«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرزق يحب "العمالة السورية"
العمالة السورية فى مصر.. سواعد هاربة من جحيم الحرب الأهلية
نشر في الوطن يوم 23 - 06 - 2013

بينما يصدح صوت المؤذن بأذان الظهر من مسجد الحصرى، يبدأ إعداد فرشته، المكونة من كرتونة متهالكة، عليها لعب أطفال تُصدر أصواتاً تجذب الصغار، وتجبر والديهم على الشراء، ومحافظ ومشغولات جلدية، يرغب الكبار فى دفع النقود، يخشى الكاميرا، يقول إنه كان عزيزاً مكرماً يجلس فى المنزل فى دمشق، يذهب للمدرسة ويلهو مع الأطفال فى الشارع.
اسمه محمد، وكنيته «عباس»، يبلغ من العمر 14 عاماً، جاء إلى مصر منذ 8 شهور، هرباً من جحيم الحرب الأهلية فى سوريا، لديه أخ وأخت، قدمت الأسرة بالكامل إلى مصر، لا يعمل أبوه لتقدمه فى العمر، لكن أخاه يعمل فى سوبر ماركت. سنه الصغيرة لم تتح له فرصة عمل مناسبة، فسارع بافتراش الأرض قرب مسجد الحصرى، يبيع اللعب، قرب موقف السيارات المزدحم بالمواطنين.
زبائن محمد أغلبهم من السوريين، يقفون أمام فرشته، خاصةً السيدات، بحجابهن المميز الذى يغطى الذقن. يقول الصبى إنه يتعرض لمضايقات من الباعة المتجولين المصريين، خاصةً من هم فى مثل سنه، دائماً ما يخبرونه بأنه أخذ مكانهم، لكنه يرد عليهم بأنه جاء فوجد المكان خاليا، ففرش عليه فرشته. لكن السوريين يقدمون على الشراء، ولا يشعر بالشفقة من ناحيتهم، فهم أهله الذين يكرمونه. يشترى محمد بضاعته من رمسيس، يذهب بين الحين والآخر إلى هناك، لا يقابل جفاء من التجار، يعاملونه كالمصرى، فى البداية كان الأمر صعباً عليه، لكنه اعتاد الآن على وجوده أمام «النصبة» لثمانى ساعات يومياً، يعود بعدها كل يوم بقوت أسرته ليعينهم على العيش.
اختار 6 أكتوبر، لأنها أكثر المناطق فى مصر التى يسكن بها سوريون، وهى منطقة هادئة. يشعر فيها بأنه فى وطنه، فبدأ التحدث مع الزبائن باللهجة المصرية أكثر من السورية، لكى يستطيع التعامل مع الجمهور المصرى. أكثر ما يثير دهشة الصبى، هى المشاحنات التى يتعرض لها، ويحكى عن واقعة حدثت مع شخص حاول أخذ محفظة جلدية منه دون دفع ثمنها، وحين رفض، رفع عليه المطواة «المشاحنة فى سوريا آخرها عصا». أسوأ كلمة يسمعها محمد «إنتوا يا سوريين مليتوا البلد». يحلم الصبى كل يوم بالعودة إلى الوطن فى سوريا، واستكمال دراسته فى الصف الثانى الإعدادى.
شركات الصرافة تحول أموال السوريين بالدولار
تنتشر شركات الصرافة فى معظم أحياء مدينة 6 أكتوبر، خاصة الأول والثانى، فهما أكثر مناطق تمركز السوريين. فى ميدان الحصرى تمتلئ شركة النيل للصرافة بالسوريين، يأتون لاستبدال العملات بالمصرى، أغلبهم لا يستبدل الليرة (العملة السورية)، بل يستبدلون الدولار، بحسب محمد فريد، مدير شركة النيل للصرافة، الذى يقول «نسينا شكل المصريين»، ويؤكد أن أغلب من يتعامل مع الشركة الآن سوريون فحسب، ويقول «هذا الانتشار الكبير بدأ فى أكتوبر منذ حوالى 6 شهور، قبل تلك الفترة كان الوجود السورى متوسطاً، وعملية تحويل الأموال تجرى بتحويل الليرة السورية»، يقول مدير الشركة إنه تقدم للعمل لديه سوريون كثر، لكنه رفض ذلك، متعللاً بأن المصرى أولى بالعمل ولو كان ذلك يكلفه أكثر، ويؤكد أن البعض يُشّغل السوريين لأنهم يقنعون بمرتبات متواضعة، يرى فى ذلك استغلالا لظروف السوريين، يقول إن شركة الأميرة للصرافة تُشّغل عمالة سورية لديها لاستقطاب السوريين لاستبدال أموالهم.
