أمام عربةٍ خشبية صغيرة، تعلوها صناديق من الزجاج مملوءة بعصير بني اللون تطفو على وجهه قوالب كبيرة من الثلج، يتسابق العشرات من مرتادي سوق "الزاوية " وسط مدينة غزة لشراء عصير "الخروب". هذا العصير ، الذي يلقبّه الغزيّون بسيد مائدة الإفطار، لا يروي عطش الصائمين وحسب، بل يطفئ نار فقر العاطلين عن العمل، والذين يجدون في شهر رمضان فرصة لجني الأرباح من المهن الصغيرة التي تنشط فقط في شهر الصيام. وعندما تغرب الشمس وقبل ساعات قليلة من موعد الإفطار ينشط "أحمد الزايغ" الشاب العشريني في المناداة على المارة لجلبهم نحو عربته لشراء عصير الخروب، ويعمل محمد كبائع للخروب في شهر رمضان لرخص ثمنه, ولسرعة تحضيره, ويجني الشاب الخريج من كلية الآداب والعاطل عن العمل من هذه المهنة الصغيرة ما يوفر له احتياجاته اليومية في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة والقاسية، وأمام ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. وترتفع هذه المعدلات يوما بعد يوم ففي إحصائية كشف عنها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني مؤخرا فإن قرابة 1.05 مليون فلسطيني يقعون تحت خط الفقر، من أصل 3.75 مليون نسمة. وبلغت نسبة الفقر في الضفة الغربية 18.7٪ فيما سجلت 39% في قطاع غزة تزيد من نمو أرقامه الحصار المفروض على القطاع منذ سبع سنوات. ولأن شهر رمضان يأتي في شهر الصيف وبالتزامن مع لهيب حرارة يوليو/ فإن عصير الخروب يجد طريقه لمائدة الغزيّين، وهو الأمر الذي حفزّ الحاج "أبو أنور ناجي" لصناعة وتجهيز عصير الخروب. ويريد صاحب العقد الرابع من الأكواب المثلجة لهذا العصير أن تطفئ عطش الصائمين, وأن تروي جوع أطفاله السبعة، وأشار "ناجي" في حديثه ل"الأناضول" أن صنع عصير الخروب في المنزل لا يكلفه الكثير فهو يحتاج لصنع كل 10 لترات من الخروب؛ لكيلو جرام من قرون الخروب ب"10 شواكل"، نحو ثلاثة دولارات. وكل 10 لترات تباع بنحو "20" دولارا, ينادي على قطراتها الباردة الفتى "أنور" بأعلى صوته لجذب المارة وعشاق هذا العصير, وأمام "أحلى من العسل يا خروب، شهد يا عصير" يروي ابن ال16" عاما" عطش أسرته الفقيرة. وفي هذه الأيام لا يخلو شارع من شوارع قطاع غزة من بائعي الخروب مما له من مميزات كبيرة فهو رخيص الثمن وسهل الحمل، ويمكن الاحتفاظ به طازجا لوقتٍ طويل. وبالرغم من انتشار عشرات الأنواع من المشروبات الغازية والعصائر على مختلف أنواعها, إلا أن الإقبال على عصير الخروب البارد دفع بالعشرات من العاطلين عن العمل إلى اغتنام فرصة صناعته, وإضافة للمهن الرمضانية التي تفتح للغزيّين "أبواب الرزق" .