حينما ذهب أحد أفراد أسرتى لشراء مستلزمات المنزل إذا بالبائع يسأل عنى ويقول له: «إحنا بنحترم الأستاذة ولكن زعلانين منها لأنها بتكره الإخوان» عندما قامت ثورة 25 يناير تصور الناس أن كل شىء فى مصر قد تغير.. وأننا قمنا بثورة عظيمة راح ضحيتها أعز ما نملك من شباب هذا الوطن. وفجأة انفض الميدان بعد تنحى رأس النظام.. واكتشف الناس أن شيئاً لم يتغير.. لا فى السلوك ولا فى العادات ولا حتى فى التفكير الذى رسخته الأنظمة السابقة. وانقسم الشارع المصرى إلى فريقين؛ فريق يمثل الإسلام السياسى -الذى كان من أهم سلبياته عدم تقبل الآخر- وفريق آخر يمثل التيار المدنى. ووصل عدم تقبل كل منهما للآخر حتى فى حياتنا اليومية، ومن هنا سأقص عليكم تجربة شخصية. حينما ذهب أحد أفراد أسرتى لشراء مستلزمات المنزل إذا بالبائع يسأل عنى ويقول له: «إحنا بنحترم الأستاذة ولكن زعلانين منها لأنها بتكره الإخوان».. فاندهش قريبى من هذا التعبير لأنه يعلم مدى تقديرى واحترامى للعديد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين فى مصر.. وسأل البائع: لماذا تقول هذا الكلام؟ فقال البائع: لأن تصريحاتها أنها غير راضية عن قرار رئيس الجمهورية ولم تحضر جلسات مجلس الشعب بعد العودة. وتبادل معه الحوار موضحاً أن الاختلاف لا يعنى الكراهية بل إن الاختلاف رحمة وأن الاختلاف أحياناً قد يؤدى إلى الإصلاح. وتذكرت ما حدث لزملائى النواب أمام المحكمة من اعتداءات لمجرد الاختلاف فى الرأى.. ترى هل نرسى شريعة الغاب؟ أن نتحول إلى فريق لتصفية الحسابات وكأننا عملنا ثورة لكى نسقط أشخاصاً ونأتى بأشخاص آخرين ينتهجون نفس المنهج بشكل آخر. ما حدث من تصريحات عند نبأ وفاة اللواء عمر سليمان لا يرضى أحداً سواء اختلفنا مع اللواء أو اتفقنا، فلا يستطيع أحد أن يحرّم الصلاة على أحد لم تثبت ضده أى إدانة إلا أنه من وجهة نظر فريق من المصريين من النظام السابق ويرى آخرون أنه مواطن مصرى خدم مصر فى أشرف المهن وأنه واحد ممن وضعوا رأسهم على أكفهم للدفاع عن أمن مصر القومى. يجب احترام وجهتى النظر ولا يفرض فصيل على الآخر رأيه ولا يحرم ما لا يجب تحريمه ويجب أن نتعلم ثقافة الاختلاف ولا نجبر الناس على الاقتناع بآرائنا عن طريق الدين ويكون هو السلاح الذى نحارب به الآخرين. وهنا توقفت لحظة أتساءل فيها مع نفسى: من هو المسئول.. هل النخب والمثقفون هم الذين حولوا الخلاف فى الرأى إلى عداء.. أم بعض وسائل الإعلام هى التى سعت لتوسيع هوة الخلاف.. أم هى ثقافة دخيلة على المجتمع المصرى؟ من هنا وجب علينا جميعاً أن نتحمل المسئولية تجاه شعبنا العظيم بأن نرسى ثقافات عديدة افتقدها المجتمع المصرى أهمها ثقافة الاختلاف وأن المثل المصرى القديم يقول: «الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية..» أيها المثقفون والنخب اتقوا الله فى شعب مصر العظيم..