أحيانا تجدها بئراً مقدسة، محفوفة بالأساطير والأسرار.. وفترات أخرى تكون مخرناً للسلاح.. وقد لا تكون هذا ولا ذاك، بل تقتصر على كونها مدفناً للجدود. هى بئر مسجد الحاكم بأمر الله، أو بئر الطعام كما أطلقوا عليها، الموجودة فى قلب ساحة المسجد بمنطقة الجمالية، بالرغم من صغرها، حيث لا يتعدى قطرها مترا ونصف المتر وعمقها يتجاوز عشرات الأمتار، إلا أن طبيعتها اللافتة للنظر تفرض نفسها على كل من يوجد بالمكان، فهى تعود إلى أكثر من ألف عام مما يستدعى تجديدها سنويا وتنظيفها، كما تم بناء الرخام حولها منذ عشر سنوات. حكاية هذه البئر ترجع إلى اعتقاد طائفة «البهرة» الشيعية، التى أتت من باكستان والهند لإقامة الدولة الفاطمية، أن آخر خلفاء الدولة الفاطمية «الحاكم بأمر الله» ما زال حيا يرزق، وأن البئر المقدسة جزء من بئر زمزم، لذلك يحرصون على الوضوء والشرب من مياهها، وهو الاعتقاد الذى يصدقه بعض المصريين حتى الآن. المنتمون إلى طائفة «البهرة» بعد أداء صلواتهم يقومون بالطواف حول البئر لأخذ البركة، ثم يجلسون على أحد جوانب المسجد لقراءة القرآن. «البهرة» أيضا يعتقدون أن البئر مقدسة إما لوجود قبر جدهم الأكبر تحتها، وإما لكونها جزءا من بئر زمزم، أما المصريون فيعتقدون أن البئر تحتها مخزن للسلاح سوف تستخدمه طائفة «البهرة» الشيعية فى محاربة السنة. حكايات المصريين لا تنقطع حول ماء البئر، فهم يعتبرونه دواء للأمراض الجلدية وأمراض الجهاز الهضمى بناء على نصيحة «البهرة»، بشرط أن يكون التداوى بعد صلاة الفجر مباشرة، حيث يشرب المريض ماء البئر أو يغتسل به. سكان حى الجمالية والأحياء القريبة منه يزورون البئر باستمرار طلبا للتداوى من مياهها «المبروكة»، وينصحون غيرهم ممن فشلوا فى علاج بعض الأمراض المستعصية بزيارتها حتى أصبحت البئر تستقطب عددا كبيرا من المريدين الذين يميلون إلى تصديق الأساطير والحكايات الوهمية. يذكر أن تاريخ المسجد يعود إلى عام 380ه فى عهد العزيز بالله الفاطمى، الذى مات قبل أن يكمل بناءه، ثم استكمله فيما بعد ابنه الحاكم بأمر الله.