وسط أجواء مشحونة بالحذر والحزن، يرقد 10 أفراد من المصابين فى حادث الانفجار الذى استهدف مديرية أمن جنوبسيناء أمس الأول بمستشفى الطور العام، ثلاثة منهم فى غرفة العناية المركزة، وسبعة فى عنابر المرضى، ووفقاً للدكتور محمد وائل، مدير المستشفى، تعتبر حالة اللواء حاتم أمين، نائب مدير أمن المحافظة، الأكثر خطورة، بينما حالتا المقدم حسن على والمقدم عبدالعزيز أحمد مستقرتان نسبيا، لكن الزيارة ممنوعة عنهما بسبب وضعهما تحت المراقبة حتى الآن. المصابون الموجودون فى عنابر المرضى تتنوع إصاباتهم ما بين «كسر مضاعف» و«كدمات فى الجسد» و«جروح قطعية بالرأس والصدر». «الوطن» التقت العديد منهم داخل غرف المستشفى للاطمئنان على حالتهم الصحية والتعرف على كواليس الحادث الأليم. رضا شعبان -22 سنة- مجند، جاء إلى المديرية يوم الحادث فى مأمورية برفقة أحد أمناء الشرطة لتسليم أوراق خاصة بفرع البحث الجنائى فى نويبع الذى يعمل به، أصيب بكسر فى القدم بعد استقرار شظية متطايرة فى قدمه اليمنى، وتم إجراء عملية جراحية له لكى يتم استخراجها. وعن الحدث يقول «رضا»، ابن محافظة المنيا الذى قضى 9 شهور فى الأمن المركزى من مدة تجنيده التى تصل إلى ثلاث سنوات: «بمجرد دخولنا إلى المديرية وذهابى للسلام على زملائى، حتى ينتهى أمين الشرطة من تسليم الأوراق، وقبل أن أصل إلى المبنى سمعت صوت أمين الشرطة ينادى بأعلى صوته فى محاولة لمنع السيارة من الدخول لتنفجر بعد ثوانٍ، ويتحول المكان إلى ساحة حرب»، يضيف «رضا»: «حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم، أنا كنت نازل أجازة بكرة، وبقالى شهر ما شفتش أهلى، وكان ممكن أموت زى اللى ماتوا، ربنا ينتقم منهم». أما هانى كمال عبدالعزيز، عريف شرطة، فيعمل بنقطة وادى فيران، التابعة لقسم شرطة «أبورديس»، يغطى الشاش الطبى وجهه ولا يظهر منه غير عينه وأنفه، بسبب جروح فى الرأس تم تخييطها بأكثر من 20 غرزة. فى غرفة الرعاية يرقد على سعد -38 سنة- الذى يقول إنه كان يوجد أثناء حادث الانفجار الواقع داخل مديرية أمن جنوبسيناء، لعمل جواز سفر، يروى «على»: «أنا جيت المديرية علشان أدخل إدارة الجوازات، كنت واقف على بوابة المديرية وحدث الانفجار». يقول على، الذى يعمل عامل بناء، إنه أثناء استجواب مجند أمن المديرية عن هويته، سمع صوتا يصرخ، ويقول: «انت رايح فين؟»، بعد ذلك بلحظات وقع الانفجار وفقد الوعى «أنا كنت واقف بتكلم مع العسكرى، ولقيت واحد بيصرخ وبيقول رايح فين، وفجأة حصل الانفجار». يروى محمد شعبان، أحد مجندى الشرطة بمديرية أمن جنوبسيناء، أنه كان موجوداً فى الطابق الرابع من المبنى، وسمع صوت انفجار شديد، أدى إلى إسقاطه على الأرض، ما أدى إلى حدوث آلام فى ذراعه اليمنى، عقب ذلك حدث انفجار ثانٍ أدى إلى سقوط بعض قطع من الزجاج التى أدت إلى إصابة رأسه بجروح. يقول «شعبان»، الذى يبلغ من العمر 22 سنة، ومتزوج منذ 4 أشهر فى بنى سويف مسقط رأسه، إنه عقب الانفجار الثانى، وجد أحد الموظفين فى المديرية يدعى عصام عبدالكريم، قد وقعت على رقبته قطعة من الزجاج، التى أدت بعد ذلك إلى وفاته «أنا كنت واقع على الأرض وشفت الأستاذ عصام مدبوح قدامى من الزجاج». داخل غرفة أخرى بالمستشفى، تجلس عزة محسن، 43 سنة، على السرير، تقول إنها تعمل فى إدارة الميزانية بمبنى المديرية، تروى «عزة» أنها أثناء عملها سمعت دوى انفجار شديد خارج المبنى، عقب ذلك سمعت انفجاراً آخر حتى فقدت الوعى تماما، وتم نقلها إلى المستشفى العام «أنا كنت قاعدة على مكتبى، فجأة سمعت صوت انفجار كبير هز المبنى، بعد كده انفجار تانى، فقدت الوعى بعدها، ما فوقتش إلا هنا فى المستشفى». قالت السيدة التى لديها 3 أبناء وتقطن فى مدينة الطور مع زوجها منذ 20 عاما، والتى أصابها الحادث بإصابات فى الرأس واليد: إن هذا الحادث لم يقع من قبلُ فى المدينة، وإن الناس فى المدينة يعملون فى السياحة، ومن الصعب أن يقوم أحدهم بعمل مثل هذه الأعمال الإجرامية «أنا هنا بشتغل علشان رزقى ورزق عيالى، ليه يعملوا فينا كده؟ حسبى الله ونعم الوكيل». أما محمد سعد -60 سنة- فقال إنه كان يوجد بمديرية أمن جنوبسيناء لعمل صحيفة الحالة الجنائية (فيش وتشبيه)، وأثناء وجوده مع أحد أقاربه فى الدور الرابع، سقط على الأرض مع سماع دوى انفجار شديد، عقب ذلك خرج من الباب الخلفى لمبنى المديرية، ثم تم نقله داخل سيارة الإسعاف إلى المستشفى. يمتلئ وجه «محمد» بالعديد من الإصابات، نتيجة دخول قطع من الزجاج فى وجهه، ما أدى إلى حدوث قطع فى مناطق متفرقة من الوجه والذراع، يقول الرجل الذى يقطن فى مدينة الطور منذ عام 1981: «اللى حصل ده حرام، فيه ناس ماتت وناس كتير اتصابت، ذنبهم إيه؟».