صراخ ودموع وصدمة، هكذا كان المشهد في وداع أسرة عمرو حسين وأصدقائه والآلاف من مجموعة أولتراس "وايت نايتس" التابعة لنادي الزمالك لجثمانه أمس، حيث مر اليوم طويلا على الجميع وسط مشاهد لم يكن معظم أبطالها يتخيلون معايشتها في وداع جثمان شاب، لم يبلغ من العمر سوى ستة عشر ربيعا. وفيما يلي ترصد "الوطن" أحداث الساعات الأخيرة في وداع فقيد "وايت نايتس": 8 صباحا: لم تفتح مشرحة زينهم أبوابها بعد، ولكن خارجها احتشد المئات من الشباب الذي ظهر على ملامحه علامات الأسى والحزن والصدمة، ربما لا يعرف الجميع "عمرو" عن قرب، لكنه بالتأكيد كان يجلس بجانبهم جميعا رافعا علم الزمالك وهاتفا "الزمالك ده أعظم نادي.. الزمالك أفديه بحياتي" وهو ما حدث. 11 صباحا: سيدة مكلومة تظهر أمام باب المشرحة، يتبين بعد ذلك أنها والدة "عمرو" تدخل صامتة لتلقي نظرة الوداع على نجلها أثناء "تغسيله" لتخرج بعد ذلك يرج أنينها المكان ويبكي الجميع، في الوقت الذي لم تتمالك شقيقته الكبرى نفسها فتسقط على الأرض صارخة "يعني مش هشوفك تاني يا أخويا.. حرام والله حرام". 11:30 صباحا: يخرج جثمان "عمرو" في "نعشه" يحمله "العشرات"، تتساقط دموع الشباب التي حبسوها في عيونهم طوال فترة انتظارهم على مدار ثلاث ساعات، فيما يتماسك والده أمام الكاميرات قائلا "الأولتراس رجالة، ورغم اعتراضي على انضمام عمرو ليهم لكن أنا من انهاردة واحد منهم"، ويستطرد "مش هسيب ممدوح عباس، وهجيب حق ابني". 12:30 ظهرا: لم يكن المشهد في مسجد صلاح الدين بالمنيل مألوفا في هذا اليوم، فلم يصلِ الآلاف صلاة الجنازة على رجل مسن، أو حتى شاب خلال مظاهرات مع أو ضد الإخوان، فالصلاة اليوم كانت على شاب صاحب 16 ربيعا، رفض سقوط ناديه إلى الهاوية، وطالب برحيل مجلس إدارة وصفه ب"الفاشل"، قبل أن تصيبه رصاصة الغدر في ظهره، ليقطع المشهد عقب الصلاة جملة شاب عشريني منهارا "ليه بيعملوا فينا كده؟". 3:00 عصرا: "أمانة وسلمناها"، جملة قصيرة ترددت على ألسنة بعض المتواجدين بعد دفن جثمان "عمرو" في تربته بالسادس من أكتوبر وسط انهيار تام لأسرته وأصدقائه، الذين وصفوا ما يحدث حولهم ب"الحلم"، كل شئ حدث سريعا، مرت الساعات الطويلة وكأنها دقائق، ليفيق الجميع من الصدمة على صوت "المقرئ" وهو يدعي للفقيد ليردد الجميع "آمين". 6:00 مساءً: "صوان عزاء" بمسجد الشهداء ب"الوراق" يجلس في مقدمته "أب" تظهر على ملامحه علامات الأسى رغم التماسك ومعه شقيق "عمرو" الصغير، و"عم" الفقيد الذي يؤكد الجميع باستمرار "هو اللي مربي عمرو"، زحام شديد الجميع يقدم التعازي، فيما يرفض أصدقائه من "وايت نايتس" تلقي العزاء قبل "القصاص"، وعلى الجانب الآخر الانهيار يسيطر على والدته وشقيقته اللتين رفضتا الحديث مع أحد، أو ربما لا يشعران بوجود أحد من الأساس. انتهى اليوم، لكن لم تنته القضية التي تبحث الجهات المعنية ملابساتها.. انتهى اليوم، لكنه ترك جرحا عميقا داخل أسرة لن ترى نجلها بعد هذا اليوم، وأصدقاء يقسمون طوال الوقت أن "حق عمرو راجع راجع".