الإنجاب هو الحلم الذى لا يغادر قلوب كل المتزوجين حديثا للتمتع بمشاعر الأمومة والأبوة، وأحيانا للتخلص من الضغط المجتمعى الذي ينتظر ميلاد طفل بعد تسعة أشهر من الزواج، وكأن الهدف الوحيد من الزواج هو الأطفال، ونظرا لارتفاع معدلات العقم، يلجأ العديد من المتزوجين لعمليات الحقن المهجري وأطفال الأنابيب، ولكن لم تعد هذه العمليات تقتصر على الذي يعانى من العقم، بل يلجأ إليها القادرون على الإنجاب، ومن أنجبوا أكثر من مرة بطريقة طبيعية. عمليات الحقن المهجرى وأطفال الأنابيب تحولت لعمليات تحديد نوع الجنين، ونظرا للثقافة المجتمعية التى تعشق إنجاب الذكور كما يتضح من أمثالنا الشعبية التى تتردد يوميا على ألسنة الأمهات والجدات، فالولد "سند" والبنات "هم للممات"، فلجأ لتلك العمليات من أنجب ثلاث فتيات ويحلم بالولد الذى يحمل اسمه حتى لا تنقطع جذوره من الحياة، فيذهب إلى الأطباء ليطلب أن يحقنوا له ذكرا بعد استخراج كروموزومY. رأيت من خلال عملى كصحفية أثناء إجراء التحقيقات التى تتعلق بحالات الطلاق، أن هناك سيدة تتعرض للتهديد بالطلاق بسبب إنجابها للفتيات، ورأيت التى تعانى من معاملة سيئة من أهل زوجها بسبب عدم إنجابها للذكور، فلم يعد هناك حل سوى اللجوء لتلك العمليات بحثا عن ذكر لإرضاء المجتمع، وليس بحثا عن رجل، فلا يهم شيء سوى وجود ذكر حتى يشعر الأب بالاطمئنان بعد التأكد من وجود وريث شرعي، وحتى تشعر الأم بالثقة، فهي ليست أقل من غيرها من اللاتي أنجبوا الذكور. والسؤال الذى يفرض نفسه.. ما الذي يقدمه الولد للأسرة ولا تستطيع تقديمه البنت في مجتمع تعمل فيه المرأة للإنفاق على أولادها ولمساعدة والدها، وبعد أن وصلت لأعلى المناصب، فقديما كانت المجتمعات تقدس الذكور لأن المرأة كانت عالة، ولكن حاليا فالمرأة بالإضافة للعمل داخل المصنع والشركة والمستشفى والجامعة، تساهم أيضا في تحمل مسئوليات البيت، بل نجد الفتاة هي التي تقوم برعاية أبيها عند المرض، لكن المجتمع ما زال لا يفضل إنجابها، بل وصل الأمر لصناعة الذكور داخل رحم الأم هربا من وصول فتاة. العمليات ليست حكرا على الذي أنجب فتاة أو أكثر، بل رأيت العريس الذي اصطحب زوجته بعد شهر من الزواج حتى يضمن أن يكون المولود ذكرا، فهو لا يريد ثلاث فتيات مثل أخيه، خصوصا أن الأموال متوفرة ومن الممكن إنفاقها فى المستشفيات بدلا من إنفاقها على "هم للممات"، أو على حائط مائل سينهار عليهم يوما ما. الهدف من تلك العمليات لم يكن يوما عندما توصل لها الأطباء والباحثين هو تحديد نوع الجنين حتى يأتى الذكر ليحمل الاسم ويحصل على الثأر ويمنع الميراث من الذهاب إلى العم أو الخال، بل كان الهدف هو الحد من الأمراض الوراثية، فبعض العائلات هناك أمراض فيها لا تأتى إلا للذكور، وعائلات بعض الأمراض فيها لا تنتقل إلا للإناث، ولكن الشعوب العربية حولتها لعمليات تصنيع وتحديد نوع الجنين لخدمة الموروث الشعبى الذى مازال يؤكد أن "البنت تجلب العار" و"الولد يجلب التار". وأغرب ما فى الأمر أن حب الذكور والبحث عن إنجابهم ليس من صفات الرجال فقط بل نرى الأم التى تحث إبنتها على الإنجاب حتى يأتى ذكراً ونرى الزوجة التى تصاب بالإكتئاب عندما يخبرها الطبيب ان الجنين انثى ونرى الرجل الذى تزوج مرة اخرى إرضاء لأمه مثل سليم فى مسلسل اريد رجلاً الذى فشل فى تجاهل رغبة أمه التى تبحث عن الذكر من اجل إسم العائلة والميراث وهناك عائلات فقيرة جداً ولكن لابد ان يأتى ذكر حتى يرث الإسم وقد أكد الأطباء ان حالات نادرة جداً هم من يذهبوا إلى الطبيب لإنجاب انثى وهذه الحالات تبحث عن قلب رحيم لرعايتها وخدمتها عند الكبر لإن الجميع يعلم ان قلب البنت لا يصاب بالجحود فقد قال القاضى يوماً ما لم أرى قط قضية عقوق والدين من قبل فتاة ومع هذا مالزال المجتمع يريد ذكرأ