السؤال الوحيد الذى لا أعرف له إجابة فى هذا المناخ المشحون بالفوضى والإحباط والانفلات وقلة الحيلة: أين «الدولة» وكنا نظن أنها عادت إلينا بعد ثورة 30 يونيو؟. أين «الحكومة» وقد أصبح كل قرار «خازوقاً» فى «مخ» المواطن الغلبان (خليك مؤدب واقرأها «مخ»)؟. يبدو أن الدولة ما تزال «مخطوفة»، أى لا تملك المبادرة، حتى فى ملف «الأمن» الذى يُفترض أنه «أولوية».. بدليل أن فلول «الإخوان» وصلت إلى حرم الجامعة واستخدمت «مولوتوف» وأسلحة بيضاء.. الإجابة هنا «دولة بوليسية» صريحة تمنع وصول السياسة إلى مدرجات العلم.. ما دامت السياسة أصبحت إرهاباً وقلة أدب. يبدو أيضاً أن الحكومة لا تعرف -حتى الآن- إن كانت «انتقالية» أم دائمة، وأى الملفات أكثر أهمية: الأمن أم الاقتصاد.. الصحة أم التعليم.. الزراعة أم البيئة.. البطاطس أم الضبعة.. رصف الطرق أم الحد الأدنى للأجور؟. الإجابة هنا: هذه حكومة فاشلة، مرتعشة، عشوائية، «ببلاوية» الهوى والتوجه.. «حسامها» عيسى، و«زيادها» بهاء الدين، وما خفى منها «سيسى»! كل الأسئلة -خلافاً لسؤالى «الدولة» و«الحكومة»- تؤدى إلى إجابة واضحة، محددة، لا لبس فيها ولا التواء، فلماذا كل هذا «الهرى» والمناهدة واللف والدوران والمواقف المائعة؟. حزب «النور»، الذى لا يحمل من اسمه سوى «نقيضه»، أصبح كالزوجة النكدية فى لجنة الخمسين: لا بيحبها ولا قادر على بُعدها، ولم يعد ثمة شك فى أنه يسعى إلى ما لا تستطيع عصابة الإخوان أن تفعله، بعد أن أصبحت «ملطشة»، وأهدر المصريون دمها. حزب «العتمة» هذا ليس سوى شعرة فى «دقن الإخوان». قنبلة موقوتة فى لجنة الخمسين، لا بد من إبطال مفعولها أو إخلاء اللجنة منها قبل أن تنفجر فى وجوهنا، ثم ننشغل بالبحث عن «اللى ماسك الريموت»، مع أنه «إخوانى» مختبئ وراء حجر أو شجرة أو فى بيت مهجور!. لجنة الخمسين هى الأخرى حائرة و«ملخومة» فى أمور لا تحتمل نقاشاً أو سفسطة.. لا أحزاب دينية أو بمرجعية دينية وليذهب «النور» والسلفيون وكل من على شاكلتهم إلى الجحيم. الانتخابات البرلمانية بالنظام الفردى، لا قائمة ولا مختلط، وإلا فالإخوان يجلسون على ضفة النهر فى انتظار الجثة. الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية لأن مصر لن تتحمل هذه الانهيارات حتى يونيو القادم «الموعد المقترح» وهى من دون رأس يفكر ويحرك هذا الجسد المريض. الرئيس لا بد أن يبدأ من مواصفات الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وهو كما قلت «سيكونها» شاء أم أبى.. لأن الباطل لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه.. و«الباطل» بشقيه «السياسى» و«الوطنى» وليس «الدينى» أو «المقدس». ليس معقولاً أن نرفض «السيسى» -بحجة أنه «لا يريدها»، أو بحجة أننا «سنضع ديكتاتوراً جديداً»- ونحن لا نرى على المسرح سواه، ولا نثق فى «مدنى» واحد، ولا نملك إجابة عن سؤال: «إذا لم يكن هو.. فمن غيره؟». الإخوان يريدونها «نهاية مفتوحة» لإرباك البلد وإنهاك خارطة الطريق، والإيحاء بأنهم سيظلون جزءاً من اللعبة السياسية حتى لو اعتقل الأمن كل قادتهم، وحتى إذا اضطرتهم خطتهم الفاسدة إلى رفع صور السيسى وبث أغنية «تسلم الأيادى» فى مسيراتهم.. ومن ثم لا بد من إبادة «الفكرة» وتطهير «أدمغة» من سيبقى منهم، فالإقصاء السياسى، والحلول الأمنية لم تعد تكفى. أما «نحانيح» الدولة المدنية فلابد من إهمالهم والتعالى على «تخريجاتهم» البائسة، ف«عتاب الندل اجتنابه»، كما يقول المثل الشعبى، والتعامل معهم بوصفهم «شركاء» فى مرحلة حرجة كالتى تعيشها مصر الآن سيمنحهم وجوداً أكبر من حقيقتهم. وقد استاء الكثيرون من «تويتة» حقيرة وضعها محمد البرادعى على صفحته فى «تويتر»، ورأيى أن يُمنع هذا الخائن من دخول مصر بعد الآن، أو يوضع على قوائم الترقب.. وهذا أضعف الإيمان. رأيى أن تواجه الدولة «نحنحة» البرادعى، واحتمال أن يكون «جلبى» مصر المحتمل بأقصى درجات الفاشية والحسم، وأن نبتكر تعريفاً جديداً ل«الخيانة». كل الأسئلة الراهنة محسومة، وإجاباتها واضحة، لكننا -رغم ذلك- نلف وندور ونهدر طاقاتنا ووقتنا فى سؤال عبثى: «هو منين يودى على فين»؟!.