يتكون مفصل الورك من رأس عظمة الفخذ وهى كرة كاملة تتحرك داخل تجويف الحُق بالحوض، وهو ثلث كرة، ويجمعهما معاً حافظة المفصل والعديد من الأربطة القوية. ودوران الكرة داخل تجويفها تنشأ عنه هذه الحركة الواسعة بين الفخذ والحوض. يعد مرض خلع مفصل الورك من أكثر أمراض الأطفال الخِلْقية انتشاراً إن لم يكن أكثرها انتشاراً قاطبة. وابتداء من عام 1992 غيرت الجمعية الأمريكية لجراحة عظام الأطفال توصيفه من مرض «خلقى» إلى مرض «نموُّى»، حيث إنه ينشأ من اختلال التجانس النموى بين رأس عظمة الفخذ وتجويف الحُق فى الجنين فى الثلاثة أشهر الأخيرة من الحمل نتيجة عوامل الضغط التى قد تؤثر على انفراج فخذى الجنين، وهو الأمر اللازم لتمركز الرأس داخل الحق وبالتالى نموهما معاً طبيعياً. ففى الحمل الأول، حيث ما زال جدار البطن قوياً وخاصة عند الإناث وفى حالة وجود توائم أو وضع مقلوب للجنين إلخ، لا ينفرج فخذا الجنين كما يجب لضيق سعة الرحم مما يحدو برأس عظمة الفخذ أن تتطرف داخل الحق ولا تلامس مركز نموه الموجود فى مركزه بفعالية، فيختل نمو الحق وتقل سعته ويحدث الخلع تدريجياً. فخلع الورك ليس بالضرورة يكون موجوداً عند الولادة، وإنما يولد الجنين معرضاً للإصابة به فى الستة أشهر الأولى من عمره فى الحالات التى أسلفنا ذكرها، ما لم يتنبه الطبيب المعالج لها فيزود الوليد فى هذه الفترة بحزام خاص يُعرف باسم مخترعه (حزام بافليك) يُبقى فخذى الوليد فى وضعى الانفراج والانقباض، وهو ما يُعرف بالوضع «الإنسانى» وهو وضع الجنين فى الرحم، فتعانق كرة رأس عظمة الفخذ مركز النمو فى الحُق فيعاود نموه ويتسع لاستيعاب الرأس ويمكن تلافى الخلع. وهذه نقطة بالغة الأهمية، وهى التى حدت بالجمعية الأمريكية إلى تغيير الوصف من خلع خلقى إلى خلع نموى، فقد كان يحدث أن يولد الطفل ويقرر الكشف الطبى عليه خلو مفصلى وركه من أى عيب، إلا أنه قد يكون من هؤلاء ذوى الاستعداد للخلع ممن ذكرنا آنفاً، فيمثل للعيادة مرة أخرى عند سن تسعة أشهر مثلاً بخلع فى أحد مفصلى وركه ويُكتب فى التقرير «خلع خلقى». ولما كانت كلمة خلع خلقى تعنى بالضرورة وجوده عند الولادة، فإن الأهل كانوا يسارعون برفع الدعاوى القضائية على الأطباء الذين وقعوا الكشف عند الولادة، وهم لم يخطئوا حيث لم يكن الخلع قد ظهر عندئذ. لذا كان من الضرورى تصحيح اسم الحالة من خلع خلقى (موجود عند الولادة) إلى خلع نموى (ينشأ نتيجة لقصور النمو) . كما أن إعادة المفصل المخلوع لوضعه الطبيعى ينشأ عنه استعادة نموه إلى الصورة الطبيعية خاصة إذا بدأ العلاج مبكراً، وهو ما يعنى أن الحالة يمكن علاجها بنسبة 100٪، وهو ما لا يتأتى للأمراض الخلقية الحقيقية. ولقد نظمت الدول المتقدمة برامج قومية من شأنها الاكتشاف المبكر للخلع عن طريق تعميم الكشف الإكلينيكى لمفصلى الورك عند كل المواليد، وعمل فحوصات بالأشعة فوق الصوتية للأطفال الأكثر عرضة ممن أسلفنا ذكرهم، وعلاجهم بحزام بافليك حتى يصل المفصل لمرحلة نموه الطبيعية، فأمكنها بذلك منع هذا الداء واستئصاله تماماً كداء شلل الأطفال مثلاً، وهو ما يبين مغزى تغيير الاسم من خلع «خلقى» إلى خلع «نموى». لكن للأسف ما زالت منطقتنا، لنقص الوعى الصحى الوقائى ونقص الإمكانات، تصادف حالات خلع مفصل الورك فى الأطفال فى سن المشى بل وفى أطفال المدارس، وقد يتأخر اكتشاف الداء أكثر إذا كان الخلع بالمفصلين. هنا يكون العلاج جراحياً برد المفصل وإجراء جراحات تكميلية كقطع بعظمة الفخذ أو الحُق أو فيهما معاً لتحسين وضع الرأس داخل الحق إذا لزم الأمر. وتتناسب نتائج الجراحات تناسباً عكسياً مع سن الطفل، فكلما صغر فى السن وقت الجراحة كانت النتائج أفضل والعكس صحيح، فنجاح الجراحات يعتمد على قدرة المفصل على استعادة نموه الطبيعى بعد الرد، وهى تضعف بطبيعة الحال مع التقدم فى السن.