قال الله تعالى: «أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَد أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (آل عمران: 165). المشهور فى سبب نزول هذه الآية الكريمة أنها نزلت فى المسلمين الذين شهدوا غزوة أحد، وذلك حين ابتلوا بقتل سبعين من خيارهم يوم أحد (رضى الله عنهم) بخلاف الجرحى، وأصيب النبى (صلى الله عليه وسلم) فى هذه المعركة، وما ذاك إلا لأنهم خالفوا أمر الله تعالى وعصوا نبيه (عليه الصلاة والسلام) فكانت المصيبة يوم أحد، ولما تعجبوا وقالوا: «أنّى هذا.. ومن أين أصابنا هذا الذى أصابنا، ونحن مسلمون وهم مشركون وفينا نبى الله (صلى الله عليه وسلم) يأتيه الوحى من السماء وعدونا أهل كفر بالله وشرك؟!» جاءهم الجواب من الرب سبحانه: (قل -لهم يا محمد- هو من عند أنفسكم)، بسبب ذنوبكم، ومخالفتكم أمر نبيكم، وترككم طاعته فى هذا اليوم، لا من عند غيركم، ولا من قبل أحد سواكم. إذا كان هذا البلاء نزل بالمسلمين يوم أحد بسبب مخالفتهم للنبى، وهو -عليه الصلاة والسلام- بين أظهرهم، وهم فى خير القرون، ويقاتلون فى سبيل الله تعالى، فكيف بنا اليوم نرجو نصرا على عدونا، وقد عصينا أمر ربنا، وابتعدنا عن ديننا، وقاتل بعضنا تحت رايات جاهلية! ثم نقول بعد ذلك، كما قال الأولون: «أنى هذا؟!» فكل ذلك -ورب الكعبة- بذنوبنا، ومعاصينا، وفرقتنا، وتشرذمنا إلى شيع وأحزاب، كل حزب بما لديهم فرحون، وكل يدعى وصلا بالدين، وبهدى سيد المرسلين.