لم يختلف أغلب المصريين على خارطة الطريق التى أُعلنت فى الثالث من يوليو عقب ثورة 30 يونيو، إلا أنه ورغم هذا التأييد الشعبى لهذه الثورة وخارطة المستقبل ظهرت على السطح بعض المفاهيم والأفكار المرتبكة التى تمثل انحرافاً عن ذلك الخط المستقيم الرابط بمستقبل ننشده جميعاً، وتتمثل بعض هذه التخبطات الفكرية فيما يلى: أولاً: تلك المزايدات السياسية المستندة على رفاهية سياسية لا نملكها الآن ولم يفوض أحد شعبياً لطرحها، وأبرزها هذا التزيد السياسى الذى يمارسه الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية الذى انهمك فى طرح مبادرات للمصالحة مع تيار ثار عليه المصريون، ولولا تلك الثورة ما كان سيادته ومجلس وزرائه جالسين فى مكاتبهم.. زياد بهاء الدين المعنىّ بوضع خارطة طريق تتضمن حلولاً سريعة للخروج من الأزمة الاقتصادية وآليات لتشجيع الاستثمار وتحقيق العدالة الاجتماعية للتخفيف من المشاكل الحياتية اليومية التى يعانى منها بسطاء المواطنين.. ورغم تحفظنا من البداية على تشكيل الحكومة بهذا العدد من الوزراء (36 وزيراً ) فى ظل وضع مالى واقتصادى حرج جداً كان يستوجب إعلان حالة التقشف وتقليص عدد الوزارات وضعاً فى الاعتبار ضعف الموازنة العامة للدولة التى تعانى من عجز مالى اقترب من 20% من الدخل القومى.. هذه الحكومة بدلاً من أن تحل المشكلة الاقتصادية الكارثية باتت منهمكة، كما قلنا فى حديث سياسى سفسطائى عن مصالحات وخلافه فى وقت نحن فى أمَس الحاجة فيه لحلول وقتية وسريعة لمشكلات البلد الاقتصادية.. إلا أنه ثبت صحة وجهة نظرنا التى كانت رافضة لضم أى من المحزبين للحكومة والمجىء بحكومة تكنوقراط، فها هو «الببلاوى» ونائبه يمارسان عملهما كحزبيين وليس كمتخصصين. ثانياً: وجود حالة من التخبط وعدم الاحترافية من مؤسسة الرئاسة ظهرت بوضوح فى أدائها خلال الفترة المنقضية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ذلك التأخر فى تشكيل لجنة الخمسين لإعلان الدستور لدرجة وصلت لمخاطبة الأحزاب الليبرالية للاجتماع وانتخاب ممثليها فى لجنة الخمسين، حيث وجهت الخطابات ظهر يوم الثلاثاء السابع والعشرين من أغسطس وذيلت الخطابات بضرورة إرسال الترشيحات فى ذات اليوم، وهو ما أثار دهشة وصدمة الأحزاب الليبرالية وعدم اكتراثها بالرد على هذا الطلب العبثى.. علامات استفهام آخرى تثار حول تكليف الخلوق أحمد المسلمانى المستشار الإعلامى للرئيس بلقاء قيادات الأحزاب السياسية، حيث كان الأجدى أن يقوم بهذه اللقاءات المستشار السياسى للرئيس وليس المستشار الإعلامى.. هذا إضافة إلى أن الأحزاب التى قابلها منها الحزب الناصرى الذى لم ينجح فى تخطى عتبة النصف بالمائة من أصوات الناخبين فى الانتخابات البرلمانية الماضية وحزب التجمع الذى لم يمثل بأكثر من عضو فى البرلمان «المنحل» فى وقت لم يقابل فيه أحزاباً بحجم المصريين الأحرار والمؤتمر حصلت على مقاعد غير قليلة فى آخر برلمان. ثالثاً: تشكيل لجنة الخمسين بهذا الشكل ربما أحدث توازناً يقترب من تحقق تمثيل أغلب فئات وطوائف المجتمع ولكن المثير للاستغراب هو اختيار الدكتور محمد أبوالغار رئيس الحزب المصرى الديمقراطى (الاجتماعى) كممثل للأحزاب الليبرالية، علماً بأن الحزب عضو فى الاشتراكية الدولية مما يدل على أن الحزب أقرب لليسار.. ولكن يبدو أن اختياره كان بضغط من رئيس الوزراء ونائبه المنتميين للحزب ذاته.. أيضاً اختيار بعض الوجوه التى شاركت من البداية حتى النهاية فى إعداد دستور 2012 الساقط مثل القاضى محمد عبدالسلام مستشار شيخ الأزهر والدكتور صفوت البياضى وهما ممن رفضوا الانسحاب مع ممثلى التيار المدنى من الجمعية التأسيسية الماضية. هذه بعض الملاحظات السريعة على الفترة الانتقالية وتشكيل لجنة الخمسين نسردها من منطلق حرصنا على تصويب الأداء ودفع هذه المرحلة وليس من أجل الإعاقة.