مراجعة الأحداث التى شهدها شهر نوفمبر منذ عام 2010 وحتى 2012 تشهد على أن أيامه التى تتزامن مع أحداث محمد محمود على وجه التحديد، هى أيام فاصلة بامتياز. فيوم الفصل يرتبط دائماً ب«ميقات» معين، هكذا شاء الله له. نحن على موعد يوم (19 نوفمبر) مع إحياء الذكرى الثانية لأحداث محمد محمود، ولا يخفى عليك أن هناك أطرافاً ثلاثة تعد العدة للنزول والاحتشاد فى هذا اليوم، تشمل: الثوار، وجماعة الإخوان، وأنصار الفريق عبدالفتاح السيسى، ولكل طرف من هذه الأطراف أهدافه المحددة من النزول. فالثوار يريدون إحياء ذكرى الشهداء والتذكير بالمطلب الذى لا يلبيه أحد بالقصاص ممن قتلهم، أما الإخوان فتريد الاصطياد فى الماء العكر واستغلال الموقف من أجل الانتقام من السلطة المؤقتة، فى حين يتذرع أنصار «السيسى» بالرغبة فى تأكيد الولاء للمؤسسة العسكرية والاحتفال بعيد ميلاد «الفريق»! ويكاد يكون فريق الثوار هو الفريق الوحيد الذى يمتلك أسباباً وجيهة للنزول فى ذكرى محمد محمود للمطالبة بالقصاص لشهداء مذبحة 2011 والذين أضيف إلى سجلهم «جيكا» الذى استشهد عام 2012، أما الإخوان فلست أدرى بأى عين ينزلون وهم الذين انصرفوا عن المشاركة فى المطالبة برحيل العسكر نوفمبر 2011 لانشغالهم بالانتخابات النيابية، أما أنصار المؤسسة العسكرية فينسون أن الثوار يتهمون «مجلس المشير طنطاوى» بالإشراف على تنفيذ المذبحة. إننى أستطيع أن أتفهم أن ينزل أنصار الفريق «السيسى» للاحتفال بعيد ميلاده (19 نوفمبر)، لكننى لا أستطيع أن أستوعب لماذا يريدون أن يكون تجمعهم فى التحرير! ولو نحينا جانباً الأسباب التى تدفع كل طرف من الأطراف الثلاثة، وبحثنا عن السؤال الأهم الذى يشغل كل فريق، فسوف نجد أنه يدور بالأساس حول الزخم العددى وحجم المشاركة المتوقع من جانب المنحازين له. فكل طرف يسعى إلى النزول بالحشد الأقوى، خصوصاً جماعة الإخوان وأنصار الفريق السيسى، أما الثوار فيعانون من مشكلة أساسية على هذا المستوى، خصوصاً أن آخر نزول حقيقى لهم كان فى 30 يونيو حين شكلوا مع أنصار الفريق «السيسى» وأطراف أخرى شكلت خليطاً متنافراً قرر أطرافه التصالح فى لحظة مؤقتة إعلاء للمصلحة الوطنية التى كانت تقتضى الوقوف فى وجه الجماعة التى أرادت هدم الدولة، واتضح للجميع أنها شديدة الترخص فى الكثير من الثوابت الوطنية، الأمر الذى أزعج هذا المركب المتنافر الذى تماسك لفترة زمنية محددة من أجل تحقيق هدف مشترك، لكن المؤكد أن هذا التماسك يتعرض لاختبار خطير ونحن على مبعدة أيام من 19 نوفمبر، حين يرى الثوار أنفسهم وجهاً لوجه مع أنصار المؤسسة العسكرية التى يعتبرون مجلسها السابق، الذى كان «السيسى» واحداً من أعضائه، هو قاتل ثوار «محمد محمود». وأخشى أن يكون هذا اليوم فاصلاً فى علاقة الثوار بمعسكر أنصار الفريق، الأمر الذى يمكن أن يعيد هيكلة المشهد السياسى الحالى برمته، لتكون تلك أولى نفحات «نوفمبر الأحزان»!