علقت صحيفة "دويتش فيلا" الألمانية على الإقبال في مصر على عيادات تحديد نوع الجنين في ظل رغبة أغلبية الرجال لأن يكون أطفالهم من الذكور. وقالت الصحيفة -في تقرير نشرته على موقعها على شبكة "الإنترنت"- إن عمليات التحكم في اختيار الجنين تثير جدلا وسط علماء الدين في مصر، وذكرت فتوى للدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية، جواز التحكم في تحديد نوع الجنين، مستندا في فتواه إلى أنه لا يوجد نص قرآني يحرم ذلك. ونقلت الصحيفة عن عضو مجمع البحوث الإسلامية قوله "إن المجمع وافق على إباحة إجراء عمليات التحكم في اختيار الجنين، ولكن في حالات الضرورة فقط، مثل عدم إنجاب الذكور مسبقا في الأسرة، وألا يكون المقصود بذلك إنجاب الذكور فقط من دون الإناث، وإنما يتم في ظروف محددة أو في حالة وجود أمراض وراثية. بينما يعترض بعض رجال الدين الآخرين على ذلك، ومنهم إبراهيم رضا، الخطيب بوزارة الأوقاف، حيث يرى في حواره مع الموقع الألماني أن هذا الأمر يعد مخالفة صريحة لمشيئة الله، ويعتبره عودة لعصر الجاهلية الأولى و"وأد للبنات". وأوضحت الصحيفة أنه تمت ملاحظة انتشار عدد المراكز والأطباء المتخصصين في مجال إجراء عمليات التحكم في اختيار الجنين في مصر في الفترة الأخيرة، ويقدر عددها بنحو 550 مركزا، و200 طبيب، يعملون في الأصل في مجال أطفال الأنابيب وتأخر الإنجاب ولا يعلنون عن أنهم يقومون بتوفير خدمة اختيار الجنين بصورة علنية تماما لتحفظ المجتمع المصري على هذا الأمر الشائك، وخاصة أن رأي الدين غير واضح بنسبة كبيرة في هذا الأمر، حيث اتفق معظم رجال الدين الإسلامي والمسيحي على أنها جائزة، ولكن في حدود ضيقة. ومن جانبه يؤكد الدكتور أشرف صبري -الذي يدير مع عدد من الخبراء "مركز الحياة للإنجاب ورعاية المرأة"- أن اختيار جنس الجنين بدأ في مصر منذ نحو أربع سنوات وازداد الطلب عليه خلال العامين الماضيين بغرض إنجاب الذكور، حيث لم يأت إليه أي زوجين يطلبان إنجاب أنثى حتى الآن. وفي الإطار ذاته يعتقد الدكتور صبري أن رأي رجال الدين حتى الآن غير محدد، لأنهم يخشون من ردة فعل المجتمع، فإذا قاموا بتحريمها كليا سيتهمهم البعض بالرجعية، وإذا أباحوها فستحدث ضجة من قبل الأغلبية. كما يرى من خلال خبراته أن الأزواج في مصر يلجئون إلى هذه الخطوة في حالة واحدة فقط، هي أن الزوج يمتلك ثروة ويريد إنجاب ولد ليرث هذه الممتلكات وتخليد اسم العائلة، وأن العملية تعتبر مكلفة، ولا يستطيع الإقدام عليها سوى الأغنياء، حيث تصل تكلفتها إلى 40 ألف جنيه مصري، ولهذا السبب يستبعد صبري أيضا ما يتردد حول أن هذه العمليات ستساهم في حدوث خلل في التوازن المجتمعي بين أعداد الذكور والإناث. ويؤكد في حواره أنه لا توجد إحصاءات رسمية عن عدد العائلات التي تختار جنس المولود في مصر، لكنه يقدرها ببضع العشرات سنويا، حيث إنه أجرى خلال العامين الماضيين 15 عملية. وفي الإطار ذاته يعتقد محمد عرفه، المستشار الاجتماعي، في حواره مع الموقع الألماني لصحيفة "دويتش فيلا" أن هناك ثقافة عربية قديمة لا علاقة لها بالدين تتعلق بتفضيل الذكور على الإناث. ويرى أن هذه الثقافة لا تزال سائدة لأسباب مختلفة؛ منها خشية الآباء على البنات وتفضيلهم الذكور على البنات بسبب حوادث هتك عرض البنات أو الاغتصاب أو مشكلات الانحلال المتزايدة في المجتمعات عموما، ويشير إلى إحصاءات رسمية نشرت عام 2008 بينت أن 90 في المائة من الرجال المصريين يفضلون إنجاب صبي أو عدم الإنجاب نهائيا على إنجاب فتيات فقط، وأن هناك عشرة آلاف مصري طلقوا زوجاتهم لأنهن لم ينجبن سوى إناث.