الشهابي ورئيس جهاز تنمية المشروعات يفتتحان معرض «صنع في دمياط» بالقاهرة    رويترز عن الخارجية النيجيرية: نؤكد استمرار التعاون الأمني مع الولايات المتحدة    انفجار قنبلة يدوية يهز مدينة الشيخ مسكين جنوب غربي سوريا    بدأت بغية حمام، حريق هائل بعزبة بخيت بالقرب من قسم منشية ناصر (فيديو)    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    استمتعوا ده آخر عيد ميلاد لكم، ترامب يهدد الديمقراطيين المرتبطين بقضية إبستين بنشر أسمائهم    مصدر سوري يرجح توقيع اتفاق أمني سوري إسرائيلي قريبا    زيلينسكي يبحث هاتفياً مع المبعوثَيْن الأميركيين خطة السلام مع روسيا    الاحتلال يصدر أوامر إخلاء لإزالة منازل الفلسطينيين فى حى التفاح بغزة    18 إنذارا للمصريين فى 10 مباريات رصيد حكم مباراة الفراعنة وجنوب أفريقيا    وزير العمل: الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ستوفر ملايين فرص العمل بشكل سهل وبسيط    سكرتير محافظة القاهرة: تطبيق مبادرة مركبات «كيوت» مطلع الأسبوع المقبل    أمن الجزائر يحبط تهريب شحنات مخدرات كبيرة عبر ميناء بجاية    بالأسماء، إصابة 7 أشخاص في حادثي انقلاب سيارة وتصادم موتوسيكل بآخر في الدقهلية    ارتفاع حجم تداول الكهرباء الخضراء في الصين خلال العام الحالي    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    الأب بطرس دانيال: اختلاف الأديان مصدر غنى إنساني وليس سببًا للصراع    حريق هائل في عزبة بخيت بمنشية ناصر بالقاهرة| صور    هشام يكن: مواجهة جنوب أفريقيا صعبة.. وصلاح قادر على صنع الفارق    منة فضالي للإعلامية يارا أحمد: لو حجيت هتحجب وساعتها هسيب الشغلانة    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    «اللي من القلب بيروح للقلب».. مريم الباجوري تكشف كواليس مسلسل «ميدتيرم»    محمد فؤاد ومصطفى حجاج يتألقان في حفل جماهيري كبير لمجموعة طلعت مصطفى في «سيليا» بالعاصمة الإدارية    أردوغان للبرهان: تركيا ترغب في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة أراضي السودان    أمم إفريقيا - تعيين عاشور وعزب ضمن حكام الجولة الثانية من المجموعات    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    رئيس كوريا الشمالية يؤكد أهمية قطاع إنتاج الصواريخ في تعزيز الردع العسكري    متابعة مشروع تطوير شارع الإخلاص بحي الطالبية    ناقد رياضي: تمرد بين لاعبي الزمالك ورفض خوض مباراة بلدية المحلة    محافظة الإسماعيلية تحتفل بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق بحفل "كلثوميات".. صور    نجم الأهلي السابق: تشكيل الفراعنة أمام جنوب إفريقيا لا يحتاج لتغييرات    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    الزمالك يستعد لمباراة غزل المحلة دون راحة    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    فاروق جويدة: هناك عملية تشويه لكل رموز مصر وآخر ضحاياها أم كلثوم    تطور جديد في قضية عمرو دياب وصفعه شاب    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    واعظات الأوقاف يقدمن دعما نفسيا ودعويا ضمن فعاليات شهر التطوع    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    استمرار حملات إزالة التعديات على الأراضي الزراعية بكرداسة    أخبار مصر اليوم: سحب منخفضة على السواحل الشمالية والوجه البحري.. وزير العمل يصدر قرارًا لتنظيم تشغيل ذوي الهمم بالمنشآت.. إغلاق موقع إلكتروني مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إعلان نتائج انتخابات مجلس النواب رسميًا    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    أخصائي يُحذر: نمط الحياة الكارثي وراء إصابة الشباب بشيخوخة العظام المبكرة    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    كيف نُصلِح الخلافات الزوجية بين الصم والبكم؟.. أمين الفتوى يجيب    حزب المؤتمر: نجاح جولة الإعادة يعكس تطور إدارة الاستحقاقات الدستورية    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرزق يحب "العمالة السورية"
العمالة السورية فى مصر.. سواعد هاربة من جحيم الحرب الأهلية
نشر في الوطن يوم 23 - 06 - 2013

بينما يصدح صوت المؤذن بأذان الظهر من مسجد الحصرى، يبدأ إعداد فرشته، المكونة من كرتونة متهالكة، عليها لعب أطفال تُصدر أصواتاً تجذب الصغار، وتجبر والديهم على الشراء، ومحافظ ومشغولات جلدية، يرغب الكبار فى دفع النقود، يخشى الكاميرا، يقول إنه كان عزيزاً مكرماً يجلس فى المنزل فى دمشق، يذهب للمدرسة ويلهو مع الأطفال فى الشارع.
