جاءت حركة تنقلات ضباط الشرطة التى أعلنها وزير الداخلية أمس الأول مخيبة لآمال كثيرين ممن توقعوا مفاجآت تتناسب مع المطالبات بتطهير الداخلية وإقصاء ضباط التعذيب، خاصة فى جهاز مباحث أمن الدولة المنحل وتقديمهم للمحاكمات، فى حين جرت ترقية بعضهم ونقل البعض لمواقع أخرى. شملت الحركة التى وصفت بالأكبر فى تاريخ الداخلية 3800 ضابط، بنسبة 10% من إجمالى الضباط البالغ عددهم أكثر من 34 ألف ضابط، بينهم 454 لواء انتهت مدة خدمتهم. المفارقة الأبرز التى شهدتها الحملة نقل اللواء رفعت قمصان مساعد الوزير لقطاع الشئون الإدارية إلى منصب مساعد الوزير لقطاع الرعاية الاجتماعية، وقمصان عمل ضابطا بجهاز أمن الدولة وتولى جمع التحريات فى قضية «سلسبيل» الشهيرة عام 1992 التى اتهم فيها قيادات من جماعة الإخوان، ثم تولى مهمة إدارة الانتخابات، التى كانت مبررا لبقائه والتجديد له أكثر من مرة، لدرجة وصفه بأنه «جنرال الانتخابات»، وبعد سقوط النظام السابق وحرص «إبراهيم» على التجديد له أسوة بسلفه منصور العيسوى. لم تشهد الحركة أى تغييرات هامة توحى للشارع بالتغيير، حتى أنها لم تشمل مساعدى الوزير وقيادات الأمن الوطنى، ومديرى أمن محافظات القاهرة الكبرى، ولم تتطرق للمطالبات التى ترددت بتطهير الوزارة من رجال حبيب العادلى الذين يدينون له بالولاء، وترددت أنباء أنهم لا يزالون يحكمون السيطرة فى معظم النواحى الفنية والأمنية والإدارية بالوزارة، ما وقف حائلا أمام نجاح 3 وزراء داخلية، وكان عاملا مساعدا لعجزهم عن سحب البساط من تحت أقدام هذه القيادات. ولم ترض الحركة الضباط المنقولين أنفسهم، وانهالت عشرات التظلمات على الوزارة أمس، تتهمها بعدم مراعاة البعد الإنسانى الذى أكد الوزير عليه عند إعلان الحركة، بنقلهم لأماكن نائية أو عدم الاعتداد بطلبات قدموها، تضمنت ظروفا تمنعهم من الابتعاد عن محال سكنهم، بالإضافة إلى عدد من الحالات المرضية، التى لم تراعَ فى الحركة لأسباب مجهولة، حسب مصادر بالوزارة. فى الوقت نفسه، دفعت تخوفات بعضها معلن والآخر لا يزال خفيا، عددا كبيرا من عقداء وعمداء الشرطة للتقدم بطلبات إنهاء الخدمة والاستقالة، وبحث غالبيتهم لنفسه عن فرصة عمل أو مشروع خاص بعد التقاعد، تأمينا للمستقبل، واللافت للنظر أن الحركة لم تتعرض لعدد كبير من الضباط المسئولين عن الملف الدينى والجماعات الإسلامية وملفات التطرف الذين طالما طاردوا الإخوان والجماعات الإسلامية قبل الثورة، ما يفتح المجال أمام تكهنات عن تغييرات جديدة قادمة قد تكون نتيجة ضغوط شعبية أو نتيجة التغيير السياسى فى الفترة المقبلة.