السوريون يشترون محلات المصريين
استبدال المحلات، وتغيير نشاطها ظاهرة منتشرة الآن بكثافة فى مدينة 6 أكتوبر. مغسلة «مرحباً كلين»، أصبحت مطعم أكل الشاميات، وكبدة فهمى المصرية، باتت محلا لتقديم «شاورما سورية». فى محل هواتف محمولة يجلس أحمد السكرة وحيدا، لا يقبل عليه الزبائن، يشاهد التلفاز متململاً أو يخرج ليجلس أمام «الدكان» لعل أحدهم يأتى لصيانة هاتفه أو شراء كارت شحن. يقول إنه يعمل فى أكتوبر منذ أكثر من 15 عاماً، لكنه لم يقابل مثل هذه الحالة من قبل، حتى ساعة حرب العراق لم يوجد مثل هذا الوضع، بحسبه، يستاء من غلق المصريين لمحلاتهم واستبدال سوريين بها، يقول إن ذلك وبال عليهم، ويمنع الرزق عنهم، واصفاً أصحاب المحلات السورية بأنهم يمنعون تعيين المصريين لديهم، وهو الأمر الذى رصدته «الوطن» فى أغلب محلات ومطاعم 6 أكتوبر.
لا هواتف جديدة، فى محل أحمد (27 سنة)، بعد واقعة سرقة تعرض لها على يد سورى، حسب قوله، مضيفا أنه كان مشاركاً لشخص يدعى أبوسامر السورى، وفى صباح يوم، عقب شراكة دامت قرابة شهرين، حضر إلى المحل فلم يجد أى جهاز موجود بالمحل، ويؤكد أنه بحث عن شريكه فى مدينة 6 أكتوبر لكنه لم يعثر عليه، وحين حاول تقديم بلاغ لم يجد أنه يعرف كثيراً عن أبوسامر. يدخل رجل للمحل يعمل فى بنك القاهرة، يؤكد واقعة السطو التى جرت على محل أحمد، الذى يشكو وجود بعض محلات الهواتف المحمولة السورية، التى تعرض هواتف وصيانة بأثمان أقل من التى يقدمها أصحاب المحلات من المصريين.
«الشاورما السورية» جعلت محلات الكباب بلا زبائن
فى محل «عنتر» الكبابجى تتوقف حركة البيع، ويجلس محمد جميل على «الكاشير» دون أن ينقر على الشاشة أمامه بأى طلب جديد، ولا يتلقى أى اتصالات تطلب طعاماً إلا على فترات متباعدة. يعمل جميل فى المطعم منذ 3 سنوات، تنقل بين الفروع فى مناطق مختلفة، لكنه موجود فى فرع 6 أكتوبر منذ قرابة 6 أشهر. لاحظ «الكاشير» أنه فى بداية وجوده بأكتوبر كان السوريون يكثرون فى طلب الأكل، وأحياناً كان البعض لا يمتلك ثمن ما يأكل، فيذهب إلى إعطائهم الطعام شفقة عليهم، لكن الإقبال على المطعم الآن بات ضعيفاً. «بقى فيه صفوف كلها مطاعم سورية، بقوا أكتر من المصريين».
كان فى المطعم شابان سوريان يعملان معهما، اسمهما لؤى وعمر، لكنهما تركا المطعم منذ حوالى شهرين، ليعملا فى مطعم سورى، يصف «محمد» أسلوب كلام السوريين تغير الآن، وبدلاً من لهجة الانكسار فى الماضى، بات قويا الآن وبه مواجهة، على حد تعبيره، كما يبدى عجزه أمام أسعار الأطعمة السورية المنخفضة، وجودة طعامهم ويؤكد أنه لا يرفض وجود السوريين فى مصر بشكل كامل، لكنه ناقم على طريقة تعاملهم مع المصريين.
