رغم أن زواج الفتاة بشاب يصغرها سنًا غير محرم شرعًا، إلا أن المجتمع ظل طويلاً يرفض هذه الفكرة ويلفظها لاعتبارات عدة إما تتعلق بالنضج العقلي أو الطبيعة الفسيولوجية لدى كل من الطرفين، قبل أن يتقبلها في نهاية الأمر. تقول نهال عبدالرحيم وهي في أوائل الثلاثينات من عمرها:"تربطني علاقة حب وثيقة بزوجي وكل منا لا يضع اعتبارًا لمسألة السن حيث يصغرني بثلاث سنوات، فهو شخص ناضج وطموح ولديه مستقبل عملي جيد، كما أن فارق السن غير ملحوظ من الناحية الشكلية. وتضيف نهال:"كنت قد ارتبطت بشخص آخر قبل تعرفي على زوجي وكان أكبر مني لكنه لم يكن يتمتع بنفس نضج عقلية زوجي وهو ما شجعني على الدخول في علاقة معه انتهت بالزواج الذي لا ينقصه التفاهم. وتتابع:"لم أخبر والدي بشكل مباشر بمسألة فارق السن وإنما قامت أختها الأكبر بهذه المهمة وفضل والديها التصرف وكأنهم لا يعلمون بالأمر وهو ما أزعجها قليلاً، أما بالنسبة لأسرة زوجها فقد أثار الأمر لديهم القلق في البداية إلا أن وجهة نظرهم تغيرت بعد مقابلتها والتعرف علي أسرتها، لافتةً إلى أنها تفضل إخفاء هذا الأمر لأن المجتمع لا يرحب به. تري نجلاء مصطفى التي تزوجت من زميلها بالكلية وتكبره بعام مسألة فارق السن بينهما لا وجود لها، خاصة أنهما علي قدر كبير من التقارب الفكري، كما أنها لم تثر أي اعتراض لدى الأهل من الطرفين، وتؤكد أنه أمر منتشر بين صديقاتها وتعلن عنه دائمًا بدون حرج. بعض الأسر مازالت تراها "عيبًا" أدت معارضة والد إيمان توفيق فكرة زواجها من شاب أصغر منها بحوالي عامين، رغم التوافق الفكري والعقلي بينهما، وكذلك موافقة أسرته على الأمر، إلى اضطرارها لتركه. تقول إيمان:"وصفني أهلي بالجنون لمجرد تفكيري في الزواج من شخص يصغرني وقالوا إنهم يفضلون أن أبقى دون زواج على أن أتزوجه. وحذرتني والدتي من فترة سن اليأس وما يتبعها من ظهور علامات تقدم السن لدى المرأة أكثر من الرجل، وكذلك مراهقة الرجل الثانية التي يبحث فيها عن تجديد شبابه بالزواج من فتاة صغيرة. على جانب آخر، استطاعت سارة عصام تحدي قرار أسرتها التي رفضت تمامًا فارق السن بينها وبين زوجها وهو خمس سنوات ، وأصرت علي إتمام الزواج. تقول سارة: لم يعد أمامي الكثير من الفرص وخاصة أن كل صديقاتي قد تزوجن كما أن مجال عملي كمدرسة أطفال لا يعطيني الفرصة الكافية للالتقاء بأشخاص مناسبين و إن كان أهل زوجي مازلوا غير متقبلين للأمر وهو ما أحاول التغلب عليه. وعن تحليل علم النفس لهذه الظاهرة، تقول د.ناهد الخراشي مستشارة العلاقات الأسرية والتربوية: ظل المجتمع طويلاً يرفض فكرة زواج الفتاة بمن يصغرها رغم أنها غير محرمة ومع زيادة نسبة العنوسة وتأخر سن الزواج بدأت هذه الفكرة تتغير، وإن كنت أفضل أن يكون السن متقارب فإذا زاد الفارق عن خمس سنوات يصبح لدينا مشكلة حقيقية. ترى الخراشي أن المعيار الأهم الذي يجب علي الأسر وضعه في الاعتبار عند تقدم أي خطيب لابنتهم هو ملائمته لها من كافة النواحي النفسية والأسرية والمادية، ولا يجب وضع السن في الاعتبار كمعيار وحيد، مشيرة إلى أننا قد نجد شابًا صغيرًا في السن لكنه يتمتع بنضج عقلي يفوق سنه وبالتالي لا يمكن ربط السن بمستوي التفكير. وتشدد الخراشي علي ضرورة اتفاق العائلتين منذ بداية الارتباط حول عدم وضع أي اعتبار لفارق السن حتي لا يثير ذلك أي مشاكل في المستقبل بأن يتم معايرة الزوجة علي سبيل المثال، وتعتبر رفض العريس لمجرد صغر سنه عن العروس المتقدم إليها بمثابة تعصب و مغالاة لا داعي لهما وخاصة مع تأخر سن الزواج.