قالت صحيفة «جارديان» البريطانية، فى تقرير لها أمس، إن وكالة الأمن القومى الأمريكية تنصتت على هواتف ومحادثات زعماء 35 دولة، بعد أن حصلت على أرقام هواتفهم من قبل أحد مسئولى الحكومة الأمريكية. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الوثائق السرية التى سربها مستشار الأمن القومى السابق إدوارد سنودن، تؤكد أنه صدرت تعليمات لموظفى البيت الأبيض ووزارتى الخارجية والدفاع الأمريكيتين، بنقل بيانات الأرقام وسجلات الهواتف الخاصة بها، حتى يتاح للوكالة الأمريكية مراقبة أرقام الساسة الأجانب. ولفتت الوثيقة التى سربها «سنودن» إلى أن مسئولا حكوميا أمريكيا -لم تذكر الوثيقة اسمه- سلم أكثر من 200 رقم هاتف، بما فيها الأرقام الخاصة بزعماء 35 دولة، لم يذكر اسم أى منهم، إلى وكالة الأمن القومى الأمريكية، وأمر على الفور بمراقبة تلك الأرقام. وجاء فى نص الوثيقة التى جاءت بتاريخ 27 أكتوبر 2006 ونشرتها «جارديان»: «من آن إلى آخر، يسمح لوكالة الأمن القومى بالولوج إلى سجلات هواتف بعض المسئولين الأمريكيين، وتلك السجلات قد تحتوى على أرقام مسئولين سياسيين أو قادة عسكريين، وفى حالة واحدة جرت مؤخرا، زود مسئول أمريكى وكالة الأمن القومى ب200 رقم هاتف لزعماء 35 دولة»، مشيرة إلى أن الحادث ليس فرديا، وإنما يجرى بشكل دورى وأحيانا تتم العملية بمساعدة المسئولين بالإدارة الأمريكية. وأشارت «جارديان» إلى أنها حاولت الوصول إلى الإدارة الأمريكية للحصول على تعليقها بشأن الوثيقة، إلا أن المسئولين الأمريكيين رفضوا التعليق تماما، لافتة إلى أن نشر الوثيقة الجديدة يتزامن مع الأزمة العالمية التى تشهدها الولاياتالمتحدة فى علاقاتها مع بريطانياوألمانياوفرنسا ودول أمريكا اللاتينية بسبب عمليات التجسس، مؤكدة أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما بات فى عزلة دولية فى ظل تنامى الغضب الدولى ضده. فى السياق ذاته، كشف رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الأسبق دانى ياتوم عن أن المخابرات الأمريكية تتنصت على مسئولين إسرائيليين، مضيفا: «الولاياتالمتحدة لم تترك أحدا إلا وتنصتت عليه. أنا أتكلم بناءً على المعلومات التى حصلت عليها حينما كنت رئيسا ل(الموساد)، الولاياتالمتحدة تتجسس على كل حلفائها. الأمريكيون يحسبون أنه بإمكانهم فعل أى شىء يريدونه». وقال مستشار الأمن القومى الأمريكى بن رودس، إن المخاوف المتعلقة بعمليات التجسس الأمريكية كان لها تأثير كبير على العلاقات الأمريكيةالبرازيلية، لكنها لم تؤثر بشكل واسع على الصادرات الأمريكية، مؤكدا أن تقارير التجسس تسببت فى توتر العلاقات مع البرازيل، وعطلت صفقات أسلحة محتملة مع شركة «بوينج»، قيمتها أربعة مليارات دولار، مشيراً إلى أنه لا يرى بواعث قلق من أن تضر قضية التجسس بجهود إدارة أوباما لزيادة صادرات السلاح أو سياساتها الخارجية بشكل عام، فيما قال مسئول برازيلى رفيع المستوى، إن فضيحة التجسس أضعفت ثقة بلاده فى الولاياتالمتحدة. وفى ألمانيا، طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الولاياتالمتحدة، بإبرام اتفاق لمنع التجسس مع بريطانياوفرنسا بنهاية العام الحالى، لافتة إلى أن التجسس على أوثق حلفاء واشنطن لا بد أن يتوقف، وهو ما دفع فرنسا للمشاركة فى المبادرة، مع احتمالات انضمام دول أخرى لها. وقال وزير الخارجية الألمانى جيدو فيسترفيله، إن واشنطن ربما خدعت برلين فيما يتعلق بنطاق برامجها التجسسية. وعلى الجانب الفرنسى، قال الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند، إن أزمة التجسس لن تتوقف لأنه سيتم الكشف عن عمليات أخرى، مضيفا: «من الملائم البدء فورا بإجراءات، ما كشفه إدوارد سنودن حول التجسس الأمريكى أصبح (مفيدا أخيراً)، وأدى إلى مزيد من الفعالية لأجهزة المخابرات وإلى مزيد من الحماية للحياة الخاصة للمواطنين»، مؤكدا أنه لا يعلم ما إذا كان هو نفسه تعرض للتجسس أم لا، إلا أنه ما زال يستخدم هاتفه كما هو، متهكما: «أستخدم هاتفى كما أنا ولم أعد إلى العصور الحجرية». وأكد قادة الاتحاد الأوروبى أن عدم الثقة فى الولاياتالمتحدة يمكن أن يضر بالجهود الرامية لمكافحة الإرهاب، مؤكدين -فى بيان خلال اجتماعهم فى بروكسل أمس- أن انعدام الثقة فى «واشنطن» قد يمس التعاون فى عملية جمع المعلومات الاستخباراتية، مشددين فى الوقت ذاته على أن جمع المعلومات الاستخباراتية عنصر حيوى فى الحرب ضد الإرهاب.