خيم الحزن على أهالي قرية عزب النهضة، التابعة لمركز دمياط، بعد استشهاد المجند فادي علي منتصر (21 عاما، مجند مخابرات واستطلاع بالقوات المسلحة، حاصل على دبلوم صنايع). وتوجهت "الوطن" لمنزل العائلة، حيث اتشح الجميع بالسواد وظلوا يرددون "الله يرحمك يا حبيبي، قتلوك الإرهابيين غدر"، فأسفل المنزل جلس أفراد العائلة يتلقون العزاء في نجلهم بدلا من استقبال المباركين في خطبته التي كانت قد اقترب موعدها. تقول السيدة كريمة طه الإمام، جدة الشهيد: "فادي كان حفيدي وابني وقرة عيني، ده أنا اللي ربيته وكنت بستنى اليوم اللي أفرح به، الكلاب قتلوه غدر"، وتتذكر كلماته حينما كان يقول لها دائما "يارب ما تموتي قبلي يا جدتي يا حبيبتي"، وفي آخر مكالمة دارت بيني وبينه قبل وفاته بيومين قال لي: "جهزي لي جنازة حلوة يا جدتي الضرب شغال في العريش جامد وشكلي هرجع جثة المرة دي". فيما يقول ماجد خليل الإمام، خال الشهيد: "علمت بخبر استشهاد فادي من التليفزيون، حيث كنت أجلس على القهوة فوجدت زملائي ينادونني كي أسمع الخبر فاتصلت بأحد زملائه فقال لي: "فادي بخير ولكنه ليس معي وفي مأمورية على مبنى الإذاعة والتليفزيون"، فطالبته بالاطمئنان على فادي وبالفعل اتصل بمسؤول مأمورية فادي فقال له: قول لعائلة فادي البقاء لله وعلى الفور سافرت أنا وشقيقي وشقيق فادي لقائد الكتيبة في سيناء في التاسعة مساء يوم الحادث، فقال لنا: مش هينفع تستلموه إلا عن طريق الجيش وصدمنا مما شاهدناه في سيناء، حيث كان الطريق مغلقا والعديد من الوفيات في الطرق والمستشفيات، وفي اليوم التالي توجهنا لاستلام الجثة من مستشفى القوات العسكرية والتقينا بأحد المسؤولين بالقوات المسلحة، حيث ساعدنا على استلام الجثة وقمنا بالإمضاء على استلامنا للجثمان وطالبت برؤية الجثة قبل استلامها للتأكد منها وأدى زملاؤه صلاة الجنازة عليه وقبّلوه للمرة الأخيرة واستلمنا الجثة وعدنا على مسجد النصر بعزب النهضة مسقط رأس الشهيد لأداء صلاة الجنازة وتشييعه". ويضيف الإمام قائلا: "حينما علمنا بخبر استشهاد فادي سافرنا العريش في التاسعة مساء، حيث توجهنا للمستشفى الموجود به جثمان فادي فقال لنا مندوب المستشفى: ارجعوا انتم دمياط وفادي هيرجع بطائرة، وبناء عليه عدنا ولكننا لم نستطع البقاء في دمياط فأصررت على السفر مرة أخرى أول أمس يوم الجنازة للحصول على جثمان نجل شقيقتي واتفقنا مع الإسعاف على نقله". وطالبت شقيقته فدوى من الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع، باستعادة حق شقيقها من قاتليه والتعرف على انتمائهم وهل هم من حماس أم من الجماعات الجهادية أم من الإخوان ومحاكمة قاتلي شقيقها محاكمة عادلة. ويقول شادي علي منتصر، شقيق الشهيد: "دائما ما كان يبلغني شقيقي قبل وفاته بتعرضهم للهجوم ليل نهار، حيث كان يشعر أنه سيموت شهيدا وبالفعل ما توقعته حدث ولم نتمكن من الفرح به فاستشهد قبل أن تتم خطبته ووالدي ووالدتي غير موجودين، حيث يؤديان عمرة رمضان في الحجاز". وتستعيد فدوى ذكريات لحظة تلقيها خبر استشهاد شقيقها قائلة: "لقد علمت بالخبر من أقاربي رغم إصرار شقيقي على عدم إبلاغي حتى لا أصدم، وبالفعل حينما علمت بخبر استشهاد شقيقي صعقت فلم أتخيل أنني لم أعد أرى شقيقي مرة أخرى، كما أصررنا على عدم إبلاغ والدي ووالدتي في السعودية إلا في اليوم التالي رغم شعور والدتي أن فادي استشهد وكانت تشعر أنه لن يمر شهر رمضان إلا وشقيقي غير موجود بيننا بسبب الرعب الذي يعيشه الجنود والضباط بسيناء". واستنكرت فدوى عدم حضور ممثلين عن القوات المسلحة كالحاكم العسكري أو مدير الأمن جنازة شقيقها قائلة: "هو أخويا مش شهيد مثل باقي الشهداء الذين يضحون بحياتهم من أجل الوطن". ويضيف شادي، شقيق الشهيد، قائلا: "لقد أبلغني أحد زملائه حينما سافرنا لاستلام الجثة أنه حينما هاجم فادي إرهابيون كان يقف خدمة تأمين لبوابة مبنى الإذاعة والتليفزيون بمساعيد وفجأة قام إرهابيون يستقلون تاكسي بضربه عن طريق قناصة وهربوا في الحال". وحصلت "الوطن" على نسخة من التقرير الطبي وتصريح الدفن "للشهيد" والتي جاء بهما أنه بناء على استدعاء النيابة العسكرية لتوقيع الكشف الطبي على المدعو "فادي علي منتصر عبد الجليل" وجد مدخل طلق ناري أسفل الأذن اليسرى مع فتحة خروج أمام الأذن اليمنى مما أدى لنزيف حاد، أدى لهبوط حاد بالدورة الدموية مما أدى لتوقف عضلة القلب والوفاة، والجثة تحت تصرف النيابة العسكرية.