اسمه محمد، وكنيته «عباس»، يبلغ من العمر 14 عاماً، جاء إلى مصر منذ 8 شهور، هرباً من جحيم الحرب الأهلية فى سوريا، لديه أخ وأخت، قدمت الأسرة بالكامل إلى مصر، لا يعمل أبوه لتقدمه فى العمر، لكن أخاه يعمل فى سوبر ماركت. سنه الصغيرة لم تتح له فرصة عمل مناسبة، فسارع بافتراش الأرض قرب مسجد الحصرى، يبيع اللعب، قرب موقف السيارات المزدحم بالمواطنين.
زبائن محمد أغلبهم من السوريين، يقفون أمام فرشته، خاصةً السيدات، بحجابهن المميز الذى يغطى الذقن. يقول الصبى إنه يتعرض لمضايقات من الباعة المتجولين المصريين، خاصةً من هم فى مثل سنه، دائماً ما يخبرونه بأنه أخذ مكانهم، لكنه يرد عليهم بأنه جاء فوجد المكان خاليا، ففرش عليه فرشته. لكن السوريين يقدمون على الشراء، ولا يشعر بالشفقة من ناحيتهم، فهم أهله الذين يكرمونه. يشترى محمد بضاعته من رمسيس، يذهب بين الحين والآخر إلى هناك، لا يقابل جفاء من التجار، يعاملونه كالمصرى، فى البداية كان الأمر صعباً عليه، لكنه اعتاد الآن على وجوده أمام «النصبة» لثمانى ساعات يومياً، يعود بعدها كل يوم بقوت أسرته ليعينهم على العيش.
اختار 6 أكتوبر، لأنها أكثر المناطق فى مصر التى يسكن بها سوريون، وهى منطقة هادئة. يشعر فيها بأنه فى وطنه، فبدأ التحدث مع الزبائن باللهجة المصرية أكثر من السورية، لكى يستطيع التعامل مع الجمهور المصرى. أكثر ما يثير دهشة الصبى، هى المشاحنات التى يتعرض لها، ويحكى عن واقعة حدثت مع شخص حاول أخذ محفظة جلدية منه دون دفع ثمنها، وحين رفض، رفع عليه المطواة «المشاحنة فى سوريا آخرها عصا». أسوأ كلمة يسمعها محمد «إنتوا يا سوريين مليتوا البلد». يحلم الصبى كل يوم بالعودة إلى الوطن فى سوريا، واستكمال دراسته فى الصف الثانى الإعدادى.
شركات الصرافة تحول أموال السوريين بالدولار
تنتشر شركات الصرافة فى معظم أحياء مدينة 6 أكتوبر، خاصة الأول والثانى، فهما أكثر مناطق تمركز السوريين. فى ميدان الحصرى تمتلئ شركة النيل للصرافة بالسوريين، يأتون لاستبدال العملات بالمصرى، أغلبهم لا يستبدل الليرة (العملة السورية)، بل يستبدلون الدولار، بحسب محمد فريد، مدير شركة النيل للصرافة، الذى يقول «نسينا شكل المصريين»، ويؤكد أن أغلب من يتعامل مع الشركة الآن سوريون فحسب، ويقول «هذا الانتشار الكبير بدأ فى أكتوبر منذ حوالى 6 شهور، قبل تلك الفترة كان الوجود السورى متوسطاً، وعملية تحويل الأموال تجرى بتحويل الليرة السورية»، يقول مدير الشركة إنه تقدم للعمل لديه سوريون كثر، لكنه رفض ذلك، متعللاً بأن المصرى أولى بالعمل ولو كان ذلك يكلفه أكثر، ويؤكد أن البعض يُشّغل السوريين لأنهم يقنعون بمرتبات متواضعة، يرى فى ذلك استغلالا لظروف السوريين، يقول إن شركة الأميرة للصرافة تُشّغل عمالة سورية لديها لاستقطاب السوريين لاستبدال أموالهم.
