وكالعادة عند تشكيل كل حكومة نجد هذه الحالة من التخمينات والترشيحات والاعتذارات والانسحابات والشائعات حيال تشكيلة حكومية جديدة، ولست أدرى هل زاد من حدة هذه الحالة ما يسمى النميمة الصحفية أم أنها كانت نتيجة طبيعية لما تعيشه مصر الآن من انقسامات وتخبطات وهرج سياسى. عموما كنت وما زلت أتمنى أن تعود الأمور إلى نصابها، ولتحليل ما حدث أقول الآتى: أولا: على الدكتور محمد مرسى أن يعلم أنه أمام تحدٍ كبير وأنه أول من سيتحمل أخطاء الحكومة إذا أخطأت وأن الشعب لم يعد قادرا على تحمل أى أخطاء أو سلبيات ولا يملك رفاهية الوقت وأن يتذكر أن المتربصين به وبالوطن كثر ولا يتمنون له ولا لحكومته النجاح وهذا يضاعف من حجم مسئولياته أمام الله والوطن. ثانيا: لا شك أن بعضا من هذه التخمينات كانت مفتعلة من بعض القوى والأحزاب لتمثل ضغطا على رئيس الحكومة فى اختياراته وأن انسحاب بعض الوزراء من الحكومة لم يكن من باب التعجيز وإنما لعدم قدرتهم على المواءمة الفكرية والسياسية مع القيادة الجديدة. ثالثا: أن ما حدث وضع الدكتور هشام قنديل بين خيارين لا ثالث لهما؛ إما إرضاء القوى والأحزاب على حساب المواءمة والتناغم بين أعضاء الحكومة، وإما مراعاة هذا الجانب حتى وإن لم يرض معظم القوى السياسية، وأعتقد أنه قد مال إلى الخيار الثانى. رابعا: أن الوضع الذى تعيشه البلاد الآن يحتم على كل القوى والأحزاب السياسية أن يقدموا جزءا من التضحية يتمثل فى عدم المشاركة فى الحكومة الجديدة إذا كانت هذه هى وجهة نظر رئيس الوزراء فهو من سيتحمل المسئولية. خامسا: أتعجب ممن يعترضون على مشاركة الإخوان فى الحكومة الجديدة وكأن مشاركة حزب الأغلبية أمر تستنكره الأعراف والحكومات الدولية رغم أن العرف الدولى يعترف بمشاركة حزب الأغلبية، وعلى من يستنكرون ذلك أن يفصلوا بين حبهم أو عداوتهم للإخوان المسلمين وبين أن هذا حقهم كحزب للأغلبية. سادسا: أن اختيار الأستاذ الدكتور طلعت عفيفى وزيرا للأوقاف هو الاختيار الأمثل لهذا المنصب، خصوصا أن الدكتور طلعت عفيفى عالم جليل ومحبوب من جميع التيارات ويمثل الوسطية الأزهرية الصحيحة وكان عميدا لكلية الدعوة الإسلامية لعدة سنوات ولا يختلف عليه أحد ويستطيع العبور بالوزارة والعاملين فيها إلى بر الأمان، مع كامل احترامنا لكل الأسماء التى رشحت لهذا المنصب إلا أن الأزهر له منهجه الذى يعتبر بمثابة الأمن القومى للبلاد والذى ينبغى على الجميع أن يحافظ عليه ووزارة الأوقاف هى المنبر الشرعى لهذا المنهج الوسطى المستنير، فأهل مكة أدرى بشعابها. وأخيرا: أعتقد أن الدكتور محمد يسرى قد ظلمه البعض بعد ترشحه وزيرا للأوقاف حينما حملوه أخطاء غيره من المتشددين الذين ينتمون للتيار السلفى؛ لأن الرجل، كما عرفته عالما عاقلا منفتحا حاصلا على الدكتوراه من جامعة الأزهر، يميل إلى الوسطية ويحسن الإدارة ومحب للأزهر والأزاهرة وإن كنت أتفهم وجهة نظر البعض الآخر ممن رفضوه رغبة منهم فى أن يتولى هذا المنصب من هو أزهرى النشأة والمنهج فإننى فى الوقت نفسه أتمنى للدكتور محمد يسرى التوفيق والسداد فى مسيرته العلمية والعملية.