ديوان أمير الشعراء أحمد شوقى للأطفال، امتزجت فى قصائده الفكاهة بالحكمة، فكان كحديقة تنوعت فيها أجمل زهور الأدب وأروعها، فيها من القصص الدينى الذى اتخذ منه أمير الشعراء سفينة نوح مسرحاً لتسع قصص من قصائده، تنوعت فيها الحكمة والعبرة.. ففى إحدى القصائد يشكو الطاووس من حرمانه من جمال الصوت، ويلجأ إلى سيدنا سليمان كى يمنحه هذه الهبة، غير أن نبى الله يعرف مدى غرور الطاووس، فيقول له: فلو أصبحت ذا صوت لما كلمت إنسانا! ديوان أمير الشعراء للأطفال، نعيش مع قصائده بين كتب التراث العربى الذى كان ملهماً لأمير الشعراء، منها قصيدة (الصياد والعصفورة)، عن الصياد الذى خدع العصفورة ولبس ثوب الزاهد.. فقال أمير الشعراء على لسان العصفورة: إياك أن تغتر بالزهاد.. كم تحت ثوب الزهد من صياد! تأثر أمير الشعراء بقصص كليلة ودمنة الشهيرة، وكذلك بحكايات الأديب الفرنسى الشهير (لافونتين)، ومن أجمل القصائد وأشهرها.. قصيدة (الديك والثعلب) التى تحكى قصة ثعلب أراد أن يخدع ديكاً يقف فوق الشجرة، فألقى عليه التحية وأعلن أنه جاء لينقل إليه خبرا سارا، وهو توقيع معاهدة سلام بين الحيوانات، وانتهاء الحرب بينها، فلن يعتدى أى حيوان على آخر، طلب الثعلب من الديك أن ينزل من على الشجرة ليحتفلا بهذه المناسبة السعيدة، لكن الديك الذكى أطال النظر وقال إن كلاب الصيد قادمة لتشارك فى الاحتفال، فأسرع الثعلب بالهرب، معلناً أن عنده موعداً وأنه يخشى ألا تكون الكلاب قد سمعت بأمر معاهدة السلام! وفى ختام قصيدة «الديك والثعلب» يقول أمير الشعراء على لسان الديك: مخطئ من ظن يوماً أن للثعلب ديناً. بمناسبة مرور واحد وثمانين عاماً على رحيل أمير الشعراء الذى فارقنا فى الرابع عشر من شهر أكتوبر عام 1932م، نعيش اليوم أصدقائى مع قصيدة (أمة الأرانب والفيل) لنرى كيف انتصرت مجموعة من الأرانب على الفيل الذى هدم بيوتهم واستباح أرضهم وقرر أن يطردهم منها، اجتمعت الأرانب وفكرت فى حل للمشكلة وتنوعت الحلول، فاقترح أحد الأرانب أن تترك الأرانب المكان للفيل وتهرب. وبالطبع قابل الجميع اقتراحه بالرفض، فالحل لا يكون أن تهرب من مواجهة عدوك وتتنازل عن أرضك وحريتك خوفاً منه، واقترح أرنب آخر أن تتعاون الأرانب مع الثعلب ليفكر معها فى طريقة تتخلص بها من بطش الفيل، ولكن هل الحل أن نستعين بعدو لمحاربة عدو آخر؟ بالطبع رفضت كل الأرانب هذا الحل الذى كان سيعجل بنهايتهم كوليمة للثعلب، وهنا اقترح أرنب آخر الحل العبقرى الذى يحتاج لتعاون كل الأرانب، وهو أن تحفر كل الأرانب حفرة كبيرة بحجم الفيل، وليلة بعد ليلة كانت الحفرة تتسع والأمل يقترب، حتى اكتمل الحلم ووقع الفيل فى الفخ، نتيجة شره وطمعه فى أرض الأرانب، واستطاعت الأرانب الضعيفة، بفضل ذكائها وتعاونها، أن تنتصر على الفيل القوى وعاشت فى سعادة وسلام: يا معشر الأرانب اجتمعوا، فالاجتماع قوة ثم احفروا على الطريق هوه يهوى إليها الفيل فى مروره فنستريح الدهر من شروره ديوان أمير الشعراء شوقى للأطفال بلغ عدد قصائده أكثر من خمسين قصيدة، تتسلل من أبياتها القيم النبيلة والصفات الطبية بهدوء إلى نفس كل من يقرأها، لتسكن روحه وتشكل شخصية سوية محبة للخير والحق والجمال.