أشعل اختيار الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، للمستشار أحمد مكى نائب رئيس محكمة النقض، وعضو مجلس القضاء الأعلى السابق، لتولى حقيبة العدل بالحكومة الجديدة، الخلاف بين القضاة، فبينما رحب قضاة تيار الاستقلال بالقرار باعتبار أن مكى شيخهم، نزل القرار كالصاعقة على رأس نادى القضاة وأندية الهيئات القضائية الأخرى (النيابة الإدارية وقضايا الدولة) التى سارعت لعقد اجتماع طارئ مساء أمس الأول حضره قرابة 250 قاضيا، لإعلان رفضهم هذا الاختيار. وقال المستشار عبدالله فتحى، وكيل نادى القضاة، إن القضاة لن يتخذوا خطوة استباقية وسينظرون إلى مدى استجابة مؤسسة الرئاسة لمطلبهم بالإبقاء على المستشار عادل عبدالحميد وزيراً للعدل بدلاً من مكى، أسوة بقطاعات أخرى تمت الاستجابة لها وتم الإبقاء على وزيرها، وأضاف أن القضاة ليسوا أقل من غيرهم، ويجب احترام مطالبهم ورغباتهم. وناشد فتحى الرئيس محمد مرسى بألا يبدأ عهده بمخاصمة القضاة، وتعيين وزير على عكس رغباتهم، خاصة أن المستشار عادل عبدالحميد لا ينتمى إلى فصيل معين، وأثبت طوال عمله فى الوزارة ومن قبلها رئاسته لمجلس القضاء الأعلى أنه يعمل بتجرد وحيدة لمصلحة القضاة. وأكد وكيل نادى القضاة أن النادى ليس ضد شخص المستشار مكى، واصفاً إصرار مؤسسة الرئاسة والحكومة على اختيار مكى بأنه نوع من التعنت غير المبرر. على الجانب الآخر، قال المستشار زغلول البلشى نائب رئيس محكمة النقض وأحد رموز تيار الاستقلال، إن اختيار المستشار مكى موفق ويناسب المرحلة الحالية، ويجب على القضاة أن يلتفوا حوله ولا يعرقلوا أداء عمله. وأضاف أن أى قاض سيعترض على وجود مكى فى الوزارة يعنى أنه ضد استقلال القضاء، وهذه هى المرة الأولى فى تاريخ الوزارة يتولاها قاض يعرف بالفعل مشاكل العدالة ويستطيع أن يحلها دون خوف من أى سلطة أخرى. واعتبر أن ما يفعله المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة وفريقه لن يكون محل اهتمام من الوزير الجديد، لأنه معروف عنه أنه لا يخضع لأى تأثيرات. وقال المستشار علاء مرزوق، رئيس محكمة استئناف القاهرة وأحد رموز تيار استقلال القضاء، إن اختيار مكى هو تطور طبيعى لأشخاص شاركوا وساهموا فى إيقاد شعلة الثورة على مدار سنوات، فالوزير الجديد أول من وقف فى وجه النظام السابق عام 2005 خلال أزمة القاضيين محمود مكى وهشام البسطويسى نائبى رئيس محكمة النقض لإحالتهما إلى مجلس تأديب، وكان أول من خرج ضمن جموع القضاة إلى الشارع مرتديا وشاحه للاحتجاج على تدخل السلطة التنفيذية فى عمل السلطة القضائية والمطالبة باستقلالها، كما أنه كان أمينا عاما لمؤتمر العدالة الأول الذى عقده نادى القضاة برئاسة الراحل المستشار يحيى الرفاعى عام 1986. وهاجم المستشار مرزوق، المستشار أحمد الزند، وقال: لم نسمع عنه إلا من وقت قريب وليس له تاريخ فى النضال من أجل استقلال القضاء، ومن يحيطون به لا يمثلون جموع القضاة، وبالتالى فلا أعتقد أنه سيكون هناك صدام مؤثر بين النادى والوزارة أو بين القضاة والحكومة لأن جموع القضاة تؤيد مكى وتقف خلفه. وطالب المستشار مرزوق الوزير مكى بالعمل على احتواء نادى القضاة وإزالة الخلاف بين تيار الاستقلال والنادى، حتى يستطيع أن يعمل بدون أن يواجه أى معوقات، وأن يعمل أيضا على تغيير كل مساعديه الحاليين ورؤساء الإدارات والقطاعات المختلفة بالوزارة التى تتبع النظام القديم ويمكن أن تمثل عوامل إعاقة له فى عمله. وأضاف: منصب وزير العدل خطير لما يملكه من صلاحيات تعيين رؤساء المحاكم الابتدائية، موضحا أنه فى السابق كان الوزراء يختارون رؤساء تلك المحاكم لخدمة النظام، لكن وجود مكى، وهو قاض لديه ضمير، سيعمل على اختيار رؤساء محاكم يحققون استقلال القضاء ولا يتدخلون فى عمل القضاة. وما بين التيارين، نادى القضاة والاستقلال، يقول المستشار خالد محجوب رئيس محكمة استئناف القاهرة إن تقييمه لأداء الوزير الجديد سيتوقف على ما سيفعله، وما إذا كان سيخلع رداء السياسة ويرتدى ثوب القاضى الحريص على مصلحة القضاء والقضاة من عدمه. ويضيف: أن وزارة العدل تختلف فى تكوينها عن أى وزارة أخرى، فهى وزارة سيادية، وبها الكثير من القطاعات والإدارات المهمة، وبالتالى على مكى أن يعى أنه يجب ألا يعمل وفق استراتيجية تخدم جماعة أو تيار داخل القضاء أو فصيل سياسى بعينه، لأنه لو حدث ذلك سيصطدم بجموع القضاة، ولن يسمحوا له بالهيمنة على السلطة القضائية. ويطالب المستشار محجوب وزير العدل بالعمل على لمّ شمل القضاة، وأن يحترم تنفيذ الأحكام القضائية حتى وإن كانت خاطئة، وأن يعمل على تحقيق العدالة الناجزة وتجنب تصادم القضاة أو التصادم مع الإدارات الموجودة دخل الوزارة لمنع هدم منظومة القضاء. كانت أندية الهيئات القضائية قد اعتبرت أن وجود مكى على رأس الوزارة سيزيد من التشاحن السياسى بينه وبين الهيئات القضائية بما يؤثر على المنظومة القضائية. وقال المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، إنه تم إرسال برقية إلى الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، عبر القضاة فيها عن رغبتهم الأكيدة باعتبارهم ممثلين للسلطة القضائية فى الإبقاء على المستشار عادل عبدالحميد فى منصبه كوزير للعدل، نظراً لما لمسوه فيه من تعاون مع الهيئات القضائية، وتجرد، وحيدة، وعدم الانتماء إلى أى تيارات أو أحزاب سياسية. أضاف الزند أنه لا يوجد خلاف شخصى بينه وبين مكى، ولكن المصلحة العامة تقتضى الإبقاء على الوزير الحالى منعاً لما قد ينتج من صدامات بين القضاة والوزير خلال فترة توليه، نظراً لمواقفه السابقة والمعلنة المعادية للنادى الممثل الشرعى والمنتخب للقضاة.