قال الله تعالى: (ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً، وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً، وَبَنِينَ شُهُوداً، وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً، ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ، كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً، سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً)، المدثر: 11-17. المشهور فى سبب نزول هذه الآيات الكريمات أنها نزلت فى الوليد بن المغيرة المخزومى، وإن كان الناس خُلقوا مثل خلقه. وإنما خُص بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة، وإيذاء الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وكان يسمى -أى الوليد- الوحيد فى قومه. قال ابن عباس (رضى الله عنهما): «كان الوليد يقول: أنا الوحيد بن الوحيد، ليس لى فى العرب نظير، ولا لأبى المغيرة نظير»، وكان يُسمى الوحيد، فقال الله تعالى: (ذرنى ومن خلقت «بزعمه» وحيدا) لا أن الله -تعالى- صدقه بأنه وحيد. ومعنى الآيات: دع يا محمد (عليه الصلاة والسلام) أمر الذى خلقته فى بطن أمه وحيداً، لا شىء له من مال ولا ولد، فقد بسطت له فى العيش بسطاً، حتى أقام ببلدته مطمئناً مترفهاً يُرجع إلى رأيه، ثم إن الوليد يطمع بعد هذا كله أن أزيده فى المال والولد. وقال الحسن وغيره: أى ثم يطمع أن أدخله الجنة، وكان الوليد يقول: «إن كان محمد صادقاً فما خُلقت الجنة إلا لى»، فقال الله تعالى رداً عليه وتكذيباً له: «كلا» أى: لست أزيده، فلم يزل يرى النقصان فى ماله وولده حتى هلك، وما ذاك إلا بسبب كفره بآيات الله -تعالى- وتكذيبه للنبى (عليه الصلاة والسلام)، وهذا جزاء كل من جحد بالذكر إذ جاءه، نعوذ بالله من الكفر والضلال.