"90 يوما" قضاها الشاب الثلاثيني داخل حجز قسم شرطة الوراق، يخرج في حراسة أمنية مشددة إلى محكمة شمال الجيزة، يمثل أمام قاضي المعارضات لنظر قرار بتجديد حبسه في قضية قتل، ثم يعود مرة أخرى للحجز بعد صدور قرار تجديد حبسه 15 يوما.. أما أمس فكانت هناك مأمورية مختلفة، حيث تم اقتياد المتهم من قبل رجال الشرطة، واتجهوا به صوب سراي نيابة حوادث شمال الجيزة، وقف المتهم مرة أخرى أمام محقق النيابة حسين عامر مدير نيابة حوادث شمال الجيزة، منتصب القامة، سأله محقق النيابة: "أنت متهم بقتل زوجتك (ميرفت - 27 سنة) يوم الإثنين 11 سبتمبر الماضي فهل أنت مذنب؟". رفع المتهم رأسه وصمت للحظات، ثم أجاب قائلا: "أيوه قتلتها ومش ندمان.. كان مشيها بطال".. ودارت المناقشة مرة أخرى بين محقق النيابة حسين عامر مدير نيابة حوادث شمال الجيزة، وبين المتهم "محمود" (32 عاما)، سائق، خلال جلسة التحقيق الأخيرة، في أثناء إعلان النيابة المتهم بقرار إحالته للمحاكمة الجنائية، وشرح المتهم التفاصيل بالكامل، منذ زواجه من المجني عليها، حتى قتلها، وأيضا حكاية إمام مسجد "فلفل" الذي أقنعه بتسليم نفسه للشرطة بعد ارتكابه للواقعة.. وجاءت التفاصيل كالتالي: "جريمة في الوراق" كانت عقارب الساعة تقترب من الثامنة مساء أمس الإثنين 11 سبتمبر الماضي.. فوجئت النوبتجية في قسم شرطة الوراق، بشاب في العقد الثالث من العمر، يبدو عليه علامات الاضطراب، وملابسه غير منظمة وبها آثار دماء، وقبل أن يسأله أحد ضباط النوبتجية عن أسباب حضوره، نظر إليه وقال: "بص يا باشا.. أنا جاي أعترف بجريمة قتل.. أنا قتلت مراتي.. خنقتها وماتت في إيدي". لم يكن الاعتراف هو كل ما حدث، فقصة القتل تحوي حكايات أخرى، بينها حب وشروع في قتل وطلاق مرتين بين المتهم وزوجته "الضحية"، منذ ارتباطهما من 4 سنوات وحتى القتل، طبقا لما جاء في اعترافات المتهم وتحريات الشرطة وتحقيقات النيابة. - 4 سنوات - في العام 2013 احتفل سكان منطقة حوض الرمل في الوراق، بزواج "محمود" (32 عاما)، سائق، من إحدى جاراته في منطقة حوض الرمل بحي الوراق بشمال الجيزة وتدعى "ميرفت - 27 عاما"، بعد قصة حب جمعتهما، استمرت الحياة الزوجية بينهما هادئة لمدة عام ونصف، مر الزوجان بمشكلات أسرية عادية، وخلافات معتادة بين أي زوجين سواء في الأمور المادية أو الاجتماعية، حتى بدأت المشكلات بتعدي المجني عليها بالسباب والشتائم على والد المتهم في الشارع أمام المارة في المنطقة. - شروع في قتل - عقب وصول المتهم من عمله، روى له والده ما حدث بينه وبين زوجته، وتعديها عليه بالسباب والشتائم أمام المارة، على الفور صعد المتهم إلى شقته في الطابق السادس، والمكونة من غرفتين وصالة وحمام، في عقار من 7 طوابق، وفي أثناء معاتبة زوجته على ما ارتكبته في حق والده، تعدت عليه بالسباب والشتائم هو الآخر، واتجهت إلى مطبخ الشقة واستلت سكينا وسددت له طعنة في الجانب الأيسر، ما أسفر عن إصابته بجرح نافذ، وأسرع الجيران إلى نقله لمستشفى إمبابة العام لتلقي الإسعافات، وفور تحسن حالته الصحية قرر الانفصال عن زوجته وطلقها للمرة الأولى. - 4 أشهر - بمجرد انتهاء شهور العدة الخاصة بطليقته، تدخل كبار العائلتين للصلح، واتفقا على العودة مرة أخرى، ولم يمر عام على عودتهما، حتى وقعت مشادة كلامية تطورت إلى مشاجرة انتهت بالانفصال عن بعضهما البعض مرة أخرى، وكانت المشاجرة بسبب مبلغ مالي "نقود مولودته