قدرة مصر على إحكام قبضتها الأمنية على سيناء فى ظل معاهدة كامب ديفيد التى تحدد الوجود العسكرى فى المنطقة، ومدى إمكانية تعديل اتفاقية السلام مع إسرائيل، وانتشار الجماعات الإرهابية فى سيناء وارتباطها بجماعات فى الخارج، أسئلة طرحت نفسها بعد هجوم رفح الذى راح ضحيته 16 جندياً مصرياً، يجيب عنها فى هذا الحوار اللواء طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجى، الذى قال إن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من أعمال العنف التى قد تكون أشد وطأة من حادث كرم أبوسالم، مؤكداً أن هناك جماعات منظمة تحمل أفكارا دينية متطرفة تعمل على مهاجمة مراكز السلطة فى سيناء لإنشاء ما يسمى بالإمارة الإسلامية. * كيف ترى هجوم رفح؟ - لم أتفاجأ بما حدث، فالعملية التى استهدفت جنودنا على الحدود جاءت امتدادا لأحداث عديدة سابقة، وكان هناك العديد من الشواهد التى تؤكد قرب حدوث مثل هذه الواقعة كالهجوم على قسم العريش والعمليات الإرهابية فى الشيخ زويد وتفجير خط الغاز عدة مرات، التى أعطت إشارة إلى أن شبه جزيرة سيناء تخرج عن السيطرة المصرية، وتفتقد القبضة الأمنية. * البعض يتحدث عن أن الهجوم يمثل عملية معقدة كانت تستهدف إسرائيل فى الأساس، فما تعليقك؟ - لا يمكننى الجزم بذلك، ولكنى أؤكد أن هناك جماعات منظمة تعمل وتهاجم مراكز السلطة فى سيناء، والدعوة الإسرائيلية لرعاياها بإخلاء المنطقة قبل ساعات من الحادث توضح أن المخطط كان مكشوفاً قبل حدوثه من قبل المخابرات الإسرائيلية، لذلك أعتبر ما حدث فى رفح مقدمة وليس نهاية، فهناك أعمال أخرى ستضاف لقائمة الأفعال الإرهابية، قد تكون أشد وأكثر عنفاً من ذى قبل. * من خلال دراستك لجغرافية سيناء، أى المواقع التى تمثل هدفاً سهلاً لهذه الجماعات الإرهابية؟ - أعتقد أن النقطة «ج» التى شهدت الهجوم الأخير مناسبة لمثل هذه العمليات الإرهابية، خاصة أن الوجود الأمنى فيها محدود للغاية ولا يتعدى 750 جنديا وفقاً لاتفاقات مسبقة بين مصر وإسرائيل، إضافة إلى كونها من أنسب المناطق لإنشاء ما يسمى بالإمارة الإسلامية فى سيناء، ولكن هذا لا يمنع من إمكانية امتداد العمليات الإرهابية لمناطق أخرى. * البعض حمّل المسئولية لاتفاقية كامب ديفيد، فما تعليقك؟ - لاشك أن معاهدة السلام لها تأثير على الوجود الأمنى المصرى فى سيناء وبالتالى التوسع فى العمليات الإرهابية، لكن معاهدة السلام قائمة منذ أكثر من 30 عاماً فلا يمكن التحدث باعتبار أن الحادث جاء نتيجة المعاهدة. * لكن هل ترى أن هناك ضرورة لتعديل معاهدة كامب ديفيد؟ - هناك ضرورة لتعديل المعاهدة، حتى تتمكن مصر من فرض مزيد من السيطرة على سيناء، ولكن هناك بعض الأمور المتعلقة باتفاقية السلام التى قد تعرقل تعديلها، فلا هى محددة بفترة معينة ولا توجد آليات واضحة لتعديلها، فضلاً عن أن بنودها تحظى بأولوية عن أى معاهدات أخرى. * وفى تقديرك، هل توافق إسرائيل على تعديل الاتفاقية بما يسمح للقوات المصرية بالانتشار فى سيناء؟ - زيادة القوات المصرية فى سيناء لا بد أن يسبقه اتفاقات بين مصر وإسرائيل فى هذا الصدد لأن موافقة الجانبين شرط أساسى لتعديل المعاهدة، والمنطقى أن يحدث ذلك بما يسمح للقوات المصرية بتأمين المنطقة «ج» بما يقرب من 3000 جندى، ولكن إسرائيل لن توافق على زيادة عدد القوات المسلحة المصرية داخل أى جزء من سيناء، فالمعاهدة تنص على أن تنسحب إسرائيل من داخل سيناء ولا تتقدم مصر، الأمر الذى يمكن الجانب الإسرائيلى من العودة مرة أخرى إذا أرادت قبل أن يحشد الجانب المصرى قواه نظراً لكون هذه المنطقة فارغة عسكرياً. * لكن الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، أكد أن مصر ستنشر القوات المسلحة داخل سيناء بالكامل، فما تعليقك؟ - لا يستطيع الرئيس مرسى أو غيره أن ينشر القوات المسلحة داخل سيناء إلا إذا كان يمتلك القوه التى تتمثل فى بنود الاتفاقية، ويمكن لإسرائيل أن تغض الطرف عن تحليق بعض المروحيات أو انتشار بعض الجنود كما حدث خلال الأيام السابقة ولكن إذا أرادت أن تخلى المنطقة مرة أخرى فيمكنها ذلك. * وفى تقديرك من يتحمل مسئولية الحادث؟ - الحادث يتسم بطابع خاص، فهناك 3 أنواع من المسئولية سياسية وعامة ومحددة، ولكن لا شك أن رئيس الجمهورية مسئول مسئولية كاملة عن كل ما يحدث على الأراضى المصرية، وإن كان هذا لا ينفى تحمل المجلس العسكرى للجوانب العسكرية الخاصة بالحادث. * هناك من يحمّل مسئولية الحادث للمجلس العسكرى باعتباره غَلب الشأن السياسى على مسئولياته العسكرية، فما تعليقك؟ - هذا كلام خاطئ ويقلل من دور المؤسسة العسكرية خلال الفترة الماضية، فما حدث على الحدود لا يمكن أن نتهم فيه المجلس العسكرى بالتقصير نظراً لكونه لا يدخل ضمن اختصاصاته المباشرة، فالمجلس معنى فقط بإصدار الأوامر ووضع الاستراتيجيات ولكنه ليس جهة تنفيذ. * ما الفترة الزمنية التى نحتاجها لإحكام القبضة الأمنية على سيناء وتطهيرها من العناصر الإرهابية؟ - أعتقد أنها لن تتم فى فترة أقل من ال 6 أشهر مع ضرورة أن يكون العمل جاداً لأسباب عديدة منها الطبيعة الجغرافية لسيناء وعادات السكان وشيوخ القبائل. * ما الآليات التى يمكن استخدامها للتخلص من الإرهاب فى سيناء؟ - أعتقد أننا فى حاجة للحل التكنولوجى واللجوء لآليات كالتى استحدثتها إسرائيل على حدودها مع مصر، وبالطبع لا بد من إيجاد حلول لإغلاق الأنفاق بآليات مختلفة عن التى تستخدم فى السابق التى فشلت فى إيجاد حل جذرى لهذه المشكلة، فضلاً عن كونها عملا غير قانونى يخرج عن سيطرة الدولة. * هل نجحت التنظيمات الخارجية فى الوصول لسيناء ووجود بيئة مناسبة بين جبالها؟ - أعتقد أنه لا يوجد لدينا شىء يشير بوضوح إلى ماهية الجماعات الموجودة، لكن هذه الجماعات قامت بأعمال سابقة وأعتقد أنها تتسم بالطابع الدينى المتطرف، ويمكن أن يكون لها علاقة بتنظيمات خارجية ولكن لا أعتقد أن أهدافها تتعلق بتنظيمات كبرى، وأستبعد وجود أى علاقة لحركة حماس بالحادث، نظراً لكون مصلحة حماس تتعلق بالمحافظة على علاقتها بمصر بغض النظر عن هوية الرئيس المصرى باعتبار أن مصر هى المتنفس الوحيد لفلسطين، ولا بد من معرفه أن أى فلسطينى لن يتمكن من تنفيذ عمليات داخل مصر إلا بمساعدة بعض العناصر المصرية وبالتالى علينا البحث عن العناصر المصرية وليس الخارجية.