وجه الناخبون العراقيون أمس، صفعة قوية إلى الطبقة السياسية المهيمنة على السلطة منذ 15 عاما، من خلال عزوف غير مسبوق عن المشاركة في الانتخابات التشريعية، ما يعزز حظوظ قوى جديدة تقول إنها خارج المنظومة المتهمة بالفساد. أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، أن نسبة المشاركة في الاقتراع بلغت 44.52%، وهي الأدنى منذ بدء الانتخابات متعددة الأحزاب في العام 2005. وأجمع المشاركون في التصويت من جميع الطوائف ومن محافظات مختلفة على الرغبة في "التغيير" وضخ دماء جديدة في نخبة حاكمة لم تتغير منذ 15 عاما. وقال مسؤول في وزارة الداخلية العراقية لوكالة فرانس برس إن ائتلاف "النصر" بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي المدعوم من الغرب، تتصدر النتائج متقدمة على "تحالف الفتح" المقرب من إيران ويضم قيادات من فصائل الحشد الشعبي التي لعبت دورا حاسما في إسناد القوات العراقية لدحر تنظيم الدولة الإسلامية. وتشير النتائج أيضا، إلى أن المرتبة الثالثة ستكون لتحالف "سائرون"، وهو ائتلاف غير مسبوق بين تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر والحزب الشيوعي، الذين يتظاهرون ضد الفساد كل يوم جمعة منذ العام 2015. ويكرر قدامى الحشد الشعبي أنهم خاطروا بحياتهم من أجل البلاد، في وقت كانت الطبقة السياسية تضع العراق في المرتبة 12 من بين البلدان الأكثر فسادا في العالم. وكانت نسبة الإحجام عن الانتخابات كبيرة جدا، بغض النظر عن الطائفة، على عكس الانتخابات السابقة التي صوت فيها الشيعة بكثافة لتثبيت سلطتهم، في حين امتنع السنة عن المشاركة بسبب إحساسهم بالتهميش إضافة إلى تهديدهم من قبل تنظيمات جهادية. - إنكار للوعود وأوضح المحلل السياسي أمير الساعدي لفرانس برس، أن "العزوف بنسبة كبيرة عن المشاركة بالانتخابات مرده ان الغالبية لم تقتنع ولم ترض بأداء الطبقة السياسية خلال الأعوام ال15 الماضية. المقاطعة مقصودة، هناك انعدام للثقة" في النواب المنتهية ولايتهم. وأشار الساعدي إلى أنه "غالبا ما كانت برامج الأحزاب السياسية خلال دورات ماضية وردية للمواطن، لكن عندما يأتي وقت التطبيق، نرى عملية تخلي وانسحاب من الوعود التي أطلقوها". وهذا ما أكده الشاب نوفل نافع (24 عاما)، بعدما قرر ألا يعطي صوته لأحد من المرشحين.