صاحب مطعم سورى: المصريون استغلونا
مطعم الشاميات هو أحد عشرات المطاعم السورية التى تصطف بجوار بعضها فى 6 أكتوبر، لصاحبه أبوطارق السورى (29 عاماً). العمالة الموجودة بالمطعم كلها سورية، يقول صاحب المطعم إنه اختار 6 أكتوبر لأنها منطقة عامرة بالسكان، ويرتاح السوريون فيها، حين قدم من سوريا منذ حوالى 7 شهور، لم يحط الرحال على مكتب سياحى، بل وجهه بعض الأصدقاء السوريين المنتشرين فى أكتوبر، وبعض الأموال التى هرب بها من بطش النظام السورى، قام من خلالها بفتح المطعم.
لا يجد «أبوطارق» غرابة فى أن كل العاملين بالمطعم ينتمون لسوريا، ويعتبر ذلك طبيعيا للغاية، وينفى أن يكون السوريون أخذوا مكان المصريين، ويقول إنه اشترى المكان من شخص مصرى بمحض إرادته، ويؤكد أن 90% من السوريين باتوا يعملون فى محلات سورية. لا يحب أن يعتبره البعض مغتصبا لعمالة مصرية أو حقوق عمال. ويقول «دخلنا على بلد غريبة، لازم نثبت وجودنا». ويضيف أن هناك كثيرا من المصريين يرفعون عليه أسعار المواد الغذائية التى يستخدمها فى الطهى. ويغضب «أبوطارق» من المصريين الذين يقولون إن السوريين أصبحوا سبباً فى ارتفاع إيجارات المساكن «مو إحنا اللى غلينا، المصرى هو اللى استغلنا ورفع الأسعار». أبرز المشكلات التى يواجهها صاحب المطعم السورى هى قلة الأمانة، حيث بات يخاف من السرقة والبلطجة بشكل مستمر. ولا يعترف بوجود السماسرة السوريين للشقق «كيف يسمسر على ابن بلده، لازم نقف مع بعض، لكن كدا بناكل لحم بعض». يتمنى العودة لسوريا فى أقرب فرصة «كل سورى يحلم بذلك» بحسب أبوطارق.
مدير فرع «كشرى التحرير»: السورى شكله حلو وواجهة للمكان
يلفت النظر أثناء الجلوس فى أحد أركان كشرى التحرير، تلك اللهجة الغريبة التى يتحدث بها بعض العاملين، وبعد التدقيق فى كلماتهم تجد أنهم سوريون، يرطنون بلهجة شامية. «الوطن» التقت محمد عليوة مدير الفرع، الذى قال إنه جرى الاستغناء عن كثير من العمالة المصرية، الذين لا يعطون العمل ما يعطيهم «عندهم لكاعة، وعنف فى التعامل». ويقول «عليوة» إن السوريين جاءوا تحت ضغط الحصول على أموال لسداد الإيجارات والصرف على أسرهم. ويؤكد أن هناك بعض السوريين الذين يقبلون بأن يعملوا أوقاتا إضافية للحصول على مزيد من المال.
لا يرى مدير الفرع فى ذلك إساءة للمصريين، ويؤكد أن السورى «شكله حلو وبيدى واجهة للمكان وبيشتغل كتير». ويشير إلى أن الأمر لا يخلو من مشاكل، وأحيانا يوجه بعض الزبائن إهانات للعاملين السوريين، وتحدث مشاحنات تتطور لاشتباك بالأيدى. ويقول إن مساعد مدير الشركة الأم، واسمها «السعيد لإدارة وتشغيل المطاعم»، شخص سورى.
أحد العمال السوريين وائل الصياح، (14 عاماً)، وظيفته تنظيف الطاولات. كان يعمل فى صناعة الحقائب فى سوريا، ويقول إنه سعيد فى العمل بمحل الكشرى، من أجل الإنفاق على أسرته، والجميع يعامله باحترام.
حلاق سورى: زبائنى من أبناء بلدى أكثر من المصريين
بجوار مخبز سورى، يوجد محل «ماهر» (40 عاماً)، للحلاقة، الذى ما إن استقر فى مصر منذ 4 شهور فقط، حتى بدأ تأسيس محله، المكان واسع ومكيف، ملىء بالزبائن من السوريين. يمتهن ماهر الحلاقة منذ 30 عاماً، فى سوريا كان لديه محله الخاص. وعندما وصل مصر ذهب إلى مجموعة من أصحابه، الذين نصحوه بأن يفتح المحل، نظراً للوجود السورى الكبير، ويقول إن زبائنه أغلبهم سوريون، لكن على الرغم من ذلك يقصده بعض المصريين، الذين يقولون إن أسعاره زهيدة «المحلوق بيستريح للشخص حتى لو كان كورى».
