أصدر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، كتاب الفكر النقدي بين التراث والمعاصرة بعنوان "نحو نظرية عربية معاصرة في النقد الأدبي" للدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، وسيتم طرحه قريبًا في مكتبات المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية. وجاء في مقدمة الكتاب، أن العلاقة بين التراث والمعاصرة في الفكر النقدين شأن كثير من المتقابلات، ليست علاقة عداء أو قطيعة ولن تكون ولا ينبغي أن تكون وأن الوسطية التي نحملها منهجًا ثابتًا في مناحي حياتنا، ونجعل منها ميزانًا دقيقًا نزن بها أمورنا كلها، وينبغي أن نجعلها منهجا ثابتا ومعلما واضحا ننطلق منه في كل جوانب حياتنا العلمية والفكرية والفلسفية والتطبيقية، لا نحيد عن هذا المنهج قيد أنملة. وتابع الوزير في كتابه: "نحن لا نتعصب للقديم لمجرد قدمه، ولا نسلم زمام عقلنا للتقليد الأعمى دون أن نمعن النظر فيما ينقل إلينا أو يلقى علينا، فقد ميز الله الإنسان عن سائر الخلق بالعقل والفكر والتأمل والتدبر والتمييز، ونعى على من أهملوا هذه النعم ولم يوفوها حقها. وأوضح أنه لا يمكن أيضًا أن ننسلخ من هذا التراث العريق أو نقف منه موقف القطيعة ونعمل في الهواء الطلق فمن لا ماضي له لا حاضر له ولا مستقبل، بل علينا أن نأخذ من الماضي العريق النافع والمفيد الذي ننطلق به في الحاضر ونؤسس به للمستقبل. وأكد جمعة، أن في تراثنا النقدي من الفكر والثراء والتنوع ما يحتم علينا إعادة قراءة هذا التراث قراءة جديدة عصرية يمكن أن تشكل أساسًا قويًا ومتينًا لبناء نظرية عربية في النقد الأدبي، لا تنفصل عن تاريخها ولا عن هويتها ولا عن واقعها، وإننا لو أعدنا قراءة تراثنا النقدي قراءة واعية منصفة لوقفنا على كثير من كنوزه ونفائسه، واتضح لنا أن الحياة الأدبية العربية في عصرها الذهبي كانت تموج بتيارات وحركات نقدية لا تقل حيوية وأهمية عن حركة الحياة الأدبية والنقدية في القرنين العشرين والحادي والعشرين سواء في أوروبا أم في عالمنا العربي، وأن القضايا التي تناولها النقاد العرب القدماء لم تمت بموتهم، فإن الكثير منها ما زال حاضرًا بقوة في ثقافتنا الأدبية والنقدية، وما زال قادرًا على تشكيل منطلق قوي ومتين لنظرية عربية حديثة في النقد الأدبي.