آن الأوان فى مصر، وبعد شبه انقطاع عن العالم من حولنا منذ أن بدأت الثورة، لأن نعود لمتابعة الشئون الإقليمية والدولية والاضطلاع بأدوار مؤثرة بمجرياتها. فلم نعد نحتمل رفاهية الانكفاء على الذات والاكتفاء برد الفعل فقط حين تؤثر علينا الأحداث خارج حدودنا. تحتاج مصر الرسمية والسياسية والشعبية للاهتمام المنظم بشئون حوض النيل والعرب وقضايا الشرق الأوسط. ولا بد للقوى الوطنية بفصائلها الإسلامية والليبرالبة واليسارية من التوافق حول أجندة للسياسة الخارجية تنطلق من المصالح الحيوية (مياه النيل، التعاون الاقتصادى والتجارى، تحرير الأرض العربية)، ومن الالتزام المبدئى بحقوق الإنسان والديمقراطية. تحتاج مصر للانفتاح على التجارب التنموية الناجحة فى أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا وأوروبا الشرقية. والإشارة هنا للتنمية بمعناها الإنسانى المتكامل وبمضامين أساسية هى الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم. نحتاج لإرسال فرق عمل لهذه المناطق المختلفة لدراسة تجاربها والإفادة منها، ويستطيع رئيس الجمهورية، إن أراد توسيع مساحة فعله والخروج من النقاشات الداخلية الخانقة، أن يتبنى إرسال بعثات دراسية وتنموية للبرازيل وجنوب أفريقيا وغانا وشيلى والهند وماليزيا وجمهورية التشيك وكرواتيا بجانب تركيا ويربط هذه البعثات بالوزارات المصرية وبالقطاع الخاص ومن ثم يضمن ترجمة المعارف إلى بدايات تجربة تنموية مصرية. فقد تقدم العالم من حولنا ولحقت بعض الدول الأفريقية بركب التقدم ونحن ما زلنا نهدر الوقت والطاقة. تحتاج مصر لأن تنظر من حولها وهى واثقة أن ثورتها، مهما كانت العثرات والعوائق، وضعتها على طريق تقدم وتنمية بشرية، وأنها تقدر على التعاون مع الدول القاصية والدانية دون خوف. نريد العودة بعد توقف طويل للإسهام فى الحضارة البشرية عبر تجربة تنموية مصرية تفتح ذراعيها للعالم كله ولا ينظر بها الرسميون فقط إلى مصادر الدعم المالى السريع فى الخليج أو غيره. نريد العودة للعالم بنقاشاته حول التعليم والتكنولوجيا وتحقيق العدالة الاجتماعية، والانعتاق من شرنقة النظر للداخل فقط والخوف من العالم أو الاكتفاء بالنظرة النفعية له. السيد الرئيس، تَبَنَّ إرسال بعثات دراسية وتنموية للخارج مموّلة من الدولة ومن القطاع الخاص ومَكِّن مصر من الخروج من شرنقة الخوف والتأخر.