السوريون يشترون محلات المصريين
استبدال المحلات، وتغيير نشاطها ظاهرة منتشرة الآن بكثافة فى مدينة 6 أكتوبر. مغسلة «مرحباً كلين»، أصبحت مطعم أكل الشاميات، وكبدة فهمى المصرية، باتت محلا لتقديم «شاورما سورية». فى محل هواتف محمولة يجلس أحمد السكرة وحيدا، لا يقبل عليه الزبائن، يشاهد التلفاز متململاً أو يخرج ليجلس أمام «الدكان» لعل أحدهم يأتى لصيانة هاتفه أو شراء كارت شحن. يقول إنه يعمل فى أكتوبر منذ أكثر من 15 عاماً، لكنه لم يقابل مثل هذه الحالة من قبل، حتى ساعة حرب العراق لم يوجد مثل هذا الوضع، بحسبه، يستاء من غلق المصريين لمحلاتهم واستبدال سوريين بها، يقول إن ذلك وبال عليهم، ويمنع الرزق عنهم، واصفاً أصحاب المحلات السورية بأنهم يمنعون تعيين المصريين لديهم، وهو الأمر الذى رصدته «الوطن» فى أغلب محلات ومطاعم 6 أكتوبر.
لا هواتف جديدة، فى محل أحمد (27 سنة)، بعد واقعة سرقة تعرض لها على يد سورى، حسب قوله، مضيفا أنه كان مشاركاً لشخص يدعى أبوسامر السورى، وفى صباح يوم، عقب شراكة دامت قرابة شهرين، حضر إلى المحل فلم يجد أى جهاز موجود بالمحل، ويؤكد أنه بحث عن شريكه فى مدينة 6 أكتوبر لكنه لم يعثر عليه، وحين حاول تقديم بلاغ لم يجد أنه يعرف كثيراً عن أبوسامر. يدخل رجل للمحل يعمل فى بنك القاهرة، يؤكد واقعة السطو التى جرت على محل أحمد، الذى يشكو وجود بعض محلات الهواتف المحمولة السورية، التى تعرض هواتف وصيانة بأثمان أقل من التى يقدمها أصحاب المحلات من المصريين.
«الشاورما السورية» جعلت محلات الكباب بلا زبائن
فى محل «عنتر» الكبابجى تتوقف حركة البيع، ويجلس محمد جميل على «الكاشير» دون أن ينقر على الشاشة أمامه بأى طلب جديد، ولا يتلقى أى اتصالات تطلب طعاماً إلا على فترات متباعدة. يعمل جميل فى المطعم منذ 3 سنوات، تنقل بين الفروع فى مناطق مختلفة، لكنه موجود فى فرع 6 أكتوبر منذ قرابة 6 أشهر. لاحظ «الكاشير» أنه فى بداية وجوده بأكتوبر كان السوريون يكثرون فى طلب الأكل، وأحياناً كان البعض لا يمتلك ثمن ما يأكل، فيذهب إلى إعطائهم الطعام شفقة عليهم، لكن الإقبال على المطعم الآن بات ضعيفاً. «بقى فيه صفوف كلها مطاعم سورية، بقوا أكتر من المصريين».
كان فى المطعم شابان سوريان يعملان معهما، اسمهما لؤى وعمر، لكنهما تركا المطعم منذ حوالى شهرين، ليعملا فى مطعم سورى، يصف «محمد» أسلوب كلام السوريين تغير الآن، وبدلاً من لهجة الانكسار فى الماضى، بات قويا الآن وبه مواجهة، على حد تعبيره، كما يبدى عجزه أمام أسعار الأطعمة السورية المنخفضة، وجودة طعامهم ويؤكد أنه لا يرفض وجود السوريين فى مصر بشكل كامل، لكنه ناقم على طريقة تعاملهم مع المصريين.