الثانية"، بعد أن حاولت "الضحية" الاستيلاء عليها لنفسها، وتسببت في مشاجرة بينهما، وبعد مرور أسبوعين شاهد المتهم زوجته تدخن السجائر، ووقعت بينهما مشادة كلامية اعتدى كل منهما على الآخر بالضرب، وفي النهاية أمسكت المجني عليها سكينا وهددته بالقتل، وانتهت المشاجرة بالانفصال مرة أخرى وطلقها المتهم للمرة الثانية. - سلوكها بطَّال - عادت الضحية مرة أخرى لزوجها "المتهم"، بعد مرور 7 أشهر من الانفصال الثاني لهما، ومنذ ذلك بدأ المتهم الشك في سلوكها، حيث كان يسمعها تخاطب رجالا في الهاتف، وكانت دائما تنكر ذلك، ما دفعه إلى تغيير خط هاتفها أكثر من 3 مرات، لكنها لم تنتهِ من الحديث مع رجال "غرباء" في الهاتف، ولم تنتهِ المشادات والمشاجرات بينهما بسبب حديث المجني عليها في الهاتف مع الرجال. - العشاء الأخير - عقارب الساعة كانت تشير إلى السادسة، عاد المتهم من عمله، وفي أثناء صعوده إلى شقته بالطابق السادس، فوجئ بشخص غريب يقابله على السلالم وسمع صوت باب شقته يغلق بالتزامن مع خروج ذلك الشخص، استشاط غاضبا وصعد مسرعا إلى شقته وواجه زوجته، إلا أنها أنكرت وأحضرت له الغداء، تناول المتهم الطعام واستغل وجود زوجته في المطبخ وانشغالها بتنظيف الأطباق، وبدأ خنقها، إلا أن الضحية حاولت مقاومته وحدثت مشاجرة بينهما، انتهت بقتل المجني عليها. - قتل زوجته وذهب للمسجد - قبل انتهاء المتهم من جريمته، أخذ ابنتيه إلى أسرة زوجته وأخبر والديها بأنه قتل "ميرفت" ابنتهما، وترك الأولاد معهما وذهب لإمام مسجد يدعى "فلفل"، القريب من مكان سكنه وأخبره بأنه قتل زوجته، وطلب منه الأخير تسليم نفسه للشرطة، فاتجه المتهم إلى القسم وأخبر النوبتجية بأنه قتل زوجته، وعقب ذلك أخطر ضباط النوبتجية، اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث، الذي اتجَّه إلى قسم شرطة الوراق بصحبة فريق من ضباط المباحث، على رأسهم اللواء محمد عبدالتواب مدير المباحث الجنائية، والعميد إيهاب شلبي رئيس المباحث الجنائية لقطاع شمال الجيزة. استمعت القوات ل"اعترافات" المتهم، وأخطر المستشار محمد عبدالسلام المحامي العام الأول لنيابات شمال الجيزة آنذاك، وانتقل حسين عامر مدير نيابة حوادث شمال الجيزة، إلى مكان الجريمة، وناظرت النيابة جثة المجني عليها، وتبين بأنها مسجاة على وجهها في صالة الشقة وبها آثار كدمات وخنق في الرقبة، وجروح في مختلف أنحاء جسدها، ما يؤكد أنها حاولت مقاومة المتهم، ووقعت بينهما مشاجرة استغرقت أكثر من نصف ساعة، انتهت بمقتلها. - إحالة للجنايات - عقب الانتهاء من مناظرة جثة المجني عليها، قررت عرض الجثة على الطب الشرعي لتشريحها لبيان سبب الوفاة، وسجَّلت اعترافات المتهم، التي قال بعض دوافعها أمام ضباط المباحث، واستكمل الاعترافات تفصيلا أمام محقق النيابة حسين عامر مدير نيابة حوادث شمال الجيزة، وعقب ذلك اقتادت النيابة المتهم إلى مسرح الجريمة، ومثل الجريمة بالصوت والصورة. وسجلت النيابة الاعترافات، وأصدرت النيابة تحت إشراف المستشار محمد عبدالسلام المحامي العام الأول لنيابات شمال الجيزة، قرارا بحبس المتهم على ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وعقب مرور 90 يوما على التحقيق في الواقعة، تسلمت خلالها النيابة تحريات المباحث النهائية بشأن الواقعة، وأيضا تقرير الطب الشرعي الخاص بالضحية، أصدرت النيابة قرارا بإحالة المتهم للمحاكمة الجنائية أمام محكمة الجنايات.