قدم الشيخ أبو بكر أحمد الأمين العام لجمعية علماء أهل السنة والجماعة بالهند رئيس جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية، بالهند بحث للأمانة العام لدور وهيئات الفتوي في العالم برئاسة الدكتور شوقي علام حول (الفتوى ودَورها في تحقيق الاستقرار). وقال أحمد: الإسلام دين يتميَّز عن سائرِ الأديانِ بشموليته الواسعة، وبتلبيته لكل متطلبات المجتمع البشري في أيِّ عصر ومصر، دستورُه القرآن يقدِّم الحلول المناسبة لكل قضية من قضايا البشر تلويحًا أو تعريضًا، وفي الإسلامِ أحكامٌ وتشريعاتٌ تتعلَّق بجميع أمورِ حياتنا في المجتمع والنفس وكل ما يتعلَّق بصغائرِ الأمور وكبائرِها، وقد كان مرجعنا في ذلك القرآن الكريم أوَّلًا، والسُّنة النبوية ثانيًا، وإجماع الأمة والقياس ثالثًا ورابعًا. والعلماء الراسخون في العلم هم الأدلاء على ما فيها بالنسبة إلى العوام الذين ليس لديهم دراية للاطلاع على ما فيها من الأحكام وفقًا لما قال الله جل وعلا: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ومن هنا تجلَّت أهمية الإفتاء ومكانته. وأضاف:أصبح الإفتاء صهوة يمتطيها كلُّ من هبَّ ودبَّ، ووسيلةً لاستقطابِ أنظارِ الجماهير إليه وهناك أسباب عدة أدَّت إلى هذه الحالة الفوضوية في مجال الإفتاء منها الجهالة وعدم دراسة الأحكام من منابعها الصافية من المشايخ والعلماء الذين توارثوا العلم من أهله، والذين يوثق بهم في الدين، كما قال محمد بن سرين: "إن هذا الأمر دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"، وعدم إدراك خطر مسؤولية الفتوى وما يترتب عليه؛ فإن الإفتاء في الحقيقة إخبارٌ عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله أو رسوله أحلَّ كذا، أو حرَّم كذا، وحبُّ الشهرة والشعبية؛ فصاحب الفتاوى المتساهلة يريد شعبيته، وتكثر جماهيره، ويثنى عليه بأنه معتدل وذو المنهج الوسطي، وغير ذلك، وإرضاء الكفار والظلمة والفسقة وأصحاب الدنيا لأجل الحصول على حطام الدنيا الفانية، والعجلة وعدم التأني والوثبة بدون نظر ولا تأمل لكي يشتهر بين الجماهير بسرعة الجواب وحدة الفهم. وحول دور الفتاوى في استقرار المجتمع، قال أحمد: العلماء مشاعل طرق الأمة وسرجها، يخرجون الناس من الظلمات إلى النور، وينتشلونهم من وهدة الجهالة والغواية إلى واحة المعرفة والهداية، وهم أمان لأهل الأرض؛ حيث إنهم خلفاء الأنبياء وورثتهم، والأنبياء لم يبعثوا لإثارة البلبلات وتهييج التوترات؛ بل أُرسلوا رحمةً ونجاةً للناس من كل أنواع البلايا والشرور، فعلى العلماء والمفتين العملُ للحفاظ على استقرار المجتمع وهدوئه، ولحفظ هوية الدول والأمم، واجتناب كل ما يؤدي إلى التوتر والاضطرابات؛ حيث إن الإسلام دينُ أمنٍ وسلامةٍ، ودين تسامح وتفاهم، وليس دينَ إكراهٍ ولا إرهاب، كما تنادي بهذا الآيات القرآنية الكثيرة والأحاديث النبوية العديدة. وتابع: الإسلام لا يأذن لأيِّ أمر فاسد أو قبيح أو مؤذٍ أو مخوف قليلا ما في مجال الدعوة والمعاشرة والتعايش بالقول والفعل حتى وبالقلب؛ بل يؤكد الإسلام أن جميع الأمور المذكورة ليس من شأن المسلم، وليس في الإمكان أن نرى ملة غير الملة المحمدية تشير إلى قانون شامل يهدي الناس إلى النهج القويم في أمور المعايش الدنيوية والأخروية، والإسلام كما -يؤذن الاسم- يعلن جهارًا بأن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ولا يؤذي الناس بلا فرق بين المسلم والكافر، بإرهاب أو تخويف أو سد الطريق وقتل النفوس بغير حق والظلم والفساد. وشدد أمين علماء السنة بالهند علي أن العلماء وأصحاب الفتاوى خلفاءُ الله تعالى بين عباده، وهم يخبرون الناس عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم قدوة للعوام والجماهير، فإذا اعوجَّ الغصن فلا محالة يعوج الظل أيضًا، فعليهم أن يكونوا نماذجَ حيَّةً لتعاليمِ القرآن والسنة السمحة في حياتهم الشخصية والاجتماعية، وفي أقوالهم وخطاباتهم وفتاويهم، وما إلى ذلك، وألا يكونوا المسؤولين الأُول عن جميع الفوضيات واللا استقرارات التي تسود العباد والبلاد.