كأى مؤسسة، فإن الحكومة لها إيرادات ومصروفات وإذا زادت المصروفات على الإيرادات، فإنها تواجه عجزاً عليها أن تقوم بتمويله، سواء عن طريق بيع الأصول أو تقليل النفقات أو زيادة الإيرادات أو الاقتراض، وبالنظر إلى وضع مصر، نجد أن الاقتصاد المصرى كان ولا يزال فى عجز مستمر لسنوات طويلة، فهذه ليست مفاجأة ولكن المفاجأة هو الحجم الذى وصل إليه هذا العجز فى الموازنة ونسبته بالمقارنة بإجمالى الإنفاق الحكومى. بالنظر لتطور حجم العجز، فقد وصل إجمالى العجز فى الموازنة إلى 42 مليار جنيه فى العام المالى 2006- 2007 أى ما يعادل 19% من إجمالى الإنفاق الحكومى، ولكن هذا العجز زاد ليصل إلى 112 مليار جنيه أى ما يعادل 28% من إجمالى الإنفاق الحكومى فى العام المالى 2010 – 2011، وبعد اندلاع ثورة 25 يناير التى أطاحت بالنظام السابق، شهد الاقتصاد المصرى تدهوراً ملحوظاً، وبالنظر للوضع الآن، فإن عجز الموازنة من المتوقع أن يصل إلى ما يقارب من 140 مليار جنيه فى العام المالى 2011 – 2012، أى ما يعادل 30% من إجمالى الإنفاق الحكومى، ولكن لماذا زاد عجز الموازنة بهذه الطريقة؟ وهل سيظل العجز فى ازدياد؟ الإجابة: نعم وهناك أربعة أسباب رئيسية لذلك: أولاً: يمثل الدعم النسبة الأكبر من الإنفاق الحكومى حيث يصل إلى قرابة الثلث، ويظل الدعم فى ازدياد نتيجة الازدياد العام فى أسعار السلع التموينية، والمواد البترولية التى تشكل المكونات الرئيسية للدعم. ثانياً: مع تآكل احتياطى النقد الأجنبى، فإن انهيار سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية خاصة الدولار الأمريكى قادم لا محالة، وهذا سيؤدى إلى زيادة تكلفة دعم المواد التموينية والبترولية وبالتالى زيادة تكلفة الدعم وعجز الموازنة. ثالثاً: بعد ثورة 25 يناير تم تثبيت آلاف الموظفين الحكوميين، كما تمت المناداة برفع أجور موظفى الحكومة مما أدى إلى ازدياد المرتبات الحكومية كأحد العوامل الرئيسية فى الإنفاق الحكومى ليصل إلى ما قد يزيد على 100 مليار جنيه فى العام المالى 2011 – 2012، أى ما يقرب من 20% من الإنفاق الحكومى. رابعاً: تقوم الحكومة بتمويل عجز الموازنة عن طريق الاقتراض، وخاصة الاقتراض الداخلى الذى زاد سعر الفائدة عليه، والذى كان يقارب 11% قبل الثورة إلى ما يزيد على 16% فى 2012، مما أدى إلى ازدياد بند خدمة الدين إلى ما يقرب من 100 مليار جنيه، أى ما يقارب 20% من الإنفاق الحكومى، وبازدياد سعر الفائدة على السندات الحكومية، فإن بند خدمة الدين سيظل فى ازدياد مستمر فى السنوات القادمة وبالتالى يزداد عجز الموازنة. وبناءً على الأسباب الأربعة السابقة، فإنه من المتوقع أن يظل عجز الموازنة فى ازدياد مستمر عبر السنوات المقبلة حتى يصل إلى 150 مليار جنيه أى ما يزيد على 30% من الإنفاق الحكومى، أو ما يزيد على 10% من إجمالى الناتج المحلى، ورغم أن هذه المؤشرات خطيرة إلا أن انتهاء المرحلة الانتقالية والاستقرار السياسى سيساعدان على إعادة هيكلة الوضع الاقتصادى والسيطرة على العجز.