بين يديه وقف عدد كبير من المحامين وأهالى فتيات حركة «7 الصبح» فى قاعة محكمة جنح سيدى جابر بالإسكندرية، وسط جو مشحون وعصيب، ملىء بضجيج وصراخ الأهالى وابتسامات الفتيات من خلف القضبان، غض بصره عما يُردد فى الإعلام حول القضية، وركز فى أوراقها ومحاضرها، طالب المحامون بالإفراج الفورى عن الفتيات، واصفين قرار حبسهن ب«الأمر المهين»، ثم جاء حكم القاضى الذى احتبست معه الأنفاس، وقبضت معه القلوب ليقضى بحبس 14 فتاة من فتيات «الإخوان» بالإسكندرية 11 عاماً، وإيداع 7 قاصرات «دور رعاية»، كما قضى بحبس 6 من قيادات الجماعة الهاربين بتهمة التحريض على أحداث الشغب. فور انتهاء الجلسة العصيبة جلس المستشار أحمد محمد عبدالنبى، رئيس محكمة جنح سيدى جابر وصاحب الحكم الشهير، قلقاً حائراً، فور تلقيه رسائل تهديد بالقتل على هاتفه الشخصى، فكتب إلى النائب العام يطلب منه توفير حراسة خاصة خوفاً على حياته من الاغتيال. فى نظر زملائه يعد المستشار عبدالنبى «قاضياً عادلاً» لا يعرف سوى القانون، ولا يُحكّم إلا ضميره، لكنه فى نظر الإخوان ومن يتعاطف مع الفتيات المحكوم عليهن بالحبس يعد «قاضياً مسيساً» يكيل بمكيالين ضد الإخوان، ولا تسكن الرحمة قلبه. يعيد القاضى، ذو السابعة والثلاثين عاماً، النظر فى أوراق القضية لمراجعة النفس، فلا يجد نفسه ظالماً، لكن كيف يدافع عن نفسه، وهو مقيد بالقوانين القضائية التى تمنعه من الحديث أو الدخول فى جدل. ينتمى «عبدالنبى» إلى أسرة قضائية، فوالده هو المستشار محمد عبدالنبى، رئيس محكمة استئناف الإسكندرية الأسبق، تخرج القاضى فى كلية الحقوق عام 1997، والتحق للعمل بالنيابة العامة بعدها بعامين، وتدرج فى العمل القضائى حتى وصل إلى منصب رئيس محكمة جنح سيدى جابر، وظل فى هذا المنصب لمدة ثلاث سنوات. حصل «عبدالنبى» على جائرة القاضى المثالى من رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية، تكريماً له، لحسن تعامله مع زملائه والتزامه فى العمل، لكن حكمه الأخير على فتيات الإخوان أثار غضب الكثيرين، تجلى هذا الغضب فى تعبيرات وكلمات النشطاء والشباب على مواقع التواصل الاجتماعى معتبرين أن «الحكم مسيس»، و«سريع» و«غير عادل»، إذ لم يُحاكم أحد من حركة البلاك بلوك أو الألتراس الذين ظلوا يتظاهرون ويقطعون الطريق حتى عزل الرئيس السابق محمد مرسى، حسب وصفهم. تطور الأمر من الانتقاد إلى التشهير بالقاضى من خلال نشر صورته الشخصية على الإنترنت عقاباً له على الحكم القضائى الذى أصدره على فتيات حركة «7 الصبح».