استقر ماهر فى مدينة 6 أكتوبر هو وأسرته، غاضب من عدم الاهتمام المصرى والعربى بالقضية السورية، ويقول إن الناس فى سوريا تموت وهناك حالات اعتقالات وقصف، ورغم ذلك هناك احتفالات وفرجة من العالم كله، بحسب ماهر، الذى يصف الشهداء بأنهم مجرد أرقام. اختار 6 أكتوبر لأنها معقل السوريين، ويعمل فى المكان سوريون فقط، قطعت الكهرباء فأخرج ماهر ومساعده ماكينات مشحونة وأكمل الحلاقة لزبائنه. يتحدث الموجودون فى المكان عن معاناتهم داخل مصر، حيث بدأت أسعار إيجار الشقق ترتفع. «هلأ أتعس شقة صار إيجارها ألف جنيه». ويعبر «ماهر» عن استيائه من وجود مصريين لا يرغبون فى وجوده، ويعلنون له ذلك صراحة. مؤكدا أن الوضع لو تحسن فى سوريا، سيعود على الفور. يحاول الحلاق الذهاب إلى دول مثل لبنان والأردن والعراق، لكن تلك البلاد لفظته خارجها. يشكر المصريين على حسن استضافتهم، ويتمنى أن يزيل المصريون من أذهانهم أنهم جاءوا ليأخذوا أماكنهم.
«مطلوب للعمل».. يُفضل السوريين
كثيرة هى الإعلانات المنشورة بالصحف والمواقع التى باتت تفضل السوريين، فى بعض الأعمال بمصر، مثل الإعلان المكتوب فيه: «مطلوب آنسات - ذوى خبرة بأعمال الكوافير يشترط الخبرة ويفضل سوريات ويشترط المظهر واللباقة. 7 ش الشهيد عوض حجازى سيدى بشر ترام» ومذكور رقم الهاتف بالإعلان. وفى أحد المواقع الخاصة بالتوظيف، تطلب شركة خاصة بتجارة الأخشاب اسمها «ABCO»، سكرتيرة، يفضل كذلك أن تكون سورية.
فى محلات وسط البلد أيضاً بدأ زحف السوريات بحثا عن فرص عمل فى بيع الملابس، كما توجد محلات اشتراها سوريون مثل «فرفشة» و«بهاء مكى»، وأخرى فى طلعت حرب وقصر النيل. شادى بهاء مكى، «35 عاماً»، يقول إن أخواله مصريون، ولا يستشعر غربة فى المكان. «مكى» فى سوريا يمتلك محلا للملابس أيضاً، ويقول إن أذواق الزبائن فى الملابس لا تختلف بين مصرى وسورى، خاصةً أن المنتج الآن فى سوق الملابس دائماً ما يكون تركيا. مالكا المكان سوريان، والعمالة تنقسم بين سورى ومصرى. يقول إن الأمر ليس بيديه فى أسعارهم المنخفضة، وإن سوق البيع متنوعة بين مشترين مصريين وسوريين. بينما فى محل فرفشة، الكائن بشارع قصر النيل وينقسم لدورين، فإن العاملين بالمحل جميعهم من السوريين.
(ش. س) رفض نشر اسمه، رفض تصوير المحل، ويقول إنه جاء إلى مصر منذ شهر تقريباً، يسكن التجمع الأول ولا يشعر بغربة على الإطلاق فى مصر، يقول إنه وقف فى كمين منذ أسبوعين، ولم تكن لديه أوراق هوية، لكن الضابط لم يحاسبه، وسمح له بالعبور. لم يجئ عبر مكتب سياحى، لكن من خلال الأصدقاء. لا يرى المحاسب بمحل الملابس أن هناك استبدالا سوريا بالمصريين، حيث يقول إن المبيعات كلها تضخ فى عجلة الاقتصاد المصرى.
