فاز الدكتور محمد مرسى برئاسة جمهورية مصر العربية، وأقرر بداية أننى لم أنتخب الدكتور محمد مرسى فى الجولة الأولى، كما أننى قاطعت الانتخابات فى جولة الإعادة، وأقرر ثانياً أننى سأكون من المعارضين للرئيس القادم ولجماعة الإخوان المسلمين حتى يتبين لى حسن النوايا فى مصداقية الوفاء بوعودهم للشعب المصرى، وعلى رأسها مدنية الدولة وعدم إقصاء أى فصيل من أبناء الوطن، وأن يكون الدكتور محمد مرسى، عملاً وفعلاً، رئيساً لكل المصريين ويثبت للشعب أنه بالفعل انسلخ عن جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وأنه يتصرف ويقرر كرجل للدولة المصرية بكل أطيافها وطوائفها. وتواجه الرئيس الجديد، منذ الآن، تحديات يترقب الشعب كله بل والعالم كيف سيكون تصرفه فى مواجهتها. أول هذه التحديات هو أن يثبت لجماعة الإخوان المسلمين أنه إن كان منهم إلا أنه لم يعد لهم فقط منذ انتخابه؛ فقد أصبح لكل المصريين؛ فالمطالب التى يعتقد حزب الحرية والعدالة بصحتها والتى أعلن بعض قيادات بارزة فى الإخوان أنهم معتصمون بالميدان حتى يتم تحقيقها هى مطالب حزبية، وأول هذه المطالب عودة مجلس الشعب الذى تم الحكم ببطلان انتخابه بمعرفة المحكمة الدستورية العليا، وترتب على هذا البطلان حل المجلس بكامله، وهذا المطلب مع استحالة تنفيذه يضع أول العراقيل فى وجه الرئيس المنتخب، فهو وإن رغب فى تحقيق هذا المطلب فلن يستطيع لأنه يخرج عن سلطاته والإصرار عليه يضع الرئيس فى موقف حرج ويظهره -على خلاف الواقع- غير قادر على اتخاذ القرار وأنه حنث بوعده الذى قطعه على نفسه وقت أن كان مرشحاً يخاطب الجماهير خطاباً انتخابياً لتحقيق الشعبية، أما وقد أصبح رئيساً للجمهورية فإن الأمر أصبح مختلفاً؛ فعليه أن يحترم الدستور والقانون وأن يرسخ مبدأ الخضوع لسيادة القانون ولأحكام القضاء الذى ساعد فى وصوله لهذا المنصب، فضلاً عن أن قطاعات كبيرة من الشعب لا تؤيد هذا المطلب، مع الوضع فى الاعتبار أن الرئيس محمد مرسى هو رئيس لكل المصريين ومناصرة فئة على فئة -لو فرضنا قدرته على ذلك- أمر يتنافى مع ما قطعه على نفسه من وعود. والمطلب الثانى المرفوع بالميدان هو إلغاء الإعلان الدستورى المكمل، وهو أيضاً أمر لا يملكه الرئيس الجديد ولا يدخل فى سلطاته وفقاً للسلطات المنصوص عليها فى المادة 56 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 الذى دخل هو وغيره الانتخابات فى ظل أحكامه وارتضوا به، وعلى من يطالب الرئيس الجديد بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل أن يراجع هذه المادة من الإعلان الدستورى ليعلم أنه لا يستند فى مطلبه إلى أى أساس، وإنما هم بإصرارهم على تنفيذ الرئيس لهذا المطلب يعرضون المنصب ذاته لحرج شديد؛ فالدكتور محمد مرسى وإن أعرب عن رفضه لهذا الإعلان الدستورى المكمل كمرشح ومواطن عادى فهو لا يملك هذا بعد أن أصبح رئيساً للجمهورية. وثالث هذه المطالب أن يؤدى الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب المنحل الذى سوف ينعقد فى ميدان التحرير!! وهذا الأمر من شأنه ألا يتسلم الرئيس المنتخب مهام منصبه؛ إذ لن يصبح الرئيس المنتخب رئيساً شرعياً للبلاد إلا بعد أن يُقسم اليمين الدستورية أمام الجهة التى حددها الدستور، وهى الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، وأياً كان وجه الرأى فى ذلك. وأضيف أن من يطالبون الرئيس الجديد بأن يُقسم اليمين فى ميدان التحرير بعد أن يقسمها أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية يضعون الرئيس فى حرج بالغ؛ إذ إن إجراءات أمنه وتأمينه ضد أى حادث أو عدوان على شخصه ليست مسئوليته وحده؛ فتأمين حياة الرئيس تنتقل فور حلفه اليمين إلى الحرس الجمهورى وجميع الأجهزة الأمنية ولا يتوقف الأمر على مجرد رغبته؛ إذ قد تتعارض الرغبات مع مقتضيات التأمين حرصاً على سلامة الوطن كله وليس على سلامة الرئيس فقط. أما المطلب الرابع وهو إلغاء قرار وزير العدل بمنح الضبطية القضائية للشرطة العسكرية ولرجال المخابرات الحربية فهو لا يعدو أن يكون قراراً وزارياً يدخل تحت رقابة القضاء (الذى أصدر حكما بإلغائه) وأيضاً يدخل فى اختصاص الرئيس يقيناً وكان يمكنه إلغاؤه. إننى أناشد قيادات حزب الحرية والعدالة وقيادات جماعة الإخوان المسلمين أن ينزعوا فتيل هذه القنابل التى قد تنفجر فى وجه الرئيس الجديد لنعطيه جميعاً الفرصة ليعمل.