هدوء ما بعد العاصفة.. جرائم قتل بشعة هزت قرية الشوبك الشرقي، في مدينة الصف جنوب محافظة الجيزة، ولا حديث يعلو فوق سرد جرائم القتل خلال الشهرين الماضيين. كانت الجريمة الأولى، في منتصف فبراير الماضي، حيث قتل عاطل ابن عمه وفصل رأسه عن جسده لسرقة "التوك توك" الخاص به. أما الجريمة الثانية، فكانت من قبل أعمام الضحية، فقد أخذوا بالثأر وقتل شقيق المتهم المحبوس على ذمة قضية القتل على طريقة فيلم المولد للفنان عادل إمام، بتوثيق الضحية بالحبال وتكميم فمه، وإلقاء جثته في النيل بعد ربط قوالب خرسانية بها كي لا يتمكن من النجاة، لكن للقدر نصيب في الحادث إذا ظهرت جثة الضحية في منطقة البدرشين، وتمكنت القوات خلال 10 أيام، من الكشف عن تفاصيل الواقعة، وتبين أن دافع الجريمة "خصومة ثارية". جاءت تفاصيل الأحداث كما وردت في أوراق تحريات الأجهزة الأمنية، وتحقيقات النيابة، وأقوال شيخ البلد، واعترافات 11 شخصا من أفراد العائلة، كالتالي: - جثة في نهر النيل: في صباح ال27 مارس الماضي، ظهرت جثة طافية في نهر النيل بمنطقة البدرشين، جنوبالجيزة، وأبلغ الأهالي مركز شرطة البدرشين بالعثور على جثة في النيل، وانتقل المقدم محمد أبو القاسم رئيس مباحث مركز شرطة البدرشين بصحبة اثنين من معاونيه إلى مكان الواقعة. وتمكنت القوات بمساعدة قوات الإنقاذ النهري من انتشال الجثة، وتبين أن الجثة لشاب كان مكبل اليدين والقدمين وعلى فمه شريط لاصق، وأخطر المقدم محمد أبو القاسم رئيس مباحث البدرشين، واللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث، بتفاصيل العثور على الجثة. وانتقل اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث، بصحبة فريق من ضباط المباحث على رأسهم اللواء محمد عبدالتواب مدير المباحث الجنائية، والعميد ناجي كامل رئيس المباحث الجنائية لقطاع جنوبالجيزة، إلى مكان البلاغ لمعاينة الجثة ومناظرتها. وجاءت مناظة الجثة كالتالي: "جثة لشاب في العقد الثالث من العمر، يرتدي بنطال جينز أزرق اللون، وفانلة حمراء اللون، ومربوط بحبل أخضر اللون غليظ من قدميه، وملفوف بشال أحمر في أبيض رجالي عل رقبته، وملفوف بلاصق لحام على عينه ولا توجد أي معالم على وجهه لوجوده فترة طويلة في مياه النيل، ولا يمكن تحديد ملامحه".. ونقلت الجثة إلى مستشفى البدرشين، لحين تصرف النيابة العامة بشأنها، وتحرر المحضر رقم 1742 لسنة 2018 إداري البدرشين. - خصومة ثأرية: عقب الانتهاء من مناظرة الجثة، ومعاينة مسرح الجريمة، عقد اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث اجتماعا مع ضباط إدارة البحث الجنائية بقطاع جنوبالجيزة، لوضع خطة بحث وتحر لكشف ملابسات الواقعة، واستعرض اللواء الديب خطة البحث، وهي فحص حالات الغياب المبلغ بها وغير المبلغ بها في دوائر القسم والأقسام المجاورة بالمنطقة، وفحص الخصومات الثأرية بدائرة المركز والدوائر المجاورة. وبعد مرور 10 أيام على العثور على الجثة، توصلت التحريات التي قادها العميد ناجي كامل رئيس المباحث الجنائية لقطاع جنوبالجيزة، والمقدم محمد أبو القاسم رئيس مباحث مركز البدرشين، إلى أن الجثة لنجار مسلح يدعى "هشام.خ" 30 عاما، مقيم في قرية الشوبك الشرقي بمدينة الصف. وأكدت التحريات من خلال أقوال أسرته، أنه مختفٍ منذ فترة، وأن هناك خصومة ثأرية لأسرته مع أبناء عمومته تتمثل في قيام شقيقه "محمد.خ" 18 سنة عاطل، والمحبوس احتياطيا على ذمة القضية رقم 607 لسنة 2018 إداري مركز الصف، بتهمة قطع رقبة ابن عمه وفصلها عن جسده لسرقة "التوك توك" الخاص به. وجاءت التحريات، آنذاك أنه في منتصف شهر فبراير الماضي استدرج المتهم "المحبوس" ابن عمه "إسلام.خ" 13 عاما، إلى منطقة زراعية بالصف، وقطع رقبته بسكين وسرقة هاتفه المحمول لمروره بضائقة مالية وضبط المتهم، عقب ارتكابه للواقعة، وحبس على ذمة القضية. - حق الدم: عقب ارتكاب شقيق الضحية جريمة قتل ابن عمه، طلب أعمام الضحية من أسرة المتهم تسليم شقيقه لهم لقتله والأخذ بالثأر، وبالفعل سلموا شقيق المتهم إليهم، وأخذوا الضحية في سيارة ميكروباص، وبعد ذلك وثقوه بالحبال وربطوا حجارة به وقوالب خرسانية، ووضعوا شريطا لاصقا على عينيه وفمه، وألقوه من فوق كوبري الإخصاص بالصف في النيل، وبعد مرور عدة أيام ظهرت الجثة فب منطقة البدرشين، "أخذنا بالثأر لقتل شقيق الضحية لابن عمه في منتصف شهر فبراير الماضي"، بحسب التحريات. - جلسة صلح بعد قتل الضحية عقد الطرفان من "عائلة واحدة"، جلسة عرفية وتصالحوا لإنهاء الثأر بينهم وأولاد عمومتهم بالاتفاق مع شيخ البلدة وكبير العائلة. وأرسلت النيابة التحريات إلى النيابة العامة مرفقة بجلسة الصلح، وصدر قرار بضبط وإحضار 6 متهمين قتلوا الضحية، وانطلقت مأمورية من مباحث البدرشين، بالتنسيق مع مباحث الصف، وضبط المتهمون بارتكاب واقعة القتل، ونقلوا تحت حراسة أمنية مشددة إلى النيابة التي تباشر التحقيق، وطلبت النيابة تحريات المباحث حول الواقعة. - ثأر لم ينتهِ: وقال مصدر أمني، إن جرائم الثأر لا يمكن القضاء عليها بالجهود الأمنية، لأنها ناتجة عن نزاعات قبلية ويلعب فيها عمداء العائلات والقبائل دورا كبيرا سواء بتهدئتها أو إضفاء مزيد من الشحن بين الجانبين، وبذلك تتحول معها الجرائم الفردية إلى نزاعات عائلية، ويكثر معها عدد القتلى من الجانبين، موضحًا أن تلك الجرائم تحتاج إلى تكاتف جهود المجتمع من أجل الحد منها، والقضاء عليها بداية من عمداء العائلات حتى تفعيل القانون بشكل حازم مع الخارجين عليه. وحاولت "الوطن" التواصل مع طرفي القضية، إلا أنهما رفضا الحديث عن تلك الواقعة.