«رحلة العذاب والظلمات.. العودة من الموت.. إحنا مش مصدقين نفسنا إننا رجعنا لبلدنا بالسلامة.. إحنا اتولدنا من جديد».. هكذا وصف العائدون من تجربة الهجرة غير الشرعية إلى ليبيا، من أبناء عزبة أبوليلة بالغربى بجهورة، التابعة لمركز نجع حمادى، رحلتهم المأساوية مع خاطفيهم من العصابات المسلحة بمنطقة «البيضاء» بطبرق الليبية. «الوطن» التقت عدداً من الناجين وأسرهم ونقلت عنهم يوميات رحلة الموت.. يقول سمير فاروق، أحد العائدين من ليبيا: «حلمنا بالسفر إلى ليبيا بأى طريقة، وبعدها بدأت رحلة البحث عمّن يساعدنا فى عملية السفر ومعى مجموعة من شباب القرية، وعثرنا على صاحب مكتب للسفريات بمدينة الإسكندرية، وأخذ منا 5 آلاف جنيه لكل شخص مقابل السفر، وجاء ميعاد سفرنا الأربعاء الماضى، دخلنا طرقا غير معروفة على الحدود، وعبرنا داخل الأراضى الليبية ظهر الخميس، واستقبلتنا سيارات ليبية، وخلال سيرنا إلى مدينة طرابلس استوقفتنا مجموعة مسلحة بالقرب من كافتيريا واحتجزتنا وأخذت من كل محتجز 40 ديناراً وجوازاتنا وتأشيراتنا وكل متعلقاتنا. ويضيف: تعرضنا لإهانات بالغة، بداية من السب والضرب، وانتهاء بتهديدنا بالأسلحة، وعشنا أياماً معرضين للقتل من قِبل ميليشيات ليبية، وداخل السجن وجدنا عدداً من المصريين المحتجزين منذ عيد الأضحى المبارك، لا يعرف عنهم أحد من ذويهم ولا الحكومة المصرية شيئاً، ولم يتناولوا الطعام منذ أيام بسبب نفاد أموالهم؛ حيث تفرض العصابات على المحتجزين دفع 8 دنانير ليبية فى كل وجبة. وأضاف: إذا طلب أحد المحتجزين الذهاب إلى الحمام «عليه أن يدفع ديناراً واحداً للحارس، وعليه ألا يستغرق أكثر من 20 ثانية، وإذا زاد على المدة المحددة يتم رشقه بالمياه حتى يبلل تماماً». ويقول ممدوح شعبان، أحد العائدين: «هذه الرحلة تعد كأفلام الرعب التى نشاهدها فى التلفاز؛ فالسلاح مرفوع فى وجوهنا بكل الأماكن التى تحركنا فيها، حتى وصلنا بالقرب من كمين البيضاء، وعندها تم إنزالنا من سيارات الدفع الرباعى، وذهبنا إلى ضباط الشرطة بالكمين، وكشفوا عن التأشيرات فوجدوها مضروبة، وتم احتجازنا يوم السبت فى سجن تحت الأرض بمنطقة البيضاء مع عدد من الأفارقة وعدد كبير من المصريين». وفى اليوم الثانى من احتجازنا داخل السجن الأرضى (البيضاء)، وجدنا تليفونا مع شخص من تشاد، وأخرجت الشريحة المصرية الخاصة بى، ونقلت منها رقم والدى، وأخبرتهم بأننا محتجزون داخل سجن بالمنطقة (البيضاء)، وبعدها فى اليوم الثالث (الأحد)، جاءت السيارات الليبية التابعة للحكومة والجيش الليبى أخذتنا وختمت على «الجوازات» بعدم الدخول إلى الأراضى الليبية مرة أخرى، وسلمتنا إلى الجيش المصرى عبر منفذ مساعد العسكرى، وجدناهم كأنهم كانوا ينتظروننا ومعنا المئات من المصريين الذين كانوا محتجزين، وكانت معهم سيارات أوصلتنا إلى الإسكندرية يوم الاثنين، وركبنا سيارات محافظة قنا وعدنا إلى القرية ظهر أمس الأول. ويضيف «ممدوح»: «سلكت الطريق غير الشرعى للسفر إلى ليبيا بعدما ضاق الحال وتكرر غلق التأشيرات الليبية للعمالة المصرية خلال الفترة الأخيرة، فى ظل الالتزامات المرتبط بها، وهى الاستعداد للزواج، كغيره من شباب القرية الذين عادوا من الخارج»، وفى النهاية شكر أجهزة الأمن المصرية، خاصة القوات المسلحة والمخابرات الحربية «التى بذلت كل جهودها لإعادتنا إلى أرض الوطن بسلام». وقال «رمزى»، شقيق «ممدوح»: «فور اتصال الأهالى بى بوجود شقيقى فى سجن ليبى، أبلغت جهاز المخابرات الحربية وسار على المسار الصحيح، وأبلغت السفير بدر عبدالعاطى، المتحدث باسم وزارة الخارجية، وأيضاً أبلغت السفير على العسيرى، مساعد الوزير للشئون القنصلية، بالواقعة التى تمت، وعلى الفور تحركت هذه الجهات المعنية من السلطات الليبية، وعلى رأسهم السفير محمد أبوبكر، سفير مصر فى طرابلس، وتم إجراءات خروجهم صباح يوم الاثنين الماضى، وتم عبورهم عبر معبر مساعد البرى العسكرى بين ليبيا ومصر وتم تسليمهم إلى السلطات المصرية، ونشكر السلطات المصرية».