صاحب مطعم سورى: المصريون استغلونا
مطعم الشاميات هو أحد عشرات المطاعم السورية التى تصطف بجوار بعضها فى 6 أكتوبر، لصاحبه أبوطارق السورى (29 عاماً). العمالة الموجودة بالمطعم كلها سورية، يقول صاحب المطعم إنه اختار 6 أكتوبر لأنها منطقة عامرة بالسكان، ويرتاح السوريون فيها، حين قدم من سوريا منذ حوالى 7 شهور، لم يحط الرحال على مكتب سياحى، بل وجهه بعض الأصدقاء السوريين المنتشرين فى أكتوبر، وبعض الأموال التى هرب بها من بطش النظام السورى، قام من خلالها بفتح المطعم.
لا يجد «أبوطارق» غرابة فى أن كل العاملين بالمطعم ينتمون لسوريا، ويعتبر ذلك طبيعيا للغاية، وينفى أن يكون السوريون أخذوا مكان المصريين، ويقول إنه اشترى المكان من شخص مصرى بمحض إرادته، ويؤكد أن 90% من السوريين باتوا يعملون فى محلات سورية. لا يحب أن يعتبره البعض مغتصبا لعمالة مصرية أو حقوق عمال. ويقول «دخلنا على بلد غريبة، لازم نثبت وجودنا». ويضيف أن هناك كثيرا من المصريين يرفعون عليه أسعار المواد الغذائية التى يستخدمها فى الطهى. ويغضب «أبوطارق» من المصريين الذين يقولون إن السوريين أصبحوا سبباً فى ارتفاع إيجارات المساكن «مو إحنا اللى غلينا، المصرى هو اللى استغلنا ورفع الأسعار». أبرز المشكلات التى يواجهها صاحب المطعم السورى هى قلة الأمانة، حيث بات يخاف من السرقة والبلطجة بشكل مستمر. ولا يعترف بوجود السماسرة السوريين للشقق «كيف يسمسر على ابن بلده، لازم نقف مع بعض، لكن كدا بناكل لحم بعض». يتمنى العودة لسوريا فى أقرب فرصة «كل سورى يحلم بذلك» بحسب أبوطارق.
مدير فرع «كشرى التحرير»: السورى شكله حلو وواجهة للمكان
يلفت النظر أثناء الجلوس فى أحد أركان كشرى التحرير، تلك اللهجة الغريبة التى يتحدث بها بعض العاملين، وبعد التدقيق فى كلماتهم تجد أنهم سوريون، يرطنون بلهجة شامية. «الوطن» التقت محمد عليوة مدير الفرع، الذى قال إنه جرى الاستغناء عن كثير من العمالة المصرية، الذين لا يعطون العمل ما يعطيهم «عندهم لكاعة، وعنف فى التعامل». ويقول «عليوة» إن السوريين جاءوا تحت ضغط الحصول على أموال لسداد الإيجارات والصرف على أسرهم. ويؤكد أن هناك بعض السوريين الذين يقبلون بأن يعملوا أوقاتا إضافية للحصول على مزيد من المال.
لا يرى مدير الفرع فى ذلك إساءة للمصريين، ويؤكد أن السورى «شكله حلو وبيدى واجهة للمكان وبيشتغل كتير». ويشير إلى أن الأمر لا يخلو من مشاكل، وأحيانا يوجه بعض الزبائن إهانات للعاملين السوريين، وتحدث مشاحنات تتطور لاشتباك بالأيدى. ويقول إن مساعد مدير الشركة الأم، واسمها «السعيد لإدارة وتشغيل المطاعم»، شخص سورى.
أحد العمال السوريين وائل الصياح، (14 عاماً)، وظيفته تنظيف الطاولات. كان يعمل فى صناعة الحقائب فى سوريا، ويقول إنه سعيد فى العمل بمحل الكشرى، من أجل الإنفاق على أسرته، والجميع يعامله باحترام.
حلاق سورى: زبائنى من أبناء بلدى أكثر من المصريين
بجوار مخبز سورى، يوجد محل «ماهر» (40 عاماً)، للحلاقة، الذى ما إن استقر فى مصر منذ 4 شهور فقط، حتى بدأ تأسيس محله، المكان واسع ومكيف، ملىء بالزبائن من السوريين. يمتهن ماهر الحلاقة منذ 30 عاماً، فى سوريا كان لديه محله الخاص. وعندما وصل مصر ذهب إلى مجموعة من أصحابه، الذين نصحوه بأن يفتح المحل، نظراً للوجود السورى الكبير، ويقول إن زبائنه أغلبهم سوريون، لكن على الرغم من ذلك يقصده بعض المصريين، الذين يقولون إن أسعاره زهيدة «المحلوق بيستريح للشخص حتى لو كان كورى».
