في الساعات الأولى من صباح اليوم، نجحت قوات الجيش بشمال سيناء في إحباط هجوم إرهابي للعناصر التكفيرية على بعض نقاط التمركز جنوب رفح، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 تكفيريا وتدمير 6 عربات، وفقا لما أعلنه العقيد تامر الرفاعي، المتحدث العسكري. وقال الرفاعي، في بيان أصدره، اليوم، إنه "تعرضت قوات إحدى النقاط لانفجار عربات ملغومة، ما أسفر عن استشهاد وإصابة 26 فردا من أبطال القوات المسلحة، وجار تمشيط المنطقة ومطاردة العناصر الإرهابية". وأثناء ذلك الهجوم، نجح العقيد أحمد المنسي، قائد الكتيبة 103 صاعقة، في إرسال آخر إشارة صوتية قبل استشهاده، حصلت عليها "الوطن"، قائلا فيها: "الله أكبر لكل أبطال شمال سينا، يمكن دي تكون آخر لحظات حياتي في الدنيا، أنا لسه عايش في هجوم من جماعة دواعش التكفيريين علينا هنا في مربع البرث، دخلوا بكام عربية مفخخة"، مضيفا: "هدوا المبيتات وهدوا كل النقطة، وأنا لسه عايش أنا و4 عساكر، متمسكين بالتبة ومتمسكين بالأرض علشان خاطر زمايلنا الشهدا مانسيبهمش، ومش هانسيب زمايلنا المصابين، إحنا لسه عايشين ومش هانسيب الأرض دي، وهنجيب حق أي شهيد أو مصاب.. الله أكبر يا نجيب حقهم، يا نموت زيهم الناس كلها تدعي للرجالة اللي هنا". "الرسالة ليست عادية، إنما هي تحفيزية"، في رأي الدكتورة هبة العيسوي، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب لجامعة عين شمس، وزميل الجمعية الأمريكية للطب النفسي، موضحة أنها "جمعت بين تناقض قوي لم يحدث من قبل، يتمثل في يقين الشهيد بإقباله على الموت المحتوم، والرهبة الناجمة عن ذلك التي تدفع البعض إلى السكوت أو الصراخ، وبين حديثه بكلمات إيجابية قوية، ما يعني ثقته الشديدة بنفسه وحبه المتفاني لوطنه". "ثبات انفعالي وطمأنينة وتوازن واستقرار نفسي ورضا لا مثيل له، جمع بينها العقيد أحمد المنسي في اللحظات الأخيرة له"، حسبما ذكرت العيسوي ل"الوطن"، ووصفته بأنه "بطل الأبطال"، قائلة إنه "يتسم بصفات الأبطال، رسالة تنم أيضا عن الاستعداد التام للشهادة نتيجة الإيمان القوي بدخوله الجنة، ما يعتبر (تسامي فوق الموت)، وهو تصالح قوي بين مصلحته الشخصية ومصلحة الوطن، ضاربا بذلك مثلا فريدا لجنود الجيش المصري في الوفاء والتضحية والإخلاص". وأردفت أن اختيار العقيد الشهيد للكلمات في رسالته ذو دلالات خاصة، مشيرة إلى جملته "إحنا لسه عايشين"، والتي تعبر عن "ارتباطه بالعساكر الأربعة الموجودين معه وتقديره لهم، فضلا عن محاولة الدفاع والحركة للاستمرار في مجابهة الإرهابيين، إلى جانب شعوره بالزمن وأنه على مشارف الموت، ولا يوجد لديه أمل في النجاة"، مشيرة إلى "شرحه للوضع حوله في بداية التسجيل لرغبته في تكوين صورة ذهنية، لإظهار قسوة الموقف دون استعمال كلمات قاسية بهدف التحفيز على الحفاظ على الوطن". "الله أكبر يا نجيب حقهم يا نموت زيهم، الناس كلها تدعي للرجالة اللي هنا"، ترى العيسوي أن هذه الجملة الأخيرة "تؤكد النزعة الدينية لدى الشخصية المصرية التي تتضح في مواقف الموت، واستدعاء المنسي لها يظهر انتماءه الشديد للمجموعة الصغيرة معه ولوطنه"، قائلة: "ما يعني تربيته بشكل صحيح وفي أسرة متزنة، وتدريبه على يد أبطال في الجيش"، مرجحة وجود وسيلة للفرار لديه لكنه قرر الاستشهاد والدفاع. فيما أيد الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، سابقته مؤكدا أن "الرسالة تؤكد ثقة الشهيد بنفسه ووطنه وأهمية الدفاع عن الأرض ضد الإرهابيين، فضلا عن أنها تظهر ارتفاع الروح المعنوية لديه رغم يقينه بإقباله على الموت، ما يؤكد العقيدة المصرية التي يؤمن بها ويحارب من أجلها وليس مرتزقة". وأضاف فرويز، ل"الوطن"، أن الشهيد كان يتحلى بثبات انفعالي قوي منعه من الفرار كالأشخاص العاديين المقبلين على الموت، نتيجة للتدريبات القوية والمتميزة التي تلقاها، موضحا أن "الموقف يؤكد انتماء أفراد الشعب المصري للوطن بشكل ضخم عكس ما يتردد مؤخرا".