هزيمة مباراة فى كرة القدم ليست النهاية لأى فريق أو منتخب، الهزائم هى التى تصطنع الانتصارات، وتمنح الخاسر فرصة للتفكير والبحث عن الأسباب الحقيقية للتراجع والانكسار، لمعالجتها وتجنبها والبدء فى تكوين فكر جديد يبدأ من خلاله الفريق فى البحث عن العودة لمكانته الطبيعية خاصة إذا كان المهزوم «بطلاً حقيقياً» اعتاد على المكسب فقط وعاش لحظات الانتصارات والأفراح والسعادة وشعر بنشوة الفوز وفقد ثقافة الهزيمة. كرة القدم علمتنا أن من يصول ويجول ويفوز، عليه أن يجدد نفسه دائماً ويجدد شبابه باستمرار، ويعلم أن النتيجة النهائية فوز فريق وهزيمة الآخر، ولكننا مع الأسف لا ننظر إلى الكرة والرياضة على أنها علم، وما زلنا ننظر إليها نظرة الجهل والهواية والمتعة، ونسينا كل قواعد اللعبة بداية من اللعب النظيف ونهاية بالتعلم من الفوز قبل الخسارة. المنتخب الوطنى للكرة الذى حقق ثلاثية أفريقيا 2006 و2008 و2010 والذى كان بإمكانه أن يحقق أعلى طموح له ولكل المصريين فى هذه الفترة بالتأهل لكأس العالم 2010 لولا الثقة الزائدة وعقدة الشمال الأفريقى، لم تنظر أى إدارة للكرة المصرية من وزارة أو اتحاد أو أجهزة فنية إلى الاستفادة من مكاسب الفوز بالدورات الثلاث. تغنينا بالمكسب والبطولات والانتصارات وكأن التاريخ الكروى توقف عند الثلاثية ولم ننظر إلى الغد وفشلنا فى التأهل للبطولة ذاتها مرتين متتاليتين 2012 و2013 وبالرغم من ذلك ما زلنا نتذكر فقط الثلاثية ولا نتذكر عدم التأهل لنفس البطولة مرتين متتاليتين للمرة الأولى فى تاريخ الكرة المصرية وأخذ الكبرياء إدارة الكرة المصرية من خلال التصريحات العنترية بإمكانية التأهل لكأس العالم 2014 رغم انتهاء الجيل الذهبى وانتهاء الثلاثية بفضيحة عدم التأهل للبطولة. والسؤال الذى يفرض نفسه: كيف لا يتأهل منتخب إلى بطولته القارية الضعيفة ويفشل فى ذلك مرتين وبعدها يعتقد الجميع أنه قادر على التأهل لكأس العالم؟ من لا يستطيع أن يحقق المطلب الأقل بالتأكيد هو غير جدير بتحقيق الطموح الأكبر، وهذا هو حال المنتخب ولاعبيه وجهازه؛ اعتقدوا أن التأهل لكأس العالم لن يتطلب منهم إلا نزهة قصيرة لمدينة كوماسى الغانية لتحقيق الفوز على المنتخب الغانى «العالمى» والعودة ببطاقة التأهل دون النظر لمباراة العودة وجاءت الفاجعة الكبرى والنكسة العظمى فى تاريخ الكرة المصرية؛ بأقوى وأكبر هزيمة لمنتخب مصرى على الصعيد الأفريقى. ورغم الفاجعة لم تصحُ الكرة المصرية من غفوتها وخرج علينا لاعبو المنتخب معلنين أن الهزيمة بفعل السحر الغانى وبرروا سوء مستواهم وفشلهم وضعف لياقتهم البدنية وإهدارهم للفرص السهلة ووقوعهم تحت أقدام مهاجمى المنتخب الغانى فى مشاهد طريفة فاضحة أثناء تسجيل لاعبى غانا الأهداف فى مرمى إكرامى والشناوى بالسحر والشعوذة. هذا أمر غير مقبول، فإذا لم نعترف ويعترف اللاعبون أنفسهم بأن هزيمة كوماسى كانت هزيمة كرة قدم حقيقية من خلال تفوق المنافس الغانى شكلاً ومضموناً، من خلال إمتاع جماهيره وتقديم مباراة تكتيكية تتناسب مع قدرات لاعبيه فجاء فوزه بالستة مناسباً تماماً لأداء المنتخب المصرى الذى لم يغير جلد الثعبان الملىء بالسموم العجوزة القديمة. اعتراف جهاز المنتخب واللاعبين بالهزيمة الفنية هى بداية عودة كرامة الكرة المصرية فى لقاء العودة بالقاهرة، ومباراة العودة لن تضيف جديداً، والخوف كل الخوف من فوز النجوم السوداء على عواجيز الفراعنة فى عقر دارهم، نعم هو أمر طبيعى لكن على الجهاز الفنى واللاعبين أن يلعبوا كرة قدم حقيقية بعيدة عن نظرية السحر والشعوذة للفوز بأى نتيجة إيجابية تحفظ ماء وجه الكرة المصرية فى ظل صعوبة التأهل للمونديال وانتهاء الحلم والأوهام بعد سداسية كوماسى.