تصدى الليبيون لموجة الصعود الإسلامى فى دول الربيع العربى بتصويتهم لصالح الليبراليين فى انتخابات المؤتمر الوطنى العام، ليمثلوهم فى أول سلطة تشريعية للبلاد بعد 42 عاما من حكم القذافى، ليفجروا طاقات الأمل فى نفوس الليبراليين فى تونس ومصر، ويسجلوا أول ضربة موجعة للإسلاميين فى الوطن العربى. إلا أن النتائج كانت متوقعة لما يملكه رئيس تحالف القوى الوطنية الليبرالى محمود جبريل من إمكانيات علمية وسياسية إلى جانب حب الشعب الليبى له، بالإضافة إلى امتلاك ائتلافه خطة واضحة للانتقال بليبيا إلى عالم التنمية والديمقراطية، حسب قول الناشط الليبى أبوالقاسم أبوحويصة فى تصريحات ل«الوطن». ويرى أبوحويصة أن «انتقال الليبرالية إلى دول الربيع العربى الأخرى بعد أن كسرت ليبيا موجة تقدم الإسلاميين مرهون بأداء التيار الإسلامى فى الحكم»، وفى نفس الوقت أكد أن «فوز الليبراليين فى ليبيا انتشل «الليبرالية العربية» من أزمتها ودحض الاتهامات التى تطولها بانفصالها عن واقع المواطن العربى». وعلق الثائر الليبى المؤيد للنظام الفيدرالى فضل الله شهيبى على نتيجة الانتخابات ل«الوطن»: «ليبيا انحازت إلى الليبرالية رفضا للاستبداد أيا كانت العباءة التى يرتديها عسكرية كانت أو دينية، الليبيون دفعوا دماء كثيرة ثمنا للحرية ولن يرضوا بالاستبداد مرة أخرى» وتابع «الإخوان لهم سجل سيئ فى ليبيا، خاصة فيما يتعلق بعلاقتهم مع قطر، كان العنصر الأساسى فى فشلهم الانتخابى». وقال عضو حركة شباب ليبيا الحر يوسف هارون للوطن «الشعب اختار من يعبر عن وسطيته، وعلى الجميع القبول بنتائج اللعبة الديمقراطية» إلا أنه أكد على تشككه فى قبول الإخوان للنتائج قائلا «لديهم السلاح وكل الخيارات مفتوحة، صعّدوا من خطابهم بشكل كبير واتهموا ائتلاف محمود جبريل بالخروج على الملة». إلا أن المرشح المستقل والثائر الليبى مالك الشريف أشار إلى استفادة الشعب الليبى من التجربتين المصرية والتونسية قائلا «الشعب الليبى استفاد مما حدث فى الدول المجاورة تونس ومصر واختار من يملك الثقافة والخبرة السياسية»، إلا أنه أشار إلى أن ائتلاف محمود جبريل ليس ليبراليا بالمدلول الغربى ولكنه ينتمى لتيار ليبرالى يعبر بحق عن وسطية الشعب الليبى». وأضاف مالك «ليبيا ستكون مفتاح صعود القوى الليبرالية فى الدول العربية بعد أن كسرت موجة الإسلاميين». وأكد الشريف أن «إخوان ليبيا لن يكون لهم وجود كبير على الساحة الليبية نتيجة لاتهامهم بالتعامل مع نظام القذافى وكذلك اختيارهم لوجوه غير مقبولة فى الشارع». وعلقت صحيفة «نيويورك تايمز» على فوز ائتلاف محمود جبريل الليبرالى بالانتخابات الليبية قائلة «الفوز الظاهر للائتلاف الذى يقوده رئيس الوزراء الانتقالى السابق محمود جبريل يعبر جزئيا عن ارتباطاته القبلية حيث ينتمى إلى قبيلة الورفلة كبرى القبائل الليبية التى يساوى تعدادها حوالى سدس التعداد الإجمالى للشعب الليبى، مليون نسمة من جملة ستة ملايين». من جهة ثانية، تناولت صحيفة ال«واشنطن بوست» الأمريكية تراجع الإخوان أمام الليبراليين قائلة «فوز الليبراليين فى ليبيا يعكس ديناميكية سياسية حيث دفع الإخوان المسلمين ثمن تعاونهم مع نظام العقيد الليبى الراحل معمر القذافى». وكان نجل القذافى سيف الإسلام قد أبرم اتفاقات مع الإخوان المسلمين وحلفائهم فى محاولاته لتمهيد الطريق لتوليه السلطة فى نهاية الأمر. وقد أفرج سيف الإسلام ابتداء من عام 2003 عن أكثر من 150 من المعتقلين السياسيين من الإخوان المسلمين وعرض مناصب لآخرين فى وسائل إعلامه ومؤسساته العديدة. وبسبب هذه الارتباطات، قاطع الإخوان المسلمين أول مؤتمر للمعارضة الليبية فى لندن عام 2005 الذى دعا إلى إسقاط نظام القذافى فى وقت كانت ليبيا تحاول ترميم علاقاتها بالغرب.