استقر ماهر فى مدينة 6 أكتوبر هو وأسرته، غاضب من عدم الاهتمام المصرى والعربى بالقضية السورية، ويقول إن الناس فى سوريا تموت وهناك حالات اعتقالات وقصف، ورغم ذلك هناك احتفالات وفرجة من العالم كله، بحسب ماهر، الذى يصف الشهداء بأنهم مجرد أرقام. اختار 6 أكتوبر لأنها معقل السوريين، ويعمل فى المكان سوريون فقط، قطعت الكهرباء فأخرج ماهر ومساعده ماكينات مشحونة وأكمل الحلاقة لزبائنه. يتحدث الموجودون فى المكان عن معاناتهم داخل مصر، حيث بدأت أسعار إيجار الشقق ترتفع. «هلأ أتعس شقة صار إيجارها ألف جنيه». ويعبر «ماهر» عن استيائه من وجود مصريين لا يرغبون فى وجوده، ويعلنون له ذلك صراحة. مؤكدا أن الوضع لو تحسن فى سوريا، سيعود على الفور. يحاول الحلاق الذهاب إلى دول مثل لبنان والأردن والعراق، لكن تلك البلاد لفظته خارجها. يشكر المصريين على حسن استضافتهم، ويتمنى أن يزيل المصريون من أذهانهم أنهم جاءوا ليأخذوا أماكنهم.
«مطلوب للعمل».. يُفضل السوريين
كثيرة هى الإعلانات المنشورة بالصحف والمواقع التى باتت تفضل السوريين، فى بعض الأعمال بمصر، مثل الإعلان المكتوب فيه: «مطلوب آنسات - ذوى خبرة بأعمال الكوافير يشترط الخبرة ويفضل سوريات ويشترط المظهر واللباقة. 7 ش الشهيد عوض حجازى سيدى بشر ترام» ومذكور رقم الهاتف بالإعلان. وفى أحد المواقع الخاصة بالتوظيف، تطلب شركة خاصة بتجارة الأخشاب اسمها «ABCO»، سكرتيرة، يفضل كذلك أن تكون سورية.
فى محلات وسط البلد أيضاً بدأ زحف السوريات بحثا عن فرص عمل فى بيع الملابس، كما توجد محلات اشتراها سوريون مثل «فرفشة» و«بهاء مكى»، وأخرى فى طلعت حرب وقصر النيل. شادى بهاء مكى، «35 عاماً»، يقول إن أخواله مصريون، ولا يستشعر غربة فى المكان. «مكى» فى سوريا يمتلك محلا للملابس أيضاً، ويقول إن أذواق الزبائن فى الملابس لا تختلف بين مصرى وسورى، خاصةً أن المنتج الآن فى سوق الملابس دائماً ما يكون تركيا. مالكا المكان سوريان، والعمالة تنقسم بين سورى ومصرى. يقول إن الأمر ليس بيديه فى أسعارهم المنخفضة، وإن سوق البيع متنوعة بين مشترين مصريين وسوريين. بينما فى محل فرفشة، الكائن بشارع قصر النيل وينقسم لدورين، فإن العاملين بالمحل جميعهم من السوريين.
(ش. س) رفض نشر اسمه، رفض تصوير المحل، ويقول إنه جاء إلى مصر منذ شهر تقريباً، يسكن التجمع الأول ولا يشعر بغربة على الإطلاق فى مصر، يقول إنه وقف فى كمين منذ أسبوعين، ولم تكن لديه أوراق هوية، لكن الضابط لم يحاسبه، وسمح له بالعبور. لم يجئ عبر مكتب سياحى، لكن من خلال الأصدقاء. لا يرى المحاسب بمحل الملابس أن هناك استبدالا سوريا بالمصريين، حيث يقول إن المبيعات كلها تضخ فى عجلة الاقتصاد المصرى.
