سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الوطن» مع عمال المحلة ساعة الإفطار: «اللهم حقق لنا العدالة الاجتماعية.. وانتقم من كل ظالم».. آمين إفطار أول يوم اعتصام فى رمضان: وجبات من رجل أعمال.. ومسيرة بعد صلاة التراويح.. وجلسات سمر
لليوم السابع على التوالى يواصل آلاف من عمال المحلة اعتصامهم فى ساحات الشركة، ممتنعين عن الدخول إلى ورشهم، ورافضين تشغيل الماكينات، للتأكيد على مواصلة احتجاجاتهم ورفع مطالبهم، وأبرزها إقالة فؤاد عبدالعليم رئيس الشركة القابضة، وصرف مكافأة نهاية الخدمة والحوافز والأرباح. «الوطن» حضرت وقائع أول إفطار جماعى ينظمه العمال فى أول أيام شهر رمضان المبارك، أمام تمثال طلعت حرب، حيث تناول العمال وجبات جاهزة، قدمها لهم أحد رجال الأعمال، والوجبة عبارة عن علبة تحتوى على مكرونة، وقطعة دجاج مشوى، وافترشوا الأرض بمصليات وسجاد للصلاة، وما إن رفع العامل مسعد إبراهيم أذان المغرب، معلناً نهاية يوم الصيام الأول داخل مصنع غزل المحلة، حتى بدأت أيادى العمال ترتفع إلى أفواههم بثمار التمر المرطب، متوجهين بدعائهم إلى السماء: «يارب العدالة الاجتماعية، وربنا ينتقم من كل ظالم مفترى»، ثم تناولوا إفطارهم، بعدما انتهوا من أداء فريضة المغرب، والدعاء إلى الله أن ينصفهم ويحقق آمالهم وتستجيب الحكومة لمطالبهم. يشكو «مسعد»، الذى أقام الأذان من حساسية على الصدر، لم تمنعه من صيام أول أيام رمضان، مسعد حاول مراراً الحصول على إجازة مرضية من المستشفى التابع لمصنع غزل ونسيج المحلة، دون جدوى، رغم أنه يجزم باستحقاقه لهذه الإجازة. وبعد صلاة التراويح نظم العمال مسيرة ضمت المئات منهم، جابوا المصنع الذى يضم بداخله منازل المهندسين، وفيلات رؤساء القطاعات، هتافاتهم نادت بضرورة تطبيق العدالة الاجتماعية «يادكتور يا دكتور الحد الأدنى للأجور»، «عيش حرية عدالة اجتماعية»، يحتك بعض العمال من وقت لآخر بأسوار الفيلات، يضرب بعض العمال هذه الأسوار بعصيانهم وبعضهم يجذب فروع الشجر المتدلية عليها. وقال محمد العايق، أحد العمال: «المهندس فؤاد عبدالعليم رئيس الشركة القابضة، قال لنا خلوا اللى اتفقتوا معاه على زيادة رواتبكم يدفعها لكم ويوم السبت هتشتغلوا زى الكلاب، إحنا بقى مش هنشتغل لأننا مش كلاب». أحاديث جانبية عن العدالة الاجتماعية التى يتطلع إليها المصريون، وكيفية القضاء على الفساد المستشرى فى البلاد، هكذا قضى عمال المحلة الوقت خلال اعتصامهم، تزايدت أعداد المتظاهرين المحتجين من العمال ساعة صلاة الجمعة، ثم تراجعت أعدادهم مع اقتراب موعد الإفطار، لتزداد مرة أخرى بعد صلاة التراويح. بين الحين والآخر تصل مجموعات عمالية من مصانع أخرى لإعلان التضامن مع عمال المحلة، ووصل صباح أمس وفد من عمال شركة ميت غمر للغزل والنسيج، رافعين لافتات كبيرة حملت عبارات تضامن مع عمال غزل المحلة. جمال جاد، أحد عمال المحلة، جلس على مائدة الإفطار داخل المصنع يحكى عن المشكلات التى تعرض لها: «كنت من الناس اللى بتفاوض