على أبواب غرفة العمليات بمستشفى الساحل تتعلق «رشا رفعت» بستائر الغرفة فى انتظار إجراء جراحتين لشقيقتها «هويدا» وزوج شقيقتها نبيل فهمى، المصابين بطلقات الغدر فى القدمين، بينما يتعلق حِسّها المجروح ببنات شقيقتها بمستشفى «معهد ناصر»، غير أن أخبار الوجع تراكمت عليها دون رحمة.. «مريم ماتت» كانت الجملة التى أوقفت عقلها، بنت شقيقتها التى لم تتخطَ عامها ال13، وطفلتها المقربة.. «العروسة» كما يحلو لها مناداتها، تدثرت برداء أبيض لكنه ليس فستاناً، فالدماء تغطيه جراء طلقة فى الصدر وأخرى فى القلب وثالثة فى الجانب الأيمن وأخيرة فى القدم فتّتت العظام ومعها قلب «رشا»، تتصاعد أنفاسها بوتيرة أسرع، تحكى عن بهجتها أثناء خروجها من المنزل صوب الكنيسة قبل أن توقفها «مريم» لتكمل زينتها: «يا خالتو البسى شوية إكسسوار عشان تبقى أجمل من العروسة»، اصطحبتها ومعها «ناردين»، شقيقة مريم، 11 سنة، الساعة تدق الثامنة والربع، العروسان لا يزالان فى الطريق بينما تخرج عروسة أخرى فى رُدهات المكان، تطلب «ناردين» من خالتها أن يدخلا «الحمام»، ليكون الأمر بمثابة النجاة بينما يقتلع الموت روح «مريم»، أصوات الطلقات ترج الأركان، ظنّتها مشاجرة قبل أن يتضح الأمر بدخول زوج «رشا» -الذى يعمل حداداً- حاملاً شقيقته الغارقة فى الدماء، آثار طلقة نافذة فى الذراع اليمنى، أخرجوها من باب الكنيسة الخلفى، اتصلت بالعروس لتنبئها بعدم الاقتراب، ثم هرعت إلى مستشفى إمبابة المركزى قبل أن تتوالى المواجع «أختك هويدا وجوزها ومريم بيموتوا روحى شوفيهم فى المستشفى»، تُسرع الخطى علّها تكون النظرة الأخيرة، يطالعها الزوج برحيل شقيقه -سمير فهمى، 51 سنة- تمر ساعة ليأتيها انفراط عقد آخر فى العائلة «أخت حماتى ماتت، ست مالهاش ذنب كانت جاية تفرح بالعروسة شالوها فى كفن»، تقولها بصوت متقطع «ده غير مريم بنت أخت العروسة اللى ماكملتش 8 سنين»، كعب داير على المستشفيات «معهد ناصر، الحسين، الساحل، المعادى، إمبابة» هكذا قضت ليلتها، ليضحى صباحها «كعب داير» آخر على جنازات الأحبة.