هناك جبهتان تستهدفان الجيش المصرى هما الإخوان والأمريكان.. وفيما يبدو أن القوات المسلحة تقف عائقاً فى تحقيق التناغم الكامل بينهما أو أنها لا تنفذ الاتفاقيات التى يتوصلان إليها، سواء من خلال اجتماعات خيرت الشاطر والسفيرة آن باترسون أو عبر اللقاءات التى تتم فى واشنطن.. ومن الممكن إيجاد مبرر لما تفعله أمريكا رغم التوافق العسكرى معها لكنها فى النهاية يسعدها دمار الجيش العربى الأول والوحيد فى المنطقة لصالح إسرائيل أو على الأقل استخدامه فى تحقيق أهدافها، خاصة أن المطامع العسكرية الأمريكية فى مصر لم تنقطع.. لكن الغريب هو موقف جماعة الإخوان المسلمين التى من المفترض أنها تدير البلاد وأن رئيسها، كما يحلو له التفاخر دائماً، القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكنه لم يقدم حتى الآن ما يثبت ذلك، حيث يتضح أن علاقته بالأمريكان أقوى من الجيش المصرى، وأن الهوة بينهما، الأمريكان والإخوان من ناحية والقوات المسلحة على الطرف الآخر، كبيرة. لن تتوقف حملات الإخوان على الجيش، وسوف يظلون يلاحقونه بالاتهامات والشائعات لتدمير روحه المعنوية، سواء من خلال قياداتهم من أول المرشد مروراً بأعضاء مكتب الإرشاد وعلى عبدالفتاح ووصولاً إلى محمد البلتاجى طالما أنهم يستقوون بالأمريكان، خاصة أن السفيرة الحالية تلعب دوراً خطيراً يتجاوز حدودها الدبلوماسية، مما يؤكد أن نظام الإخوان ضعيف وخانع، وأما هذه التجاوزات فتتم لصالحه، وفى اعتقادى أن الاحتمالين يسيران بنفس القوة. كل يوم تثبت جماعة الإخوان أن أجندتها تختلف كثيراً عن أولويات الجيش، وأن الأمن القومى المصرى ليس سوى وسيلة لتحقيق طموحات الجماعة. ولا أعتقد أن حديث د. محمد مرسى فى الصالة المغطاة حول موقف مصر جيشاً وشعباً من النظام السورى كان «زلة» لسان، بل يبدو اتجاهاً أمريكياً لتحرير سوريا عبر قوات عربية.. ولا يجب أن ينسى أحد أن أوباما قرر تسليح المعارضة هناك قبل ساعات من قرار مرسى بمقاطعة سوريا وإغلاق سفارتها بالقاهرة. بدلاً من أن يستمع مرسى وجماعته إلى الشعب المصرى وتحقيق مطالبه، التى كانت جزءاً من وعوده، ذهب وإخوانه للاحتماء بالأمريكان ليجهض المظاهرات ضده. ومن المؤكد أن حديث السفيرة حول شرعية مرسى سيكون له ثمن، لذا كانت الجلسة مع خيرت الشاطر، صاحب القرار الأول والأخير الذى لا يمثل أى صفة رسمية، ومع ذلك ذهبت السفيرة إلى مكتبه.. ولم يكن غريباً أن يعلن الشاطر فى اجتماعه مع عمرو موسى أن الأمريكان يحمون الإخوان.. ونسى أنه وجماعته بنوا جزءاً كبيراً من شعبيتهم على رفضهم الكلامى للأمريكان وسبهم ومطالبتهم الدائمة بطرد سفيرهم من القاهرة وحرق أعلامهم فى المظاهرات. يتعرض الجيش المصرى لضغوط خارجية وداخلية فى مرحلة حرجة وبالغة الصعوبة، سواء من أمريكا وإسرائيل بالطبع أو من نظام الإخوان المسلمين الذى أضاع أولويات الأمن القومى المصرى ويوزع الأراضى على الدول الأخرى ويسدد فواتير انتخابية لأمريكا وتركيا وقطر وحماس وغيرها، بالإضافة إلى ما يحدث فى سيناء، بينما الشعب ينتظر من جيشه حماية التغيير، وبالتالى فإن الموقف أعقد مما يتخيل أحد. أطماع الإخوان فى الدولة لا تنتهى، والطموحات الأمريكية لن تتوقف، والجيش إذا تنازل فلن يُرضى المطامع ولا الطموحات، وبالتالى جاء وقت المواقف ليسجل قادة الجيش أسماءهم فى التاريخ المصرى المشرف بجوار أحمد عرابى وجمال عبدالناصر وزكريا محيى الدين وعبدالمنعم رياض وأنور السادات وأحمد إسماعيل والجمسى وأبوغزالة والشاذلى وغيرهم.. حمى الله الجيش من أعدائه «الإخوان والأمريكان».