لسنا لاجئات.. بل منتجات
غضبهن من انحسار أخبار السوريين فى مصر من الزواج من سيداتهم، أكثر ما دفعهن لتقديم ذلك المشروع، الذين سمينه «لسنا لاجئات بل منتجات». المشروع يبدأ من المنازل التى تعد الطعام، من خلال مجموعة من السيدات، اللواتى جئن من إدلب بسوريا، ونزحن للسلوم لمدة عشرين يوماً، ثم جئن إلى الإسكندرية ثم من خلال كشك صغير فى منطقة العصافرة بالإسكندرية، تتجمع الوجبات التى تذهب للمنازل بعد ذلك. يرد على الهاتف المنوط بالطلبات أبوعمر الذى جاء وأسرته، واتحد مع أسر عديدة فى تقديم المشروع. يرفض حتى تصوير المشروع، حيث يقول إنهن سيدات يعملن لا يجوز تصويرهن. كانت البداية فى محاولة البحث عن دعم مالى من قبل صناديق الإغاثة لكن الإجابة كانت متقطعة. يقول أبوعمر إن المشروع يتلخص فى تقديم وجبات سورية بحجز مسبق. القائمون على العمل سوريون تماماً. الوجبات المقدمة للسوريين والمصريين معاً لا بد أن تتبع بكلمات الدعم لسوريا مثل «الحرية لسوريا» أو «النصر للأحرار».
كافيتريا سورية فى منزل «ديفيد شارل سمحون»
فى شارع فؤاد بمحطة الرمل بعروس البحر المتوسط الإسكندرية، منزل عتيق، يُعرف فى البلدة بأنه يعود إلى الأكاديمية البحرية السكندرية، المكان عبارة عن «سنتر» يختص بتقديم «الكورسات» المكثفة لطلبة الطب البشرى وطب الأسنان، وتحضير الدراسات العليا. المكان فى الأصل هو بيت اليهودى رجل الأعمال ديفيد شارل سمحون، كان بداخله رجل مصرى يصنع الشاى والقهوة للطلبة والأساتذة. حتى كانت جلسة جمعت صاحب المكان، ورجلا سوريا، كان يعمل فى مطعم من المطاعم السورية المنتشرة بمنطقة سموحة، لتتحول نصبة الشاى، إلى كافيتريا كاملة تقدم المأكولات السورية والمشروبات أيضاً. «الوطن» قابلت شوكت الصرما، القائم على المكان، الذى يعمل فيه سوريان، يطهوان ساندوتشات الشاورما السورية. جاء شوكت، 36 عاماً، من سوريا منذ حوالى ستة أشهر، قادماً من تركيا، يعمل فى سوريا فى مجال الديكورات والمفروشات، لكنه لم يستطع فعل ذلك فى مصر. اختار الإسكندرية لكون بعض أصدقائه يقطنونها. يقول إنه طور المكان وأضاف إليه أشياء لم تكن موجودة من قبل. لم يتعرض لمضايقات من الطلبة، فقط بعض المناقشات السياسية، التى قد تكون حادة قليلاً. يرفض أن يكون بديلاً لمصرى، يؤكد أنه لا يقطع رزق أحدهم مهما كان. يهاجم المصريين الذين يتزوجون من سوريات، يرى فى ذلك استغلالا لوضع شعب عربى تعرض لويلات الحرب. كما أبدى دهشته من ارتفاع أسعار إيجارات الشقق فى مصر. وأشار إلى أن وجود السوريين بدلاً من المصريين فى كثير من الأعمال، يرجع إلى أن السورى يرضى بأى عمل ولديه إمكانية التكيف عكس المصرى، لافتاً إلى عدم اشتغاله بالطهى قبل النزوح إلى مصر.
عيادة أسنان سورية.. و«النقابة»: قانونية
صادفت «الوطن» عيادة سورية لطب الأسنان، للدكتور محمد هاشم السمان، بمنطقة 6 أكتوبر، ويقول إنه سجل عيادته فى نقابة أطباء الأسنان، وأخذ ترخيصاً مؤقتاً لفتحها، وأكد أن زبائنه تغلب عليهم الجنسية السورية، نظراً لطبيعة الجنسية المتشابهة. يعيش «السمان» فى مصر منذ 9 أشهر، وفتح العيادة منذ حوالى ثلاثة أشهر. يؤكد أنه لا يقابل مضايقات تذكر سوى مشاحنات سياسية عادية.
الدكتور محمد عبداللطيف، عضو مجلس نقابة الأسنان، قال إن السوريين يندرجون قانونياً تحت بند المعاملة بالمثل، ويحصلون على ترخيص بمزاولة المهنة سنوى، يجدد بمعرفة النقابة، وأشار إلى أن هناك عددا كبيرا الآن من الأطباء السوريين بمصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.