بُعث أخيراً من مرقده، وعاد فاخترق القانون واستباح السيادة ونصب منصته -دون وجه حق- وكذب وظل يكذب ويكذب أملاً فى أن يأتى يوم ويصدقه البعض..!! أتحدث عن «جوبلز» وزير الدعاية النازى الشهير ب«الجزيرة مباشر مصر» -وإن كان حقيقة الاسم «الجريمة مباشر مصر»، فما ترتكبه هذه القناة يمثل بالفعل جريمة فى حق الإعلام والمهنة، فلم تشغل بالها لا ب«ميثاق شرف الإعلام»، فقد اعتبره القائمون عليها مجرد سطور يحتضنها عادة غلاف أنيق يلجأ إليها البعض وقتما يشاء دون أن يلتزم بمبادئها أو يحدّد على ضوئها حركته وأحاديثه وممارساته.. ولم يتوقف أحد منهم عند «مدونة السلوك الإعلامى»، فهى بالنسبة لهم غير مطلوبة، فالمهم هو الشحن وإشعال الحرائق..! منذ اللحظة الأولى لثورة شعب -قادها شباب هبطوا من عالمهم الافتراضى يوم 25 يناير 2011- بدا واضحاً أن «الجريمة مباشر مصر» اختارت الانحياز والتآمر والتخطيط لإحداث الفوضى وبدا الأمر أكثر وضوحاً عندما اندلعت ثورة 30 يونيو وقتما ركل ملايين المواطنين «إخوان الشياطين» وقوى الظلام التى تعاملت مع الوطن، وكأنه رهينة أو غنيمة حرب! «المصداقية.. الحرفية.. قواعد المهنة».. كلها مجرد شعارات تتغنى بها القناة ولا يجد المشاهد أصلاً لها فى الواقع.. لقطات أرشيفية اُلتقطت لضحايا حروب أهلية فى بلاد مجاورة تعيد بثّها كأحداث جرت على أرض مصر.. ألفاظ يُجرى اختيارها لتصف ثورة أبهرت العالم بأنها «انقلاب عسكرى».. كاميرا يُجرى تثبيتها على بُعد محدد ليُظهر بثها أن مئات الآلاف قد خرجوا فى مظاهرة مناهضة لما أثمرته ثورة الشعب على الرغم من أن عددهم لا يتجاوز العشرات.. ويكفى هنا الإشارة إلى تلك المظاهرة التى ضمّت «ضحايا تجار الدم من قيادات جماعة الشياطين» فى ضاحية حلوان، التى وصفتها مراسلة للقناة بأنها تضم 25 مليون متظاهر، وكأنه جرى الاستعانة بشعب ليبيا والسودان ليشاركوا فى هذه المظاهرة، إذ إن سكان القاهرة كلهم لا يتجاوز عددهم 15 مليوناً..!! «الجريمة مباشر مصر» احترفت التزوير والاختلاق وبدا واضحاً أن عملية «اجترار» الأحداث وإعادة بثّها مرة أخرى على أنها جرت حديثاً أصبحت منهج هذه القناة التى تدّعى البحث عن الحقيقة، وهو ما فعلته أخيراً مع جامعة مصر الدولية يوم الأحد الماضى عندما أعادت بث لقطات من مظاهرات الطلاب التى جرت فى العام الماضى على أنها «بث مباشر»، وفات على القناة والقائمين عليها ومراسليها أن هذه الجامعة تحديداً قد أقرت بدء الدراسة فيها يوم الخميس الماضى، غير أنه كان «للجريمة مباشر مصر» رأى آخر أبدرت به موعد الدراسة بالجامعة أكثر من 4 أيام!! برامج القناة تحوّلت أخيراً إلى مجرد مزاد تتخلله فواصل ليعود بعدها «المذيع» ليشحن النفوس.. يزايد.. يشعلها نيراناً.. يصرخ من خلف الميكروفون.. عروقه تنفر حماساً أمام الكاميرات.. ليدّعى فى النهاية أن قناته «الجريمة» هى مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ المصالح الوطنية.. وأنها حامى حقوق البلد ومواطنيه فى مواجهة من يحاول الاعتداء عليه من جانب «الانقلابيين» ويتوهم فى النهاية أن هناك من المشاهدين من سيصدق هذه الادعاءات!! تفرقة وتعصب طائش.. ومحاولات ل«لىّ» الحقائق هى كل منهج تلك القناة، ولكن دون أن يدرى القائمون عليها أصبح كل مشاهد لها خبيراً ب«تحالفاتها.. مؤامرتها.. مخططاتها»، وأصبحنا جميعا نجيد الإبحار فى عالمها لنكتشف بواطنها ونتعرّف على حقيقتها وندرك تماماً أداءها ونكشف ادعاءاتها فهى فى حقيقتها «جوبلز مباشر مصر»!! بقيت كلمة واحدة وهى وجوب الاعتذار عن تلك السطور السابقة فقد شغلت كل هذه المساحة بمن لا يستحق.. فعذراً.