكات ونداءات بأصوات جهورية تملأ المكان لا تراعى سكينة وهدوء مكان العبادة. قبل صلاة العصر مباشرة، يدخل مجموعة من حاملى العصى والخشب يطوفون فى المسجد وينفخون فى النائمين «اللى نايم يصحى، روح نام فى بيتك.. هنا مفيش نوم»، مبررهم الوحيد أن حالات سرقة كثيرة تحدث داخل المسجد.. خاصة مع الناس الغرباء. عم «سيد» -أحد موظفى المسجد- مؤيد لما يفعل فريق الشباب قائلا: «الحكومة مش قادرة تيجى، وحتى خدام الجامع بيخافوا يقربوا من الحرامى»، لذا تكثر الشتائم داخل حرم المسجد والمشادات بين رواده بسبب طريقة التنبيه وحالة «الاستباحة» التى يعيشها المسجد، «أنا كل يوم بيجيلى خمس جدعان جيوبهم مقطوعة لإنهم اتسرقوا وهما نايمين»، شهادة قالها أحد العمال، على الفور اعترض شاب مرتديا «جلابية» وبجواره شنطة قماش: «دى مش طريقة.. ممكن يصحوا الناس بس بأسلوب ذوق شوية». ساحة المسجد فى نهار رمضان أصبحت مباحة للجميع، البائعون يطوفون بالتمر والسوبيا وعرق السوس «الكيس بجنيه»، والنساء تدخل المسجد فى الساحة المخصصة للرجال، وعلى أبوابه تمتد خلافات المرتزقة والبلطجية إلى الداخل، سباب وضرب بين السيدات والشباب المرتزقة أمام وداخل مقام «السيدة زينب». أحمد -طالب أزهرى- يتدخل منتقدا سلوك بعض البلطجية الذين يقيمون داخل المسجد، وتطاول بعضهم على الدين بالسب: «الدين اللى سيدنا محمد حارب عليه سنين نيجى إحنا نسبه وجوّه الجامع»، وأمام الباب الرابع ينصت عامل أحذية إلى الحوار الدائر، فيتدخل محتدما: «قلة أدب وناس مش متربية، لا محترمين نفسهم ولا محترمين بيت ربنا، وكل يوم على الحال ده». لم يرحم البلطجية الصائمين والمصلين، ففى وقت الإفطار تنشب بينهم «خناقات» بجوار موائد الرحمن الممدودة فى أرجاء المسجد لتكدير صفوهم.. والذهول يخيم على وجوه الناس مما يشاهدونه، المكان الوحيد الأكثر هدوءا هو مقام «السيدة» نفسه، حيث يلتف الزوار والمريدون حول الضريح يقرأون القرآن، ومن يفضل الإفطار بجواره يجهز مائدته حسب أسبقية الحضور، فى حين يفضل أصحاب الموائد عدم الزج بأنفسهم فى الخلافات بين بلطجية المسجد، لينحصر اهتمام كل منهم فى تقديم وجبة الإفطار لأكثر عدد من الصائمين الحاضرين.