على المطالب ومعتقدش إن فيه حاجة هتتحقق لأنى عارف مدى إصرار الناس اللى احنا ضدهم على موقفهم، وعدم تقديمهم تنازلات»، هكذا يفقد جاد ثقته فى الإدارة كما فقدها من قبل فى نقابة العمال التى يرى أنها باطلة، ويكمل: «دخلت انتخابات النقابة وسقطت بالتزوير فجمعنا توقيعات لسحب الثقة منها، ولم يكن لهذه التوقيعات أى لزمة وآدى النقابة داخلة فى سنتها ال 6، أى زيادة فى مرتباتنا بتبقى بفضيحة، لو زودونى جنيه بخرج من باب المصنع بائع الخضار عارفه، يزود علىَّ الحاجة اللى بشتريها، ومبيحصلش إنى أستفيد من الزيادة فى المرتب، اللى بييجى من اليمين بيروح من الشمال». قال حسام بدراوى، من قسم المراقبة الصناعية: «المكان ده مليان فساد، إحنا بنستلم مواد مغشوشة من الآخر، والإدارة هى السبب فى شراها، الصودا الكاوية بنشتريها مغشوشة ب5 آلاف جنيه للطن، وفيه مادة اسمها (البيندر) بنستخدمها فى تثبيت الألوان، بيشتروها من مكان بتركيز أقل من اللى فى الورق بكتير، وبتدخل المصنع على أنها مادة مركزة، وهى أصلاً عبارة عن مياه، وتيجى تتكلم فى حاجة زى دى تتحول للتحقيق، ده مال سايب». قليلاً ما يخرج الحديث فى هذه الليلة عن رصد العاملين بالمصنع لمواطن الفساد فيه، يقول المهندس أيمن أبووالى، مدير إدارة فى قطاع الإنتاج: « الإدارة سيئة، بعض الأصناف فى المصنع تباع بأقل من سعر تكلفتها، يعنى بيكون فيه خسائر يتحملها المصنع، خسائر تصل ل «جنيه ونص» فى المتر يعنى فى 5 ملايين متر بيبقى فيه حوالى 6.5 مليون جنيه خسائر». وأضاف: «الكارثة أننى طورت بعض الخامات بحيث أنتجت نفس المنتجات بتكلفة أقل، ووفرت على الشركة وقتها 139 ألف جنيه فى الصنفين شهرياً، فكان جزائى من الشركة تحويلى للشئون القانونية، لأنى انتقدت إدارة الشركة، ولأنى قدمت تقريراً للجهاز المركزى للمحاسبات وجهاز الرقابة الإدارية اتهمت فيه إدارة الشركة بإهدار مالها العام». بعد رشفة من كوب الشاى أمامه، يحاول وليد أبووالى حصر الماكينات المتوقفة عن العمل خلال العام الأخير لقلة الأعمال المفترض أن يقوم المصنع بإنجازها، يقول أبووالى «الماكينات فى المصنع لا تعمل بكامل طاقتها، هما 35% بس من إجمالى الماكينات على الأكثر اللى بيساهموا فى الإنتاج، فى المقابل فيه أكتر من 65% من الماكينات فى المصنع مش بيشتغلوا غير كل فين وفين المصنع هنا مال مالوش صاحب، والضحية العمال». أحمد حجازى، من إدارة الإحصاء والتكاليف، يقول «هناك محاباة واضحة من إدارة الشركة للبيع لعملاء بعينهم، وبيقدموا للعملاء دول تسهيلات كبيرة، وأحيانا بيسلموهم المنتجات بدون ضمانات، وضاع على الشركة 600 ألف جنيه، ومعانا ورق على هذا الفساد، فى المقابل الشركة بتضيّق على صغار التجار فى إنهم يشتروا منهم منتجات بشكل مباشر، وبيطلبوا من التجار الصغار إنهم يشتروا من التجار الكبار كوسطاء أو تجار جملة، ومفيش اتنين بيشتروا بسعر واحد»، يفكر حجازى قليلاً ثم يكمل «الحل فى إدارة تعمل بعقلية الشركات الخاصة، وتضمن مساواة فى التعامل مع كل التجار».