المادة بنصها «مصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة» تُقيّد التشريع لصالحهم وتمنع تماماً الاستفادة ببعض أحكام المذهب الشيعى حتى لو كانت لصالح المسلمين «أينما توجد مصلحة الأمة فثم شرع الله»، فأهل الشيعة على سبيل المثال يمتنعون عن الأخذ بأحاديث النبى المروية عن أهل السنة لكنهم يأخذون ببعض الأحاديث عن أهل السنة حين تؤيد منهجهم كحديث ابن الأكوع عن زواج المتعة. ولقد أرجع المشرّع فى قانون الوصية الواجبة التى أخذ بها القانون المصرى فى عشرينيات القرن الماضى إلى جواز هذا لدى المذهب الشيعى «وهو أن يرث أبناء المتوفى الذى مات أثناء حياة والده عند وفاته» «وعند أهل السنة لا إرث لهم». كذلك فى حادثة العبارة «السلام 2» والتى فقد فيها المصريون أكثر من ألف شهيد كان لزاماً على الدولة أن تمتنع عن صرف مستحقات وحقوق الذى غرق ولم تظهر جثته لمدة أربع سنوات ووجد الرئيس الأسبق ضالته عند مذهب الشيعة الجعفرية التى تثبت الوفاة دون جثة إذا كان الهلاك حتمياً. ونأخذ مثالاً كيف اختلف أهل السنة والجماعة حول غياب الزوج أو فقده والخلاف بينهم وبين المذهب الشيعى (الزيدية والجعفرية). * الحنيفية والشافعية: امرأة المفقود لا تتزوج حتى يتبين موته أو فراقه وحجتهم حديث ضعيف للنبى (صلى الله عليه وسلم): «امرأة المفقود امرأته حتى يأتى زوجها»، والحجة أيضاً ما قاله على بن أبى طالب: «لا تتزوج امرأة المفقود حتى يأتى مواته أو طلاقه»، وهذا ليس أمراً واجباً على المسلمين لأنه ليس من النبى عليه السلام. واختلفوا فى المدة فمنهم من قال الانتظار مائة وعشرين سنة من مولده، أو موت أقرانه، أو مائة سنة، أو تسعين، ثم تعتد الزوجة بعد ذلك أربعة أشهر وعشرة أيام ثم تتزوج (عدة الأرملة). * الحنابلة: إذا كانت الغيبة ظاهرها الهلاك كأن يخرج فى قافلة، أو مكان قريب، أو سفر بحر ولا يعود الزوج تنتظر الزوجة أربع سنوات ثم تعتد وتتزوج. ويستندون فى ذلك لحادثة عمر بن الخطاب أن امرأة جاءته فقدت زوجها فقال لها: تربصى (انتظرى) أربع سنوات فتربصت ثم عادت إليه فقال: اعتدى فاعتدت (العدة أربعة أشهر وعشرة أيام) ثم جاءت له فطلب ولىَّ زوجها وطلقها. وإذا كانت الغيبة ظاهرها السلامة كسفره لتجارة أو علم فتتربص المرأة تسعين عاماً ثم تعتد وتتزوج. * المالكية: المفقود إذا كان فى دار سلام «ديار المسلمين» فتتربص الزوجة أربع سنوات بعد البحث والعجز ثم تعتد وتتزوج. أما إذا كان المفقود فى دار كفر فيُعامل معاملة الأسير وتتربص المرأة مدة التعمير «بلوغ الزوج سن السبعين من ولادته ثم تعتد وتتزوج»، ولا أعرف متى وكيف تتزوج المرأة فى هذه السن؟ * الشيعة سواء الزيدية أو الجعفرية: فالأمر لديهم فى غياب الزوج متروك للقاضى للحكم فى هذا الشأن إذا تقدمت الزوجة طلباً للطلاق للضرر، فإذا كان للمرأة الحق فى طلب الطلاق للعنّة «عجز الزوج» فمن باب أولى حقها فى المطالبة بفسخ العقد إذا غاب الزوج ووجب رفع الضرر عن الزوجة. ومن المذاهب أيضاً لديهم وقوع الوفاة لغياب الزوج فوراً إذا كان الهلاك للرجل أمراً حتمياً. وهذا ما أخذ به الرئيس الأسبق فى حالة من ماتوا وغرقوا فى العبارة «السلام 2» وبمساعدة الأزهر فى هذا الشأن. الغرض: ليس فى هذا إكبار لمذهب الشيعة أو إنقاص لشأنهم، ولست فى هذا الأمر مؤيداً للمذهب الشيعى لكن ما نريده أن نفتح الأبواب جميعها على كل المذاهب للاستفادة بما فيه مصالح الناس والعباد وليس تحت دعاوى الانغلاق والفهم الخاطئ نصد أنفسنا عن الاستفادة بكافة المذاهب بما فيه مصلحتنا. والسؤال: على أى مذهب فى الدستور الإخوانى سيلتزم المشرّع ويحكم القاضى إذا كان الخلاف فى كل الأمور على النحو الذى شرحته سابقاً. هذا بعض من كل، والمجال لا يتسع لذلك، وما ذكرناه مجرد أمثلة.