«ومن عجائب الأقدار أن ترى الجو فى أعياد النصارى كل عام ينقلب ويثور وترتعد السماء وتمطر. الكون كله يثور متبرءاً «متبرئاً» مما زعموه عن آلاهنا (إلهنا)، ولظلم وبهتان ما ادعوا كذباً على حبيبنا المسيح عيسى. وفى أعياد المسلمين تشرق لو جاء العيد فى الشتاء ويهدأ لهيبها لو كان الجو صيفاً فيأتى عيد المسلمين فى كون مشرق جميل. أما يكفينا ذلك دليلاً على أن الإسلام هو الدين الحق وأن خالقنا الله هو القادر على كل شىء وأنه جميل؟ لماذا لا تسألوا آلهكم (إلهكم) أن يُسرِّى عنكم بجو جميل فى عيدكم؟». دعكَ من الأخطاء اللغوية التى وقعت فيها السيدة خديجة خيرت الشاطر فى التغريدة السابقة. ودعك من كارثة أنها مديرة مدرسة تعلِّم أجيالاً، فتُخطئ فى الإملاء ولا تعرفُ عن دوران الأرض وتبدُّل المُناخ بين بقاع المعمورة، والفرق الزمنىَّ بين التقويم الميلادى (حيث أعياد المسيحيين) والهجرى (حيث أعيادنا) فتتعاقبُ الفصولُ ويتبدل الطقسُ على الأعياد، فضلاً عن انتشار المسيحيين والمسلمين فى بقاع متفرقة على جغرافيا العالم؛ فثمة مسلمون فى الإسكيمو، ومسيحيون عند خط الاستواء. دعك من الخلل المضمونى فى قولها، فقد ردَّ عليها الأصدقاءُ الكتَّاب فى مقالاتهم، وأورد متصفحو فيس بوك وتويتر صورة للحرم المكى الشريف عام 1941 غارقاً فى مياه المطر، إذ وصل منسوبُ المياه إلى قمة الحجر الأسود، فطاف الحجيجُ حول الكعبة سباحةً، وصور تسونامى الذى راح ضحيته آلاف من فقراء المسلمين. والأخطر، دعك من حقيقة ضعف إيمانها ما جعلها تنتظر ظواهرَ جغرافية غير ثابتة لتستشهد بها على صحّة عقيدتها، بدلاً من تقوية إيمانها بتأمل القرآن والسيرة. المشكلة تكمن فى «تصدير» صورة الإسلام عبر ترَّهات كهذه، من واحدة المفترض أنها إخوانية ابنة إخوانى، أى بوسع بسطاء أن يعتبروها مصدراً من مصادر الفقه الإسلامى! حاولتُ استعارة عدة عيون لأقرأ بها ما سبق. عينى، كمسلمة أهَّلتنى دراستى العلمية من معرفة بعض علوم الجغرافيا والتاريخ والفلك، ثم عين مسلم بسيط ربما لا علم له بأحوال الأرض وتقلُّباتها، والأعياد وتبدُّلها على خط الزمن. هل تُراه صدَّق ما سبق، فزاد إيمانُه بسبب مغالطات فلكية؟! وفى الأخير، أستعيرُ عينَ غير مسلم، مصرياً كان أو عربياً أو أجنبياً. هل يمكن تصوُّر موجة الضحك الذى سينتابه، والسخرية التى سيتندَّر بها مع أصدقائه على هذه التغريدة؟ وأخشى من السؤال التالى: تُرى، هل ستكون سخريته من السيدة الجهول التى أضحكتْ علينا العالم، أم لا قدَّر الله سوف يسخر من الإسلام ذاته؟! ولو فعل، هل يُلام؟ سببان يرفعان عنه اللوم. أولاً لأنه ليس مُطالَباً بقراءة الإسلام من مصادره ليعرف أنه ليس بحاجة لترَّهات السيدة خديجة لإثبات صحته. وثانياً أن مصدر الكلام، المفترض، أنه أحد ثقاة الدين، باعتبارها مسلمةً، إخوانيةً، وابنةَ قيادى إخوانى كبير. اعتادت اللجانُ الإلكترونية الإخوانية على سبِّنا، نحن معارضى الإخوان والكتَّاب التنويريين، والخوض فى عقيدتنا وفى شرفنا، والدعاء علينا بالموت والثكل، ثم اختتام لِعانهم بإسطوانة مشروخة مَلَّها الجميع: «أنتم تحاربون الإسلام». ولم يعد يصدقهم أحد. لكن السؤال هو: مَن يحارب الإسلام؟ مشوِّهوه الذين ينطقون بالخَرَف؟ أم مَن يكشفهم ويفضح جهلهم، ليُنقِّى ثوبَ الإسلام من دنسهم؟ حين نطالب بمحاكمة قيادات الإخوان ومشايخ الفضائيات المتطرفة بتهمة ازدراء الدين، فإنما ننتصرُ للإسلام، وللتونير. أولئك الذين صدَّروا للعالم أن الإسلام دينُ قتل وسباب وملاعنة ودعاء على الناس بالويل وقذف محصنات وكافة ألوان البذاءات التى شهدناها على مدى عامين، لا أعادهما اللهُ.