كثير من المحللين السياسيين يربطون بين الثورة البرتقالية فى أوكرانيا وثورة 25 يناير فى مصر، فالبلد الذى كان جزءاً من الاتحاد السوفيتى قام بثورته البرتقالية فى عام 2004 احتجاجاً على فضائح الفساد والانتهاكات الحقوقية ليأتى مرشح المعارضة إلى الحكم، لكن حكمه تسبب فى تمرد شعبى عارم، بسبب الوعود التى قطعها على نفسه أمام الشعب ولم ينفذها والتدهور الاقتصادى الواضح الذى جعل الأوكرانيين يتمنون عودة النظام القديم مرة أخرى إلى الحكم. وتقول الدكتورة نورهان الشيخ إن «تجربة الثورة البرتقالية فى أوكرانيا هى الأقرب فى كثير من الأمور للحالة المصرية؛ من وعود كاذبة وتراجع اقتصادى، وكذلك كان الحال فى جورجيا التى شهدت قمعاً أمنياً وأيضاً تراجعاً اقتصادياً، إضافة إلى التخبط السياسى الواضح فى السياسة الخارجية». وأوضحت أن أوكرانيا كانت البداية فيها فى انتخابات 2004 حينما استبق مرشح المعارضة آنذاك فيكتور يوشينكو نتيجة انتخابات الإعادة وأعلن فوزه واعتصم مؤيدوه فى ساحة الاستقلال بالعاصمة كييف، مثلما فعل الإخوان فى الانتخابات الرئاسية حينما أعلنوا فوز محمد مرسى قبل إعلان النتيجة الرسمية، لكن الانتخابات الرئاسية الأخيرة فى أوكرانيا عام 2010 شهدت تغيراً جذرياً فى شعبية يوشينكو، فلم يفز الرئيس بالانتخابات بل وحصل على 5% فقط من الأصوات، أى انعدمت شعبيته تقريباً هو وتياره السياسى كله، وكان هذا التراجع بسبب الفساد السياسى وضعف أداء الحكومة، وفاز فيكتور يانوكوفيتش الذى كان مرشحاً ضده فى انتخابات 2004 صاحب المواقف والسياسات التى يتطلع إليها المواطن الأوكرانى. وتابعت «الشيخ» أن «السبب المهم وراء ذلك هو التدهور المتزايد فى الأوضاع المعيشية وعدم اتخاذ الحكومة إجراءات من شأنها الحد من هذا التدهور. لكن فى أوكرانيا لم يكن هناك خلاف على هوية الدولة، ففى كل الحالات هى نظام علمانى، حتى لو كان النظام الذى جاء أميل إلى الولاياتالمتحدة، ولم يكن يوجد خلاف قوى على هوية الدولة مثل مصر التى «الشيخ» إلى أن التجربة الأوكرانية لم تشهد إقصاء المعارضة رغم وصول من كانوا فى المعارضة إلى الحكم مثلما هو حادث فى مصر، ولم يكن هناك خلخلة فى نظام الدولة أو شكلها، وهو أمر أشد ضراوة فى مصر الآن. وكان السبب فى عودة النظام هو أن كل الوعود التى قدمها النظام الحاكم وقتها فى فترة الثورة اكتشف المواطنون أن كلها وعود كاذبة ولم يتحقق منها شىء، بل بالعكس ازدادت الأوضاع تدهوراً والفساد زاد انتشاراً، وبالتالى فإن السبب الرئيسى فى فشل هذا النظام هو التراجع الواضح عن الأهداف التى كان يطمح إليها المواطن الأوكرانى من ثورته. وأوضحت «الشيخ» أن النظام وعد المواطنين بأنهم سيكونون مثل الدول الأوروبية التى تتمتع بمستويات معيشية عالية، وهو أمر أشبه ببرنامج النهضة الذى وضعه الإخوان. ويرى الخبير الروسى «رافائيل مصطفين» أن أوكرانيا هو مجتمع منقسم بين المنتمين إلى روسيا وبين السكان الأصليين الذين هم أكثر عداء لروسيا، وقد يكون القرار المثالى هنا هو أن يحول هذا البلد إلى قسمين، لكن هذا أمر خطير لأنه قد يؤدى إلى حرب أهلية مثلما هو حادث فى مصر، حيث هناك قسم من السكان يدعم الأحزاب الإسلامية بمن فيهم المتشددون، وهناك قسم آخر يدعم الطريقة العلمانية ويراها الطريق نحو التنمية. وهذه الأحزاب، خاصة «الإخوانية»، لا يريد كل طرف أن يسمع للجانب الآخر فى كثير من الأحيان، وهو أمر خطير بالنسبة لمصر لأنه قد يؤدى إلى حرب أهلية.