ضابط فى كمين يستوقف سيارة أجرة، يطلب من أحد الركاب إبراز تحقيق شخصيته، فيرفض لكونه وكيل نيابة، فيتمسك الضابط بحقه القانونى ويضع «الكلابشات» فى يده، ويتمسك وكيل النيابة بحقه القانونى أيضاً ويصدر قراراً بحبس الضابط.. هذا هو ملخص واقعة طنطا، وهذه ليست بداية الأزمة ولا نهايتها، ما حدث هو سلسلة من صراع الكبار، خلاف دائم لا ينتهى بين السلطتين القضائية والتنفيذية، فالأولى تحاول التأكيد على أنها تمتلك سلطة القوة، والثانية تتمسك بحقها فى قوة السلطة. وكيل النيابة والروائى الراحل توفيق الحكيم رصد تاريخ تلك الأزمة فى رائعته الشهيرة «يوميات نائب فى الأرياف» والتى حاولت وصف العلاقة بين الشرطة والقضاء، وإجبار النيابة على السكوت عن حبس بعض المتهمين دون وجه حق، مروراً بغل يد النيابة عن التحرك أمام حالات تزييف إرادة الناخبين. «الداخلية» من جانبها، بادرت بالاعتذار لحل الأزمة، رغم اعتبار الضباط أن النيابة أخطأت فى أزمة «سوهاج»، حين حاول وكيل نيابة مجاملة صديقه، وأخطأت فى «طنطا»، حين وضع وكيل النيابة نفسه فى موضع اشتباه أدى إلى تفاقم أزمة، كان يمكن وأدها من البداية، بالإضافة إلى إصدار أمر الحبس، من قبل وكيل النيابة، دون عرض الأمر على المحامى العام، كما هو المعتاد. لكن كان للقضاة رأى آخر، حين رفض بعضهم أن تمر الأزمة مرور الكرام، واعتبروا أن ما حدث كارثة واعتداء صارخ على رئيس الضبطية القضائية من قبل مأمورى الضبط داخل نطاق اختصاصه، ويشكل 3 جرائم، هى: التعدى على هيئة قضائية، واحتجاز مواطن دون وجه حق، إضافة إلى تهمة التعذيب بسبب تقييد وكيل النيابة بالأغلال، رغم عدم وجود ما يبرر ذلك قانوناً، وهددوا كل من يقترب من القضاة أو شباب النيابة بمصير المعزول محمد مرسى.