ثمة تساؤلات كثيرة تعتمل فى عقول الكثير من المواطنين فضلاً عن النخبة يبحثون لها عن إجابات؛ تساؤلات حائرة فى فلك الرئيس الجديد. ماذا سيصنع مرسى؟ ماذا سيصنع مرسى بعد كل عهوده التى قطعها على نفسه بأغلظ الأيمان، ففى خطابيه أمام الشعب فى ميدان التحرير وجامعة القاهرة، بما يعنى أن الرئيس سيتحرر من الإعلان الدستورى المكمل، وأنه لن يقبل بصلاحيات منقوصة، وكذلك نلتمس فى خطابه عودة مجلس الشعب، كذلك إتمام الجمعية التأسيسية للدستور، وغيرها من الوعود، ماذا سيصنع فى مواجهة معركتين كبيرتين قد تواجهه فى المرحلة المقبلة، أولاهما: معركة تشكيل الحكومة، وهل سيقبل أن تنتزع الوزارات السيادية لصالح العسكر؟ وماذا سيفعل فى حالة وقوع صدام مع العسكر، هل سينزل إلى الشارع، أم هل سيقبل بالأمر الواقع، أم أن هناك شيئاً آخر يبيّت له فى الخفاء؟ وثانية هذه المعارك: معركة تضمين الإعلان الدستورى المكمل فى الدستور الجديد، فمن الممكن أن تقبل، على مضض وكره منك، الإعلان الدستورى المكمل لمدة ثلاثة شهور، لكن أن تقبله لمائة عام مقبلة مثلاً، هذا هو الموت بعينه، وإن شئت قلت الانتحار، لأنه ليس موتاً طبيعياً، ماذا سيصنع الرئيس إذا أصر العسكر على ذلك؟ وهل بمجرد أداء قيادات الجيش للرئيس مرسى التحية فإن كل شىء قد انتهى؟ «وكأنك يا أبا زيد ما غزوت»! ماذا سيصنع مرسى مع جهاز المخابرات الذى ظل يرقبه لسنوات عديدة فى العهد القديم، وهل الثقة المفقودة بين الطرفين سيتم التغلب عليها بسهولة؟ هل ستطوى صفحه الماضى البغيض ويبدأون صفحة جديدة من الحميمية والتناغم بينهما؟ هل سيطلع رئيس الجمهورية الثانية على كل شىء فى جهاز المخابرات، وما طبيعة العلاقة بينه وبين هذا الجهاز؟ ماذا سيصنع مرسى مع مؤسسات الدولة التى كانت تطارده فى العلن قبل الخفاء، وما طبيعة التطهير فى هذه المؤسسات، هل هو تطهير كلى أم جزئى، وهل سيتبع سياسة الانتقام أم أن المصارحة والمصالحة ستكون مدخله لهذه المؤسسات؟ ماذا سيصنع مرسى فى مواجهة الأزمات الاقتصادية التى قد تواجهه فى المستقبل، لا سيما وأنه استلم مصر منهكة؟! ماذا سيصنع مرسى إذا ما استفزته دولة الكيان الصهيونى (إسرائيل) وقام الشباب بمحاصرة السفارة، هل سيقوم بعمل حواجز كما فعل النظام القديم أم سيطرد السفير؟! وهل سيلتزم بالاتفاقيات -لا سيما وأنه أكد احترامه لها- أم سيعلن عدم التزامه بهذه الاتفاقيات؟ ماذا سيصنع مرسى إذا تدخلت أمريكا فى شئوننا الداخلية؟ فقد كان مبارك دمية فى يد الأمريكان؛ هل سيقطع العلاقات مع أمريكا، هل سيبحث عن حليف استراتيجى آخر، وتُرى من هو الذى سيُرضى مزاج الرئيس؟! وهل سيتحرر مرسى تحرراً كاملاً من ولائه لجماعة الإخوان المسلمين، وهل سيصبح حقاً رئيساً للمرشد العام ولكل قياداته فى الجماعة، وما هى طبيعة العلاقة إذن بالجماعة والحزب؟! تساؤلات كثيرة يفرضها الواقع الذى نعيشه الآن والظرف الدقيق الذى تمر به البلاد. نسأل الله -عز وجل- السلامة، كما أرجو أن يوفق الرئيس فى تجاوز ما قد يعترضه من أزمات، فالمسئولية كبيرة والحمل ثقيل، ولكن أؤكد أن مصر ما زالت بكراً لم تنجب بعد، وقادرة على مواجهة كل التحديات والأزمات إذا ما قادتها قيادة حكيمة وإرادة رشيدة، ولكن ماذا يمكن أن تصنعه مثل هذه القيادة وهذه الإرادة إذا اكتفينا نحن بدور المحاسب والمعارض وقصرنا فى أداء واجبنا تجاه هذا الوطن؟ وإذا كان دورنا مقصوراً على حالة التربص فقط فليس من حقنا أن نحلم بشىء لهذا الوطن.