أنت الآن تعرف ماذا فعلت مصر أمس فى مباراتها المصيرية أمام غانا فى كوماسى، بينما العبدلله يجب أن يسلم هذا المقال قبل المباراة، ثم يذهب بصحبة وفد فودافون إلى الاستاد ليكون ضمن 300 مشجع مصرى على أقصى تقدير وسط 30 ألف مشجع غانى أغلبهم من قبيلة الأشانتى. الرحلة كانت صعبة، والعيد بلا طعم بعيداً عن مصر، لكن التجربة تستحق، وما الدنيا إلا سفر طويل، وما كوماسى إلا ست ساعات بالطائرة لأكرا ثم مثلها إلى كوماسى بالأوتوبيس وسط مجاهل أفريقيا، وفندقنا هو نفس فندق إقامة المنتخب الغانى، بينما المنتخب المصرى فى فندق بعيد عن مركز المدينة. حاول محمد ربيع من «اليوم السابع» أن يشترى خط تليفون غانياً، وقد نجح فى ذلك ب10 سيدى (عملة غانا)، ثم حاول الوصول لفندق منتخب مصر بتاكسى طلب منه 25 سيدى، لكنه كمصرى ابن بلد وبرفقة باقى الزملاء أخبروه (هى 10 سيدى ومفيش غيرها) فرضخ السائق على الفور، لكنه لم يستطع الوصول للفندق. فيما بعد عرفنا أن خط التليفون ب2 سيدى فقط، وأن أغلب المشاوير فى التاكسى لا تتعدى 5 سيدى، وأن الغانيين «صيّع» لا مؤاخذة!! هناك زواحف غريبة نراها فى كل مكان، والشىء الوحيد الذى يمكن شراؤه هدية لأحبابنا بعد العودة هو الكاكاو، كما أنك لا بد ستندهش حين ترى نساء يحملن (أكياس) من المياه المثلجة ويبيعونها لمن يريد. قررنا الذهاب لفندق إقامة المنتخب، وشحن عمرو إبراهيم نفسه للتشجيع باعتباره من كبار مشجعى المنتخب وصديقا لأغلب المشجعين والألتراس، وكان هناك حظر على لاعبى منتخبنا لكننا قابلنا سمير عدلى الذى شهد هذه اللحظة تقريباً خمس مرات على مدار أكثر من 20 عاماً منذ رافق الجوهرى فى كأس العالم 90. بالصدفة قابلنا أبوتريكة.. مبتسم كعادته، ويلتقط صورة تاريخية مع عمر طاهر الزملكاوى الأصلى، مؤكداً أننا هنا من أجل مصر، أما نهى سعد فقد حظيت بالصورة التى تتمناها مع أبوتريكة التى ما أن ستنشرها حتى ستتلقى لعنات وشتائم الأحباب قبل الأغراب على أساس أن تريكة إخوانى وكده!!!! ملعون أبوالسياسة والتصنيفات التى أفسدت علينا حياتنا، ولربما كان أبوتريكة سبباً فى صعودنا لكأس العالم فماذا سيفعل هؤلاء؟ الغانيون يعشقون أبوتريكة الذى بنى مسجداً فى غانا عام 2008 هو وزملاؤه فى منتخب مصر، وذبحوا أبقاراً وزعوها على فقراء غانا، وعلى باب ملعب جامعة كوماسى الذى سيتدرب عليه المنتخب، كان هناك مئات الغانيين يريدون مشاهدة التدريب وتشجيع المنتخب المصرى وهم يهتفون لأبوتريكة، ووسط سمار الوجوه شق رجل مهيب يرتدى جلباباً مصرياً الصفوف، وقال باسم الوجه: سلااامو عليكووو، وبعد عليكم السلام عرفت أنه الشيخ سمير خليفة مبعوث الأزهر لمسلمى غانا. هناك سبعة مبعوثين من الأزهر لغانا، كان الشيخ سمير أحدهم، وها هو يحكى لنا عن فقر المسلمين الشديد هنا، وعن المد الإيرانى الشيعى الذى وصل لغانا!!! سألته عن أسرته فرد فى أسى: وأنا لو عندى أسرة كنت جيت هنا برضه.. أنا (سنجل) يا فندم غير متزوج. أبدى الشخ سمير استعداده لأن يؤمنا مع لاعبى المنتخب فى صلاة العيد التى لا نعرف أين سنصليها، بينما ارتفعت صيحات تشجيع الغانيين لمصر، ولفت نظرنا إحضارهم العلم المصرى معهم. وسط المشجعين جاء مصريون يعملون فى شركة المقاولون العرب، وأهدانى أحدهم زبادى مجمد يذكرك باللوليتا، وكان بطعم الفراولة وهو من أشهر المنتجات الغانية المحلية، ثم التقيت بأمير أباظة، وهو مصرى يعمل بالسفارة البريطانية فى مصر، لكنه جاء ليشجع المنتخب، وحمّس الغانيين بإجراء مسابقة لهم عن مصر فاز من أجاب فيها بجنيه مصرى فضة عليه صورة توت عنخ آمون، شعرنا وهو يتطلع إليه بأنه منبهر وكأنه يمسك بجنيه ذهب. عموماً لعب المنتخب المصرى مباراته التى تعرف أنت نتيجتها، وتعرف أن الحسم سيؤجل لمباراة العودة فى مصر، لكن تجربة السفر إلى دولة أفريقية مثل غانا تدعوك للقراءة عن أفريقيا التى هجرناها، والتى وجدت إسرائيل طريقاً إليها، إن لم نسلك طريقاً مثله فسنحصل على الدكتوراه الفخرية فى الفشل والغباء، إضافة إلى ما حصلنا عليه من قبل فى إثيوبيا.