لا تزال فرق الإنقاذ النهرى تبذل جهوداً مكثفة لانتشال ضحايا المركب الغارق فى النيل قبالة ماسبيرو، تم أمس العثور على جثة محمد على حسين «28 سنة» محاسب، أحد ضحايا «رحلة الموت» عالقة بإحدى بوابات القناطر الخيرية، بعد أن جرفها التيار إلى هناك، ونُقلت الجثة إلى مشرحة زينهم. من جانبه، صرح المستشار على داود، رئيس نيابة بولاق أبوالعلا، بدفن الجثة عقب انتداب الطب الشرعى. وفى سياق متصل، تقدم عامل ببلاغ لقسم شرطة حلوان يفيد بتغيب شقيقه وزوجته، ونجل خاله وزوجته، وجميعهم كانوا على متن المركب، وتم إحالة المحضر إلى نيابة بولاق أبوالعلا لاختصاصها، التى أمرت بتكثيف الجهود لانتشال باقى الجثث، وبهذا يرتفع عدد المفقودين حتى الآن إلى 4 مفقودين، إضافة إلى الطفل الرضيع «فارس محمد على». والدة «محمد على» جلست فى صمت قاتل لم يحركه مجىء المواسين ورواحهم حولها، فالحدث جلل وهى لا تعلم مَن تبكى، الزوج أم الابن الراقدين فى ثلاجة مشرحة زينهم، أم الحفيد الذى لم يُعثر له على أثر، الذين راحوا ضحايا فى حادث غرق المركب أسفل كوبرى قصر النيل بعد أن استهان قائده، واستخف بأرواح الركاب ورفض أن يرسو خوفاً من أن تقل أجرته فكان الغرق هو المصير. «الوطن» عاشت تلك اللحظة المريرة مع أسرة الضحايا ال3 أمام مشرحة زينهم، الذين لم يتفوه أى منهم بكلمة سوى «هو إيه اللى بيحصل؟». «إحنا قلنا له ارجع، هو قال أنا عارف شغلى»، هذه كلمات أميرة على حسين التى فقدت والدها، وشقيقها، ونجل شقيقها فى الحادث الأليم، وأضافت أن «عمر» كان يرقص ابتهاجاً، وأنهم كانوا فى نزهة نيلية بعد ميلاد صغيرهم «فارس» الطفل الذى لم يكمل ال30 يوماً من عمره، وكتب له القدر أن تحتفل به السماء. وأوضحت «أميرة» أن السائق كان يغازل فتاة جالسة بجواره، وطلبنا منه التنبه للقيادة حتى اصطدم المركب بالعمود الخرسانى لكوبرى 6 أكتوبر، وطالبنا منه الرجوع، وصرخنا أكثر من مرة ورفض الاستجابة لنا، حتى وجدنا المياه ملأت المركب وتجمع الركاب فى ناحية واحدة بالمركب مما أدى لانقلابه. محمد هلال «32 سنة» نجل خالة «محمد على» يقول: نحن نعانى من الساعة 10 مساءً، ولم يحرك المسئولون ساكناً، وشكا من عدم وجود أى أطواق نجاة على متن المركب، وطالب القضاء بتوقيع أقصى العقوبة على سائق ومالك المركب، وتساءل: «يعنى لو واحد مهم غرق كان بقى الوضع كده؟». أما مصطفى عبدالكريم، شقيق زوجة «محمد» جلس يداعب «عمر» الطفل الناجى، يقول ودموعه لا تحتبس: «محمد كان صاحبى وحبيبى وإحنا كنا مع بعض دايماً، وتكللت صداقتنا بزواجه من شقيقتى»، وعن آخر مرة تقابلا فيها قال: «إحنا تقابلنا يوم الجمعة الماضى وتابعنا التليفزيون، حتى انصرف فى ساعة متأخرة على وعد بأن نتقابل حتى نشترى معاً احتياجات المنزل من سلع شهر رمضان». محمد رمضان «25 سنة» نجل خالة الضحية، أكد أن محمد كان بمثابة الأخ له، فهم يسكنون فى منزل واحد، وعن آخر مقابلة له، قال: إنه أيقظه من نومه صباح يوم الحادث، وتناولا وجبة الإفطار معاً، وانصرف إلى محل الكوافير الخاص به. وأضاف محمد أنه تلقى اتصالاً هاتفياً فى المساء من شقيقه يبلغه بوفاة محمد، وكان وقع الخبر عليه كالصاعقة. «كان شاب متدين ومستقيم»، هكذا وصف الحاج محمود مصيلحى «54 سنة» أحد جيران «محمد»، وأضاف أنه كان دائما ما يراه فى المسجد محافظاً على صلاته، ولم يرَ منه سوءاً.