لسنا لاجئات.. بل منتجات
غضبهن من انحسار أخبار السوريين فى مصر من الزواج من سيداتهم، أكثر ما دفعهن لتقديم ذلك المشروع، الذين سمينه «لسنا لاجئات بل منتجات». المشروع يبدأ من المنازل التى تعد الطعام، من خلال مجموعة من السيدات، اللواتى جئن من إدلب بسوريا، ونزحن للسلوم لمدة عشرين يوماً، ثم جئن إلى الإسكندرية ثم من خلال كشك صغير فى منطقة العصافرة بالإسكندرية، تتجمع الوجبات التى تذهب للمنازل بعد ذلك. يرد على الهاتف المنوط بالطلبات أبوعمر الذى جاء وأسرته، واتحد مع أسر عديدة فى تقديم المشروع. يرفض حتى تصوير المشروع، حيث يقول إنهن سيدات يعملن لا يجوز تصويرهن. كانت البداية فى محاولة البحث عن دعم مالى من قبل صناديق الإغاثة لكن الإجابة كانت متقطعة. يقول أبوعمر إن المشروع يتلخص فى تقديم وجبات سورية بحجز مسبق. القائمون على العمل سوريون تماماً. الوجبات المقدمة للسوريين والمصريين معاً لا بد أن تتبع بكلمات الدعم لسوريا مثل «الحرية لسوريا» أو «النصر للأحرار».
كافيتريا سورية فى منزل «ديفيد شارل سمحون»
فى شارع فؤاد بمحطة الرمل بعروس البحر المتوسط الإسكندرية، منزل عتيق، يُعرف فى البلدة بأنه يعود إلى الأكاديمية البحرية السكندرية، المكان عبارة عن «سنتر» يختص بتقديم «الكورسات» المكثفة لطلبة الطب البشرى وطب الأسنان، وتحضير الدراسات العليا. المكان فى الأصل هو بيت اليهودى رجل الأعمال ديفيد شارل سمحون، كان بداخله رجل مصرى يصنع الشاى والقهوة للطلبة والأساتذة. حتى كانت جلسة جمعت صاحب المكان، ورجلا سوريا، كان يعمل فى مطعم من المطاعم السورية المنتشرة بمنطقة سموحة، لتتحول نصبة الشاى، إلى كافيتريا كاملة تقدم المأكولات السورية والمشروبات أيضاً. «الوطن» قابلت شوكت الصرما، القائم على المكان، الذى يعمل فيه سوريان، يطهوان ساندوتشات الشاورما السورية. جاء شوكت، 36 عاماً، من سوريا منذ حوالى ستة أشهر، قادماً من تركيا، يعمل فى سوريا فى مجال الديكورات والمفروشات، لكنه لم يستطع فعل ذلك فى مصر. اختار الإسكندرية لكون بعض أصدقائه يقطنونها. يقول إنه طور المكان وأضاف إليه أشياء لم تكن موجودة من قبل. لم يتعرض لمضايقات من الطلبة، فقط بعض المناقشات السياسية، التى قد تكون حادة قليلاً. يرفض أن يكون بديلاً لمصرى، يؤكد أنه لا يقطع رزق أحدهم مهما كان. يهاجم المصريين الذين يتزوجون من سوريات، يرى فى ذلك استغلالا لوضع شعب عربى تعرض لويلات الحرب. كما أبدى دهشته من ارتفاع أسعار إيجارات الشقق فى مصر. وأشار إلى أن وجود السوريين بدلاً من المصريين فى كثير من الأعمال، يرجع إلى أن السورى يرضى بأى عمل ولديه إمكانية التكيف عكس المصرى، لافتاً إلى عدم اشتغاله بالطهى قبل النزوح إلى مصر.
عيادة أسنان سورية.. و«النقابة»: قانونية
صادفت «الوطن» عيادة سورية لطب الأسنان، للدكتور محمد هاشم السمان، بمنطقة 6 أكتوبر، ويقول إنه سجل عيادته فى نقابة أطباء الأسنان، وأخذ ترخيصاً مؤقتاً لفتحها، وأكد أن زبائنه تغلب عليهم الجنسية السورية، نظراً لطبيعة الجنسية المتشابهة. يعيش «السمان» فى مصر منذ 9 أشهر، وفتح العيادة منذ حوالى ثلاثة أشهر. يؤكد أنه لا يقابل مضايقات تذكر سوى مشاحنات سياسية عادية.
الدكتور محمد عبداللطيف، عضو مجلس نقابة الأسنان، قال إن السوريين يندرجون قانونياً تحت بند المعاملة بالمثل، ويحصلون على ترخيص بمزاولة المهنة سنوى، يجدد بمعرفة النقابة، وأشار إلى أن هناك عددا كبيرا الآن من الأطباء السوريين بمصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.