قال أطباء نفسيون إن الرئيس محمد مرسى حاول خلال إلقائه الخطاب أمام ميدان التحرير تعويض «الكاريزما الغائبة» وانتحل شخصية «عبدالناصر» حين أكد أنه «صاحب القرار» ولن يفرط فى صلاحياته ويرفض انتزاع سلطة التشريع من البرلمان، وأكدوا أن مرسى نصّب نفسه زعيماً ثورياً وشعبياً من خلال التحامه بالمتظاهرين، كما أن رفض ارتداء «القميص الواقى» إشارة إلى رفض وصاية المجلس العسكرى عليه. وقال الدكتور أحمد عكاشة، رئيس الجمعية المصرية للطب النفسى، إن خطاب رئيس الجمهورية بالتحرير حمل العديد من الرسائل لكافة طوائف الشعب، مشيراً إلى أن مرسى تعمد إظهار أنه «واحد من الناس» وملتصق بالجماهير ولايخشى على حياته من الالتحام بهم، وذلك بإصراره على إبعاد حراسته عنه واحتمائه بالمواطنين. وأكد أن موقفه على العكس من مبارك الذى لم يكن يلتقى بالمواطنين إلا من خلال ترتيبات من الأجهزة الأمنية، ولفت عكاشة إلى أن مرسى يقدم نفسه للمواطنين بشكل متفائل وبداية لعهد جديد وبأنه ليس عدواً لأحد أو خصماً لأحد، وينم عن كونه مختلفاً كثيراً عن سابقه ويعبر عن ثقة أنه لن يعتدى عليه سوى مختل عقلياً، خاصة لإعلائه مفهوم الدولة المدنية على الرغم من خلفيته الدينية غير الوسطية والتى تقلق قطاعاً عريضاً من المواطنين ويشير إلى إصراره على تصدير مفهوم أنه رئيس لكل المصريين. فيما أكد الدكتور مصطفى شاهين، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، أن تمسك الدكتور محمد مرسى بكونه صاحب القرار فى المسائل التى تتعلق بالمواطنين يعيد للأذهان خطابات جمال عبدالناصر الذى كان يبرر فيها اتخاذ القرارات بأن هدفها مصلحة الشعب وتوصيل مفهوم التوحد معه. وأكد شاهين أن مرسى بدأ فى تعويض افتقاده للكاريزما بالحصول تأييد شعبى وتوسيع قاعدة مؤيديه لتساعده على اتخاذ القرار والوقوف أمام التحديات، فضلاً عن تطوير العلاقة بينه وبين الجماهير من خلال أداء القسم الجمهورى فى الميدان لتأكيد عدم نسيانه حق الشهداء والعمل على تحقيق مطالب الثوار. وأرجعت الدكتورة هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، تكرار استخدام الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية شعار «قوتنا فى وحدتنا» للتأكيد على القوة، مستعيناً باللغة والمفردات الشعبية للتأكيد على التواصل والالتحام بالشعب. وأوضحت أن خطاب مرسى يتصف بالتوازن السياسى، ويريد إرضاء كل السلطات خاصة المجلس العسكرى والقضاء، فضلاً عن توصيل رسالة للشعب بأنه يستمع للنقد ويتوصل إلى آراء المواطنين حيث يتضح ذلك فى ذكره للفئات والمحافظات التى أغفلها فى خطابه الأول عقب إعلان فوزه بالرئاسة. وقالت الدكتورة هبة عيسوى، إن مرسى نصّب نفسه زعيماً ثورياً وشعبياً، مستخدماً كلمة «أنا» عدة مرات للتعبير عن الثورية والزعامة وتوضيح صورة فيها تصالح بين الميدان والسلطة. وأكدت أستاذة الطب النفسى، أن مرسى لم يستطع استكمال خطابه ارتجالاً كما بدأه بهدف إظهار الترابط مع الجماهير، مشيرة إلى أنه فشل فى تحقيق ذلك وواصل خطابه ممسكاً بالأوراق التى يقرأ منها مما جعله مرتبكاً ولم يستطع الإمساك بالميكروفون. وأوضحت أن هذا الخطاب كان يهدف مرسى من خلاله التأكيد على التمتع بصلاحيات رئيس الجمهورية وعدم التبعية للمجلس العسكرى، معبراً عن ذلك باستخدام حركات وإشارات معينة كإظهار عدم ارتدائه للزى الواقى من الرصاص وإبعاد الحرس الجمهورى عنه فى نهاية الخطاب للتأكيد على التحامه بالجمهور، لافتة إلى أنه حاول كسر النمطية المعروفة عند الإخوان بذكره لفظ «الدولة المدنية والحديثة» على عكس المتوقع منه. ووصف الدكتور هشام رامى، أستاذ الطب النفسى بكلية طب جامعة عين شمس، الخطاب ب «الجيد». وقال: إن الخطاب يوضح أن مرسى إنسان مخلص ومؤمن بحق الجماهير المحتشدة فى أن تفرح برئيس الجمهورية المنتخب وتؤمن بشرعيته وأنها صاحبة هذا الحق عليه، فضلاً عن ظهور مرسى بروح إيجابية لإثبات أنه لن ينسى تلك الجماهير التى أوصلته للحكم. وأوضح رامى أن مرسى أراد أن يبعث برسالة إلى الجماهير مفادها أنه مختلف عن كل الرؤساء السابقين، بدليل أنه حضر إلى ميدان التحرير دون واقٍ من الرصاص فى محاولة لإعطاء صورة نفسية للمتلقى أنه رئيس مختلف عن الآخرين وأنه جزء من هذا الشعب فى استحضار لصورة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. وأشار إلى أن الرئيس المنتخب أراد أن يتخطى اللوم الذى ألقى عليه فى الخطاب الأول عن طريق ذكر أسماء المحافظات التى نسيها فى الخطاب السابق وكذلك فئات المثقفين والأدباء والإعلاميين والمبدعين، وكأنه خطاب توافقى، مبدياً اعتذاره عن نسيان تلك الفئات والمحافظات فى خطابه السابق.