هل للشيطان قيم، وهل تلتقى قيم الديمقراطية والحرية مع الشر والخيانة؟ كيف نتسامح مع ظواهر إجرامية تتراشق بأرواح الأبرياء وتصوب الرصاص فى كل اتجاه بالوطن؟ إنها أسئلة أعيد طرحها الآن بعد ازدياد حالة التعاطف مع قادة العنف الذين حوّلوا بعض المؤمنين بهم إلى متاريس بشرية يحتمون خلفها. كيف نتعاطف مع قطّاع الرقاب الذين يتصدقون «بدم المصريين وبدمار الوطن»؟ كيف نتعاطف مع من يحتمى بالعنف ويتاجر بالدين والبشر والأرض، ولا تهتز مشاعره أمام المذابح؟ كيف نتعاطف مع من فى عشق السلطة يعقدون صفقات على جثة الوطن ويطبقون نظرية الأرض المحترقة إذا لم تكن الأرض والسلطة والأمر والطاعة لنا فلن يكون الوطن لأحد «نكون أو لا نكون أو لا نكون ولا تكونوا». آفة حارتنا النسيان، التوصيف للعبقرى نجيب محفوظ، ولكن النسيان يكون أحيانا رحمة وأحيانا خطيئة وإذا نسينا أشياء كثيرة حدثت لمصر منذ 25 يناير حتى الآن فتلك خطيئة، ولكى نحسم اليقين ونقطع الشك علينا أن نتذكر بعضا من أجزاء الصورة. على سبيل المثال وليس الحصر ما قاله صفوت حجازى أمام مرسى -الذى كان للأسف وللعار رئيسا لمصر- قال: إنه يرسل السلاح إلى المجاهدين فى سوريا منذ عام، واترك لكم الأسئلة والتعليق، واترك للعدالة التحقيق فى أشياء كثيرة، كيف حصل على السلاح، ومن أين، وبأى صفة، وهل من الإسلام أن يرسل مسلم أسلحة لمسلمين ليحاربوا مسلمين آخرين فى وطنهم، وهل نستطيع أن نقول إن هناك طرفا ثالثا فى سوريا أيضاً؟ وعندما يقول هذا الحجازى «اللى يرش مرسى بالميّه حنرشه بالدم»، وعندما يعقد قران بعض الشباب فى اعتصام رابعة على أنه عقد فى عهد الرئيس مرسى، بماذا نصنفه؟ وعندما يقول السيد صبحى صالح، أحد كوارث المرحلة، «اللهم أمتنى على الإخوان»، ألم يستبدل الإسلام بالإخوان، وهل نعتبر الإخوان الدين الأسمى، وماذا نسمى إعلان البلتاجى بأنهم وراء الإرهاب الذى يحدث فى سيناء وإذا تراجع السيسى فسيتوقف العنف؟ إذن من يحرك ويقود ويخطط وينفذ غارات العنف؟ وعندما يهدد ويتوعد ويحرض قاتل البشر، عاصم عبدالماجد، «حيث المكان الذى يليق به إلى ما شاء الله هو السجن»، فقد قال لا فض فوه، فى الجمعة التى سبقت 30 يونيو: إننى أرى رؤوسا قد أينعت وحان وقت قطافها، وعندما نسمع من كل قيادات هذه الجماعات كل التأكيد على العنف وحرق مصر، أليست هذه إشارات قليلة من أحداث كثيرة تتحدث عن نفسها، هل بعد كل هذا العنف والدمار يحلو للبعض أن يطلق عليهم الاسم الخطأ «الإخوان المسلمين»، أليس الاسم الصحيح هو جماعة الإجرام المبين؟.. أليست جماعة لا تعرف إلا الدمار والعنف وإذا خرجت عن هذا النص فهى تخرج بخطاب التهديد والعنف؟ هل للإخوان قضية، وهل قضيتهم الإسلام حقا أم السلطة؟.. أسئلة كثيرة ولكن للأسف هناك من شباب مصر من يتعاطى ببراءة التعاطف معهم ويصدقون آلة التضليل التى لا تكف عن إرسال الأكاذيب الفاخرة والفاجرة سواء من خلال قناة «الحقيرة» أو من خلال القنوات الأجنبية التى لها مصلحة لدمار وتفكيك مصر وبها رؤوس أموال لا تريد إلا الشر لمصر.. كيف يصدق شباب مصر أن الشرطة والجيش يحرقون مصر، كيف يسلمون عقولهم لهذه الأكاذيب المفضوحة، هل يتساءلون لماذا تدافع أمريكا صاحبة الانفرادات التعذيبية المتطورة فى جوانتانامو وأبوغريب عن هذه الجماعات؟ هل ما زال البعض لا يصدق خطة وخريطة التقسيم للشرق الأوسط الجديد كما تريده سيدة العالم، وتقسيم مصر هو نقطة الارتكاز فى هذا المشروع الذى قام الشعب والجيش المصرى بتغييره؟ ألا يرون أن أمريكا لا تريد أن ترى الشعب المصرى عصى الكسر؟.. أكثر ما يحزننا هو غسيل العقول الذى ابتلى به بعض شباب مصر، جلاء الحقيقة فى عقول هؤلاء الشباب لا بد أن يكون أولوية مهمة، فمن يستطيع أن يقيم أركان الوعى والفهم ليثبت دعائم التنوير ويسقط أعمدة الجهل العتيدة؟